شينزو ابي رئيس الوزراء الياباني السابق.. وداعا

 
* الكاتب رئيس الجمعية الاكاديمية اليابانية 


صدم العالم اليوم بخبر اغتيال شينزو ابي رئيس الوزراء السابق لليابان وكان اثر وقع الخبر عظيم على محبي السيد ابي والشعب الياباني هذا البلد الامن الذي يرفض كل مظاهر العنف والارهاب ، حتى ابي نفسه  كان دائما نصيرا للسلام رافضا للارهاب .

ويعتبر السيد ابي اطول رئيس وزراء يحكم من خلال الحزب الذي ينتمي اليه (الحزب الديمقراطي الليبرالي وهو الحزب الحاكم)  والتي استمرت الى ما يقارب من ثمان سنوات شهدت فترته عدة احداث اهمها تنحني الامبراطور اكيهيتو وتولي الامبراطور ناروهيتو وهي من الظروف الاستثنائية التي قلما تحدث في اليابان فعاصر امبراطورين خلال حقبته، كما ان مهمة تعديل الدستور طغت بشكل عام على فترة حكمه والتي كادت ان تفقده منصبه لما عاناه من معارضة قوية ،  ومع كل هذا لم يستطع الرئيس ابي تعديل الدستور فقد اشار في خطابه له "معرباً عن أسفه وألمه بسبب فشله في تعديل الدستور" . وإنه يشعر بالقلق خاصة تجاه النص الدستوري "الذي يمنع اليابان من الحفاظ على القوات البرية والبحرية والجوية"، ويعتبر أن ذلك متناقض مع وجود قوات الدفاع الذاتي في البلاد –الذي اغتاله متقاعد من قوات الدفاع الذاتي-. 

وفعليا في حال تم تعديل الدستور سوف يكون لليابان جيشا يدافع عنه بدل من جيش يحمي نفسه كما اشار ابي الى ذلك والذي يعتبره كثير من اليابانيين ببساطة وداعا لدستور السلام ، والشعب لا يريد ان ينخرط في الحروب بعد الم ووجع الحرب العالمية الثانية. وعلى الرغم من مما  بذله السيد ابي في دعم جيش الدفاع الذاتي وتحويله الى جيش فعلي  الا ان نهايته كان على يد احد افراده المتقاعدين الذي قام باغتياله لاسباب شخصية محضة وبدافع شخصي باله صنعها يدويا لهذه الغاية وعلى الرغم ان السيد ابي كان يحظى بحراسة شخصية الا ان القاتل استغل ثغرة خلفية اثناء القاءه خطاب التحضير للانتخابات في مدينة نارا بالقرب من محطة القطار واطلق رصاصه من الخلف لتصيب السيد ابي من الخلف كما بين في الفيديو الذي بثه التلفزيون الياباني منهيا بذلك حياة رئيس الوزراء الاسبق من خيرة وافضل من حكم اليابان .

والسيد ابي كان له مواقف مشرفة في منطقة الشرق الاوسط  فزارها  ثلاث مرات اثناء حكمه منها دولة الامارات العربية والسعودية وسلطنة عمان ومصر والاردن وايران كلها زيارات كانت دعما لاستقرار . والاردن حظي بزيارتين الاولى في في( 17 من كانون ثاني 2015  ) والثانية في ( 30 نيسان 2018)، لدعم الاردن سياسيا واقتصاديا ونبذ الارهاب والتطرف .

وعرف عنه ان الرئيس ابي كان دائما شعلة من الحيوية والعمل حتى التفاني لدرجة انه لم يكن  يحظى باي اجازة رسمية ولعل هذا هو السبب وراء التدهور الصحي الذي عاناه نتيجة الارهاق والتعب  وكما برع السيد ابي في المجال الدبلوماسي فلم يفته الى ان يلعب دورا كبيرا في انقاذ الاقتصاد الياباني من الهبوط والتهاوي اذ قام بسلسلة من التدابير الاقتصادية المعروفة بشكل غير رسمي باسم "أبي نوميكس" - والتي يمكن ترجمتها - بالسياسة النقدية، والحوافز المالية والإصلاحات الهيكلية – والتي تهدف الى تعزيز الاقتصاد الياباني والتعافي من الركود منذ فترة طويلة. وقد عززت التدابير في البداية الى نمو الناتج المحلي الإجمالي في عام 2013 .

حاول السيد ابي انقاذ بلاده من اسوأ كارثة اقتصادية بعد الحرب العالمية الثانية اثناء جائحة كورونا باقرار حزم اقتصادية لمنع السوق المحلي من الانهيار اذ وافق مجلس الوزراء على صرف اكبر تحفيز مالي واقتصادي في تاريخ اليابان بقيمة 990.2 مليار دولار، لمواجهات تبعات تفشي فيروس كورونا بحيث تشمل الحزمة معونات نقدية للأسر والشركات الصغيرة، وتأجيل دفع الضرائب فعلى الرغم من النقد الذي تلقاه الرئيس ابي في كيفية التعامل مع منع نشر الوباء الا ان رؤيته الاقتصادية ساهمت في منع الانهيار الاقتصادي الياباني.

حاول السيد ابي ايضا اقصاء اليابان عن النزاعات الاقليمية السياسيى مع الدول المجاوة لليابان ولعل ابرزها ما حدث مع الصين وكوريا الجنوبية والنزاع الدائم مع كوريا الشمالية فقد استطاع امتصاص الهجمات الكورية الشمالية للصواريخ التي كان يطلقها الزعيم الكوري الشمالي وكذلك التهدئة مع كوريا الجنوبية بخصوص النزاع على جزر تاكيشيما مع الصين وكذلك النزاع على جزر سنكاكو مع كورياالجنوبية ، دون اللجوء الى اي تصعيد وبهدوء تمت السيطرة على هذه النزاعات دون تكبيد اليابان اي تهورات سياسية .

ان ما قدمه السيد ابي هو حقا من الانجازات الخارقة خلال الحقبة التي مارس بها سلطاته فقد كان فعلا رسول سلام في معظم المناطق الملتهبة بالحروب وعدم الاستقرار ولعب دورا كبيرا في دعم الشرق الاوسط ، انه فعلا ليعتبر المنقذ الحقيقي لليابان بشكل عام ، رحل السيد اليوم عن عمر ناهز 67 في سجل يفتخر به في تاريخ اليابان الحديث على مختلف الاصعدة السياسية والاقتصادية الدبوماسية  رحمه الله وخالص العزاء الى الشعب الياياني والدعاء الى الله ان ينعم دائما بالسلام والمحبة.