الملك عن ناتو الشرق الاوسط: مسألة معقدة ان لم تحدد ماهيتها واهدافها

الملك: الأردن أطلق رؤية التحديث الاقتصادي للتخطيط للأعوام المقبلة والاستفادة من الفرص المتاحة.
الملك: الأردن يمتلك فرصا ليكون مركزا لمصادر الطاقة البديلة وتعزيز الأمن الغذائي في الإقليم.
الملك: الأحلاف مسألة معقدة وينبغي أن تكون مهمتها واضحة وإلا ستربك الجميع.
الملك: زيارة الرئيس الأميركي للمنطقة ستساهم في النظر في كيفية تسريع المشاريع الإقليمية.
الملك يعيد التأكيد على مركزية القضية الفلسطينية.


بثت قناة "سي إن بي سي" الاقتصادية الأمريكية، اليوم الجمعة، مقابلة مع جلالة الملك عبدالله الثاني، كانت قد أجرتها الإعلامية هادلي غامبل أخيرا، ضمن برنامج لتسليط الضوء على القطاعات الاقتصادية في الأردن.

وتحدث جلالته في المقابلة عن رؤية التحديث الاقتصادي التي أطلقها الأردن للسنوات العشر المقبلة، بهدف الاستمرار بالتعافي من آثار جائحة "كورونا" والتخطيط للأعوام المقبلة للاستفادة من الفرص المتوفرة في المملكة، خاصة في ظل تبعات الأزمة الأوكرانية.

كما تناول جلالة الملك عددا من القضايا الإقليمية والعالمية وأثرها على الأردن والمنطقة، وأشار في إجابته عن سؤال حول الحاجة لحلف مثل الناتو للشرق الأوسط، إلى أن الأحلاف مسألة معقدة إذا لم يتم تحديد ماهيتها ومهامها الأساسية، مؤكدا ضرورة مراعاة الارتباطات الأخرى مع دول العالم والوصول إلى الصيغة المناسبة لتكون مهمة التحالف واضحة جدا، وإلا ستربك الجميع.

وفي حديثه عن رؤية التحديث الاقتصادي، شدد جلالته على ضرورة العمل على تعزيز قدرة القطاع الخاص على استيعاب أعداد الأردنيين الباحثين عن العمل، وذلك من خلال الاستثمار في الميزات التي تمتلكها المملكة، قائلا "الأردن، بحكم موقعه الجغرافي، لطالما كان مركزا للقطاعات وموقعا يوفر الخدمات المساندة للأعمال في دول الخليج العربي. وأعتقد أنه بإمكاننا تعزيز مكانتنا لنصبح وجهة رئيسة لتقديم الخدمات في قطاعات عديدة".

ولفت جلالة الملك إلى استقرار المملكة كأحد مكامن قوتها على مدار العقود الماضية، وقدرتها في الآونة الأخيرة على مواجهة جائحة "كورونا" والتعامل مع تحديات أمن الغذاء والتطورات الإقليمية.

وأضاف جلالته: "عندما ننظر إلى الأردن على مدار التاريخ، نرى أن المستثمرين كانوا دوما مرتاحين جدا بالنسبة لاستقرار المملكة، الذي لطالما كان العامل الأكثر أهمية في تشجيع الاستثمار".

كما أكد جلالة الملك أهمية تلازم مسارات التحديث السياسي والاقتصادي والإداري، لافتا إلى أنه لا يمكن تحقيق أحد المسارات دون الآخر.

وتابع جلالته: "جانب التحديث الإداري سيكون على الأغلب التحدي الأكثر صعوبة على المدى الطويل، وهو أمر تواجهه مختلف دول العالم. لكن لا يمكننا أن نحقق الأهداف التي وضعناها دون الإصلاح الإداري"، الذي له دور أيضا في مكافحة الفساد.

وفيما يتعلق بمسار التحديث السياسي، تحدث جلالة الملك عن أهمية تعزيز الثقة بالأحزاب السياسية وتشجيع الشباب على الانخراط في الحياة الحزبية، مؤكدا أهمية دور الشباب في تعزيز الديمقراطية في الأردن، وضرورة أن يتمكن الأفراد من التعبير عن آرائهم بحس من المسؤولية.

وفي رده على سؤال حول أثر الأزمة في أوكرانيا على المنطقة، لفت جلالته إلى تداعياتها على الأمن الغذائي، مبينا أنه تحد بدأ مع الجائحة ويتفاقم الآن بفعل هذه الأزمة، إضافة إلى أثرها على أسعار السلع الأساسية.

وفيما يتعلق بالأمن الغذائي، أشار جلالة الملك إلى أن مخزون القمح والشعير في الأردن يكفي 15 شهرا، الأمر الذي يوفر المنعة والمرونة للمملكة، مؤكدا ضرورة العمل بشكل مشترك بين دول المنطقة لتشكيل مجموعات للمنعة الإقليمية لضمان التصدي على المدى الطويل لمتطلبات الأمن الغذائي.

وتحدث جلالته عن الحوار الذي تجريه دول المنطقة حول إمكانية بناء رؤية جديدة للإقليم، وكيفية وضع السياسة جانبا والنظر إلى الفرص الاقتصادية كسبيل لكسر الحواجز، قائلا "أعتقد أن المشاريع الإقليمية هي الكلمة المفتاحية للمستقبل" بهدف توفير فرص العمل وحياة أفضل للجميع.

ومن الناحية الجغرافية، لفت جلالة الملك إلى أن الأردن في مقدمة الكثير من المشاريع الإقليمية، مشيرا إلى استقرار المملكة ومنعتها كمقومات يمكن الاستفادة منها لخدمة البلدان الأخرى في المنطقة، بهدف تحقيق مصالح جميع الأطراف.

وفي حديثه عن تحديات الطاقة والمياه واللاجئين التي يواجهها الأردن، أشار جلالته إلى الفرص التي توفرها المملكة كمركز رئيسي لمصادر الطاقة البديلة، والفرص التي تتطلع للبناء عليها في الزراعة، والعمل مع الشركاء في المنطقة لتعزيز أمنهم الغذائي.

وأكد جلالة الملك أن على المشاريع الإقليمية توفير الفرص للجميع، لكن إذا كانت إحدى دول المنطقة تواجه التحديات، فإن ذلك سيعطّل هذه المشاريع، معربا عن تطلعه لرؤية توجه جديد في المنطقة، نحو التواصل والعمل بتشاركية بشكل أكبر، والنظر في إمكانية شمول جميع الأطراف في هذه المشاريع.

وفي معرض إجابته عن سؤال حول دور إيران، قال جلالته إن طهران "قد تتساءل عن مكانها في هذه المشاريع الإقليمية"، مما قد يطرح السؤال عن إمكانية وضع الخلافات السياسية جانبا لخدمة شعوب المنطقة.

وبين جلالة الملك، في رد على سؤال حول زيارة الرئيس الأميركي جو بايدن إلى المنطقة خلال الشهر الحالي، أن الزيارة قد تساهم بشكل إيجابي في النظر في كيفية تسريع المشاريع الإقليمية، وأن إحدى الرسائل التي من المتوقع أن يوجهها الرئيس للمنطقة هي "اعتمدوا على أوروبا والولايات المتحدة" وأن الغرب سينخرط بشكل فاعل في الإقليم.

كما أعاد جلالته التأكيد على مركزية القضية الفلسطينية وأن الحل الوحيد هو حل الدولتين، محذرا من أن غياب الحوار بين الطرفين سيولد المخاوف ويتسبب بانعدام الاستقرار في المنطقة، الأمر الذي سيؤثر على المشاريع الإقليمية.

وشدد جلالة الملك على أنه لا يمكن تحقيق التقدم في حل الصراع الفلسطيني الإسرائيلي دون المظلة الأميركية، لكن هنالك الكثير من الجهود المطلوبة من دول المنطقة، ومن الفلسطينيين والإسرائيليين، قبل أن يأتي الدور الأميركي الضروري لإحداث الفرق والعبور إلى خط النهاية.

وتناول جلالته، خلال المقابلة، الانعكاسات الإقليمية للأزمة الأوكرانية، خاصة أثرها على انخفاض الوجود الروسي في سوريا، والذي كان يعد عامل تهدئة بالنسبة للمنطقة الحدودية مع الأردن، بينما الآن تواجه المملكة تهديدات من المليشيات على الحدود مثل تهريب المخدرات والأسلحة، فضلا عن التحدي المتمثل بعودة تنظيم داعش الإرهابي.

وتحدث جلالة الملك عن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، بحكم معرفته به منذ أكثر من عقدين، قائلا "من المؤكد أنه شخص وطني جدا ويؤمن بعظمة روسيا ومحاط بفريق قوي. وفي نهاية المطاف، كنا جميعا نأمل ألا تحدث هذه الأزمة، لكن هذا واقع الأمر الآن، ونحن نتعامل مع هذه الأزمة، التي قد تطول دون انتصار أي جانب".

وحذر جلالته من أن تداعيات الأزمة الأوكرانية لن تقتصر على أوروبا، بل ستمتد إلى العالم بأسره، مشيرا إلى أن المطلوب هو إيجاد فرصة للمبادرة بالسعي لتحقيق السلام على أساس من الاحترام المتبادل.