"تويتر" تواجه مستقبلاً غامضاً بعد انسحاب إيلون ماسك من صفقة شرائها
تترقّب منصة "#تويتر" بقلق نتيجة الدعوى القضائيّة التي رفعتها على #إيلون ماسك لإجباره على الالتزام بالاتفاق المبرم بينهما والذي تعهّد الملياردير بموجبه بشراء المنصّة مقابل 44 مليار دولار قبل أن ينسحب من الصفقة. فبَين موظّفيها القلقين والمعلنين المتردّدين وإدارتها المقيّدة، تجد المنصة نفسها قبل أيّام قليلة من أول جلسة قضائيّة في وضع صعب.
قال مهندس يعمل لدى موقع التواصل الاجتماعي لوكالة "فرانس برس"، طالباً عدم الكشف عن اسمه: "أفضل نتيجة بالنسبة لي ستكون إذا ترَكَنا وشأننا، كي نمضي في سبيلنا". وكشف عن مغادرة موظّفين و"أجواء قلق لا تترك أحداً في حالة ذهنيّة هادئة".
وأضاف: "ما زلنا نحاول القيام بعملنا بصورة طبيعيّة لأنّ الأسباب التي تدفعنا للعمل لدى (تويتر) لا تزال قائمة".
لكن لم يكن هناك أيّ شيء طبيعيّ بالأساس في العرض الذي قدّمه ماسك وتراجع عنه في وقت لاحق قائلاً إنّ إدارة المنصّة لم تُقدّم معلومات جديرة بالثقة حول عدد الحسابات المزيّفة على الشبكة. وهو بعد ذلك انتقد الشبكة، بما في ذلك على منصّتها، في تغريدات تسخر من مجلس إدارتها.
قال محامو "تويتر" في الدعوى التي قدّموها هذا الأسبوع إنّ "استخفاف ماسك المتكرّر بـ(تويتر) وموظّفيها يخلق حالة من القلق (...) تُلحق الضرر بـ(تويتر) وبالمساهمين فيها".
وأضافوا أنّ تعليقات الملياردير "تعرّض (تويتر) أيضاً لتداعيات سلبيّة تطال عمليّاتها التجاريّة وموظّفيها وأسعار أسهمها".
وحدّد قاضً موعدا للجلسة الأولى الثلثاء في ولاية ديلاوير، شرق الولايات المتحدة.
عائدات إعلانات ضعيفة
قالت المحلّلة لدى "إيماركتر" (eMarketer) ديبرا وليامسون لوكالة "فرانس برس" إنّ "منصّة (تويتر) تواجه أزمة كبيرة في ما يتعلّق بصورتها بينما تتراجع الثقة في قيادتها". وأضافت: "لكن من غير الواضح ما إذا كان الوضع المتعلّق بماسك أثّر على عائداتها".
ورأت أنّ المُعلنين الأكثر وفاءً بقوا إلى جانبها على الأرجح، لكن أولئك الأقلّ التزاماً بـ"تويتر" قد يكونوا قلّصوا إنفاقهم على الإعلانات بانتظار النتيجة النهائيّة.
بدوره، يعتقد رئيس مجموعة المراقبة "ميديا ماترز" (Media Matters) أنجيلو كاروسون أنّ الضرر حصل بالفعل لأنّ ماسك دأب على انتقاد إدارة المحتوى.
وبينما تتمّ محاربة الكراهية والمعلومات المضلّلة في الداخل على نطاق واسع، يبذل عدد من المعلنين جهوداً في هذا الصدد، سعياً لمنع ارتباط علاماتهم التجارية برسائل مسيئة.
وقال كاروسون إنّه في أوائل أيار، وخلال فعاليّة تسويق سنويّة تتفاوض فيها الشركات على صفقات إعلانيّة كبيرة، لم تكن "تويتر" "قادرة على تقديم أيّ وضوح أو ثقة للمعلنين" بأنّها ستبقى موقعاً آمناً لعرض إعلاناتهم.
وأضاف: "كانت أرقام مبيعاتهم بعيدة جدّاً عمّا يحقّقونه عادة في تلك الفعاليّات، ومن الواضح أنّ الطلب لا يزال بطيئاً منذ ذلك الحين".
ولا يمكن لمنصة التواصل الاجتماعي التي تتخذ من سان فرانسيسكو مقرّاً، تكبّد خسارة زبائن. وبعكس عمالقة مثل مجموعة "ميتا"، الشركة الأم لـ"غوغل" و"فايسبوك"، والتي تُهيمن على الإعلانات الإلكترونيّة وسجلت أرباحاً بمليارات الدولارات، خسرت "تويتر" مئات ملايين الدولارات في 2020 و2021.
وستحصل "تويتر" على أقلّ من واحد بالمئة من عائدات الإعلانات العالميّة في 2022، بحسب "إيماركتر"، مقارنة بـ12,5 بالمئة لـ"فايسبوك" و9 بالمئة لـ"إنستاغرام" ونحو 2 بالمئة للمنصّة الصاعدة "تيك توك".
علاوة على ذلك، من غير المتوقّع أن تُسجّل قاعدة مستخدمي "تويتر" نموّاً يُذكر، بل قد تتقلّص في الولايات المتحدة، وفق وليامسون المحلل في "إيماركتر".
"لا ردّ مفيداً من تويتر"
أثار ماسك شهيّة المستثمرين المحتملين بحديثه السابق عن نمو العائدات بخمسة أضعاف ووصول عدد المستخدمين إلى المليار بحلول 2028.
وبدلاً من ذلك، ترتسم معالم معركة قضائيّة "تنتهي إمّا بامتلاك (تويتر) من جانب مستثمر ممتعض قرّر في نهاية المطاف أنّه لا يريدها، أو أن تترك (تويتر) وشأنها وتكون أضعف ممّا كانت عليه قبل أن يبدأ كلّ هذا"، وفق وليامسون.
ويُتوقّع أن تستمر المعركة لأشهر وفي وقت تتواصل الرياح الاقتصاديّة المعاكسة وتجد الشركات تفسها مرغمة على تحقيق الدخل من تنسيقات صوتيّة ومرئيّة جديدة وتنويع مصادر الدخل وجذب جمهور أصغر سنّاً.
وقال كاروسون: "بإمكان (فايسبوك) على الأقلّ مواجهة تهديدات حاليّة، وحتى إن كان ردّها ضعيفاً إلّا أنّها قادرة على الردّ". وأضاف: "ما لا تستطيع (تويتر) القيام به الآن هو الردّ بشكل مفيد على أيّ شيء".
حمّل محامو الشبكة الاجتماعيّة إيلون ماسك مسؤوليّة رفض الموافقة على برنامجَين للاحتفاظ بموظّفين "صُمّما للحفاظ على أفضل المواهب المختارة خلال فترة غموض شديد نجمت بشكل أساسيّ عن سلوك ماسك المتقلّب".
داخلياً، فَقَدَ بعض الموظّفين أيضاً الثقة بالإدارة التي كانوا يودّون أن تتّخذ موقفاً أكثر صلابة في التعامل مع أثرى رجل في العالم.
وذهب المحلّل الماليّ في "تويتر" باركر لايونز إلى حدّ التغريد بعدد من صور "الميم" الساخرة مستهدفاً مجلس إدارة الشركة بسبب صفقتها مع ماسك.
وفي إحدى التغريدات، يظهر مجلس الإدارة وهو يُطلق الأعيرة على "تويتر" فوق تعليق ساخر يقول: "من كان بوسعه أن يفعل هذا؟".