وَطَنـي إذا ناجَيتُــهُ
العُمْرُ يَمضي والأَماني تَشرُدُ
والعَــزمُ بَينهما يَشِـبُّ وَيَبـرُدُ
والعَزمُ تُذكيهِ النُّفوسُ إِذا سَمَتْ
غاياتُهـا وإذا استكانَتْ تَفسُــدُ
ما حَرَّرَتْ يَوماً شُعوبٌ نَفسَها
إلا إِذا هـاجَــتْ كَـبَحــرٍ يُزبِــدُ
ومِنَ الدَناءَةِ أَن تَرى وَطَنَ الجُدودِ
يَغوصُ في وَحلِ الفَسادِ فَتَقعُدُ
ماذا سَتُبقي في بَنيكَ سوى المَذلَّةَ
تَرتَوي بِدمائِهِــمْ أَو تولَــدُ
مَنْ لا يَرى في يَومِهِ ماذا غَدَاً
هُوَ أَحمَقٌ أَو أَكْمَــهٌ أَو أَرمَــدُ
كَالثَّورِ في مَجرى المَسيلِ يَظُنُّ أَنَّ
عُبابَـهُ لَمّا آلتَوى لا يُقصَــدُ
لا البَغـيُ يَبقى لَيلُهُ كَـلّا وَلا
سُلطانُهُ مَهما تعالى سَرمَـدُ
كَمْ مِنْ مُلوكٍ قَد تَعاظَمَ مُلكُهُمْ
فَانهارَ حينَ تَجَبَّروا أَو أَفسَدوا
إِنّا بأَعيُنِنـــا رَأَينـا غَدرَهَــمْ
مـا أَنبَأَتنـا جِنَّـةٌ أَو هُدهُــدُ
وَلَقَد تَعامَينا وَعُمِّينا فَلا
هُمْ يَستَحونَ وَلا أَخافَتهُمْ يَدُ
إِنْ يَركَنوا لِقَبولِ أَسيادٍ لَهُمْ
فَسَيَعلمونَ بأَنَّ شَعبي السَيِّدُ
رَقَدَ الأُباةُ عَنِ الدِّيارِ فَصُفِّدوا
في كَهفِ مَرقَدِهم وطالَ المَرقَدُ
والبَعضُ أَعجَبَهُ النِفاقُ وعُشبُهُ
مِثلُ الشِّيـاهِ أَتى بِهِـنَّ المِـذوَدُ
وأَبو الشِياهِ مُنَعّمٌ في قَصرِهِ
مِن خَيرها وعَنائِها يَتَبَغدَدُ
قد قالَ أَكَذَبُهُمْ: "أَمانيكُمْ غَداً"
يا بُؤسَنا! حَتماً سَيسحَقُنا الغَدُ
إِنَّ الأُسـودَ إِذا أَطالَـتْ نَومَهـا
فَالكَلبُ في ساحاتِها يَستَأَسِدُ
وَإِذا تَخاذَلت الرِّجالُ عَنِ العُـلا
أَدمى كَرامَتَهُـمْ وَضيــعٌ أَمــرَدُ
ما بالُ أَبناءِ الأَماجِدِ نُوَّمٌ
لا يَنتَخيها ماجِدٌ أَو أَمجَدُ
إِنْ لَم تُفيقوا اليَومَ مِن غَفَلاتِكُمْ
فَغَــدَاً بِلا وَطَـنٍ يَكـونُ المَوعِــدُ
وَطَنـي إذا ناجَيتُــهُ أَنَّ الحَشَــا
أُردُنُّ أَفسَـدَ مَسمَعَيـهِ المُفسِدُ
قَد كُنتُ أَزمَعتُ الرَحيلَ فَما ارتَضَتْ
ذاكَ المُـروءَةُ والبِــــلادُ تَـبَـدَّدُ
إِنّي كَشِيحـانٍ وَجِلعــادٍ فَـلا
أَحيـا بِـلا الأُردُنِّ أَو أَتَعَـوَّدُ
وَليَرحَلِ الباغي وَكُلُّ لُصوصِهِمْ
فَالجَمـرُ يَذكو والحُسـامُ مُجَـرَّدُ