الحكومة تتنمر على الاردنيين لصالح شركات الادوية .. منع ادخال الادوية الشخصية بلطجة رسمية!
كتب أحمد الحراسيس - واضح ان حكومة الدكتور بشر الخصاونة تستهدف - و بقصدية غير مفهومة- سلامة واستقرار الاوضاع المعيشية للاردنيين جميعا ، لا نعرف كيف يتخذون القرارات ، و لماذا هم بهذه الطمأنينة ، والاسترخاء ، وهم يفرضون الرفع تلو الاخر ؟!! ، اليوم يخرج علينا مدير المؤسسة العامة للغذاء والدواء، نزار مهيدات، بقرار ، متسق مع هذا النهج الحكومي ، يمنع فيه إدخال أي دواء من المناطق الحدودية إلا في حال توفر وصفة طبية وتقرير.
ربما لا يعرف الرئيس الخصاونة أو وزير الصحة فراس الهواري، أن أسعار الأدوية في الأردن فوق طاقة المواطن الأردني، وأن المريض يمكن أن يموت لعجزه عن توفير الدواء المطلوب نتيجة ارتفاع ثمنه، وأن قيام أحدهم بالسفر إلى لبنان أو مصر أو تركيا من أجل جلب الدواء أوفر بكثير من شرائه من الصيدليات الأردنية، وهذا كلّه نتيجة ضعف الحكومة وعجزها عن تأمين الأدوية مجانا للمواطنين او على الاقل باسعار معقولة تتناسب مع سعرها في الدول المجاورة وغير المجاورة. .
من غير المقبول أن تمنع حكومة مواطنا من شراء دوائه من الخارج، سيّما وأنها تعرف جيّدا حجم المبالغة في أسعار الدواء محليّا، وتعرف أن المواطن غير قادر على مواصلة شرائه من الصيدليات الأردنية ما يضطرهم لجلبه من الخارج إما بشكل مباشر أو من خلال الأصدقاء والمعارف، خاصة وأن غالبية المرضى هم غير قادرين على السفر إما بسبب صحتهم أو لأوضاعهم المالية الصعبة، لكن الحكومة تشترط أن يكون المسافر هو المريض!
واضح أن حكومة الخصاونة لا تُفرّق بين السجائر أو المشروبات الروحية والدواء، ولا تعرف أن الدواء متطلب للحياة والبقاء، ولا يجوز لحكومة أن تمنع مواطنا من شرائه، خاصة وأن جميع الدول -المصدر- تحرص على سلامة الأدوية المتداولة لديها كما هو الحال في الأردن وربما أكثر !
تخيّلوا أن مدير عام مؤسسة الغذاء والدواء يلتقي الصيادلة الذين يتماهون وتجمعهم مصلحة مع شركات الأدوية "فيُكرمهم" بمنع المواطنين من شراء الدواء من خارج البلاد، وغدا ربما يجتمع وزير مع نقيب تجار الألبسة -مثلا- فيمنع المواطنين المسافرين من شراء "قميص أو بنطال ، او ملابس داخلية.، .." من خارج الأردن، وبعدها يلتقي مع نقيب أصحاب محال الحلويات ويمنع المواطنين من شراء "حلوى" ومكسرات وقضامة من خارج الأردن، ثم يلتقي نقيب اصحاب محال الاحذية (مجازا) ، فيمنع دخول الاحذية الجديدة وان كان المواطن يرتديها اثناء قدومه للمطار فيدخل الاراضي الاردنية حافي القدمين ...ما هذا التنمر وهذه البلطجة ، لماذا الادوية على وجه التحديد ، وخاصة ان منع دخولها - لاغراض الاستعمال الشخصي والعائلي - ليس اجراء متبعا في اي دولة من دول العالم !!
حكومة الخصاونة، وبدلا من مواصلة نهج خفض أسعار الأدوية والمستلزمات الطبية الذي بدأته حكومة سابقة، وبدلا من إلغاء الضرائب والرسوم المفروضة على الأدوية، اختارت الإنحياز إلى شركات الأدوية والمستثمرين في هذا القطاع، واختارت المقامرة بصحّة الأردنيين لصالح تجار الأدوية، كان على الحكومة ان تضغط على شركات تصنيع الادوية لتخفض اسعار منتجاتها ، وخاصة ان الحكومة تشتري هذه الادوية باسعار منخفضة للغاية ، في حين تسمح الحكومة لهذه الشركات ببيع ادويتها باسعار فلكية للمواطنين ، وكان هؤلاء المواطنين ابناء البطة السوداء ، او كائنات دون قيمة تملأ الحيز ، متناسين ان وجودهم كله وتلك المكانة التي يتمتعون بها مصدرها هؤلاء ويدفع فاتورتها هؤلاء من جيبهم الخاص !!
كان الأصل بالحكومة، وبدلا من أن تتعامل مع صحة المواطن وكأنها هبة تهبها من تشاء وتبيعها لمن تشاء، أن تسأل نفسها لماذا يفعل المواطن ذلك، وأن تلتقي شركات الأدوية المحلية والعالمية، وتفرض عليها تخفيض أسعارها، لا أن تتخذ مثل هذه القرارات، وكأنها شريكة للصيادلة أو لشركات الأدوية ، كان عليها ان تلغي الضرائب المفروضة على الادوية جميعا ، وجميع المكملات الضرورية من فيتامينات ومركبات اخرى لا تقل اهمية عن الادوية ..
إذا كانت الحكومة حريصة فعلا على صحة وسلامة المواطن، فالأصل بها الإلتفات إلى أوجه القصور في تقديم الخدمات العامة والخدمات الصحية أولا ، فلا يعقل أننا في المئوية الثانية من عمر الدولة ومازال المواطن يفقد حياته نتيجة البيروقراطية في المؤسسات الصحية ونتيجة عدم تقديم الخدمة الصحية اللائقة للمواطن في مستشفياتنا.