الاتجار بالأدوية.. كلمة حق أريد بها باطل..!
يبدو أن مدير مؤسسة الغذاء والدواء الدكتور نزار مهيدات، يبحث عن أي قرار يضيّق به على المرضى فوق ابتلائهم بالمرض، فيدفعهم لشراء الأدوية من المصادر المحلية غالية الثمن. ففي الأسبوع الماضي أصدر عطوفته قرارا بمنع إدخال الأدوية مع المرضى القادمين إلى الأردن من الخارج، بحجة أنها للتجارة.
ثم عدّل قراره بأن يسمح للمريض بجلب ادويته من الخارج لمدة 3 أشهر، بعد أن ثارت عليه ضجة في وسائل التواصل الاجتماعي. ونحن نؤيد منع دخول الأدوية للبلاد من أجل التجارة، يمكن تمييز من يجلب أدويته للعلاج أو للتجارة بسهولة حسب حجمها، وعندها يسمح للأولى بالخول ويمنع الأخيرة.
وقبل أيام أصدر عطوفته قرارا جديدا، بمنع إيصال الأدوية للمرضى في منازلهم من خلال وسائل (الديلفري)، بحجة أنها أدوية للتجارة، وأنها أدوية غير سليمة، تضر بصحة المرضى. وليسمح لي عطوفته ببعض الملاحظات، على ما تفضل به من قرارات.
كان من الأولى بالدكتور مهيدات قبل أن يصدر قراره، أن يجتمع بأصحاب العلاقة ويبحث معهم عن أساس المشكلة، والتي تتلخص في غلاء أسعار الأدوية في الأردن، والتي تبلغ أربعة أضعاف أو أكثر لمثيلاتها في الدول الأخرى. ثم ويطلب من الشركات الصانعة تخفيض أسعارها اقتداء بالشركات الخارجية.
وإذا لزم الأمر، التوصية للجهات المعنية، بإلغاء أو تخفيف الضرائب عليها تعاطفا مع المرضى. وهذا سيعود بالنفع على شركات الأدوية المحلية، حيث تجعل المرضى يتوجهون إليها، بدلا من التوجه إلى الشركات خارج البلاد، خاصة وأن لدينا منها – حسب علمي - ثلاث شركات أدوية مميّزة.
وعلى سبيل المثال، وصلني تعليق من أحد المواطنين على منشور لي حول هذا الموضوع، يقول فيه : أنه اشترى إبرة شهرية لهشاشة العظام لعلاج والدته الكبيرة في السن من تركيا بِ 50 دينارا بينما ثمن نفس الإبرة في صيدليات الأردن 210 دنانير، أي ما يزيد على ثمنها بأكثر من أربعة أضعاف، وقد تكون هناك أيضا أمثلة تزيد عن ذلك.
وطالما أن عطوفته سمح بجلب الأدوية من الخارج لمدة 3 أشهر فقط، فما على هذا المواطن إلاّ أن يشتري تذكرة ويمتطي صهوة الطائرة كل ثلاثة أشهر، إضافة لتكاليف الإقامة في تركيا، ليجلب ثلاثة أبر لوالدته حسب التعليمات الأخيرة، أو عليه أن يشتري هذه الأبر محليا لوالدته رغم غلاء أسعارها.
أما القرار الثاني لعطوفته، فهو يفترض من خلاله، أن المريض سيبحث عن الدواء لدى عارضيه على البسطات، ويقول بأنه يضر بمصلحة المريض ويكلفّه أجرة النقل. ولكن الحال ليس كما تفضلت يا دكتور، فنحن نرفض هذا الافتراض، لأننا نعتمد على وصفة الطبيب المختص في المدينة الطبية، وفي المستشفيات الحكومية، والمستشفيات المرخصة رسميا، وهي غالبا أدوية تصرف شهريا للمريض.
فعندما تُغلّف الأدوية المطلوبة للمريض، وتختم بخاتم المؤسسة الرسمية، ثم ترسل اختياريا لمن يطلبها من خلال وسائل (الديلفري المعتمد رسميا) مقابل الثمن الذي يدفعه، سيتم تحقيق انواحي التالية :
1. تخفيف العناء على المريض في التنقل وخاصة كبار السن أو من لا يستطيعون قيادة السيارة.
2. تخفيف أزمة السير على الطرق العامة والمكتظة أساسا بالسيارات.
3. تخفيف ضغط السيارات على المؤسسة الطبية، والتي يصعب وجود مصف بها لجميع السيارات في آن واحد. ( يخل للمدينة الطبية يوميا لا يقل عن 30 ألف سيارة ).
4. توفير المصروف على المريض في استخدام سيارته، في ظل ارتفاع سعر المحروقات، مقابل مبلغ بسيط يدفعه لِ ( الديلفري ) الذي سيحمل علاجات للعديد من المرضى في المنطقة برحلة واحدة.
5. سيوفر على المريض التوجه إلى الصيدليات المحلية مكرها رغم غلاء أسعارها، توفيرا لمعاناته عند توجهه للمؤسسة التي لديها تأمينه الصحي.
6. تخفيف أعداد المراجعين للمؤسسة الطبية، فلا يقصدها إلا من يحتاج لمراجعة الطبيب.
ختاما أقول: يجب أن تتم دراسة دقيقة من قبل جميع المعنيين بصورة مشتركة، قبل اتخاذ القرارات التي تؤثر على مصالح المؤمنين طبيا، وخاصة المرضى منهم، لأن جميع ما نقرأه ونسمعه في وسائل الإعلام المرئية والمقروءة، يصبّ أخيرا في مصلحة شركات الأدوية الجشعة، سوا كان ذلك بقصد أو بغير قصد.
كما على المسؤولين أيضا، أن يعيدوا دراسة سبب غلاء أسعار الأدوية محليا، ومقارنتها مع مثيلاتها في الخارج، وإعادة التفكير بقرار استخدام ( الديلفيري ) لمن يرغب بجلب أدويته إلى منزله مقابل الثمن. فهل ستجد هذه المقترحات صدى لدى المعنيين ؟ آمل أن تكون هناك آذان صاغية وتستجيب لما هو مطلوب، وأن لا تكون كلمة حق أريد بها باطل . . !