مجلس جديد لأمناء اليرموك... فهل في الأفق قطيعة مع سنيها العجاف!!!
أعترف، بداية، أن المقالة التي نحن بصددها اليوم استغرقت وقتا مني لم تستغرقه أي مقالة سبق وأن كتبتها على مدى كل تلك السنين التي مارست نشاط الكتابة فيها. وللتوضيح، فان هذا الوقت الطويل الذي تم استهلاكه لم يكن نتاج قلة الأفكار وشحها أو صعوبة صياغتها، بل كان استهلاك كل هذا الوقت الطويل في اتخاذ القرار حول وجوب الكتابة أم عدمه. وأجزم أن التردد الطويل قبل اتخاذ قرار الكتابة لم يكن خوفا أو جبنا مارسته أمام تلك السقوف المتعلقة بحرية التعبير التي باتت تتآكل يوما بعد يوم، وحيث تشير المنظمات الدولية التي لطالما استشهدت السلطة بتقاريرها إلى تراجع مريع في مستوى الحريات العامة في المملكة خلال السنوات الأخيرة.
وأجزم أيضا أن التردد في الكتابة لم يكن ركوعا عند قدمي تلك الماكينة القبيحة التي تعمل لتكميم الأفواه وإخراسها والتي ابتدعت على سبيل المثال قانونا للجرائم الالكترونية كان مبعثه في كل دول العالم أو معظمها حماية الأمن القومي من الهجمات السيبرانية من العدو الخارجي، إضافة لحماية المواطنين وحياتهم الخاصة من أي تعسف قد تقوم به الدولة أو تجاوزات يقوم بها إفراد معتدون، ولكنه وجريا على الطقوس التي عودتنا عليها النخب الحاكمة في هذه البلاد حين تنفتح على العالم الخارجي، فقد استعير قانون الجرائم الالكترونية من دول العالم لنقول أنه قانون عالمي، وليتم بعدها تفريغ هذا القانون من أهدافه السامية، وليتم اختزاله بحماية من يفترض أنهم خدم للصالح العام Public Servants من أي كلمة تطال أو حتى تناقش وبلغة راقية تلك الجبال من الممارسات الخاطئة التي يكابد الأردنيون يوميا عناء مواجهة نتائجها المأساوية في حياتهم ومعيشتهم.
وأما مبعث التردد في كتابة هذه المقالة حول جامعة اليرموك وحول مآلات الأمور فيها؛ فقد كان يتعلق هذه المرة ب "جدوى الكتابة ومعناها وصوابيتها" . فثمة شعور عام طاغ بات مسيطرا يشكك في جدوى الخوض في حال اليرموك أمام كل هذا الدفق الكبير من المعطيات والشواهد على جبال الخراب التي تتراكم في البلاد من أقصى شمالها إلى أقصى جنوبها وحيث الشعور السائد أن الثقب في السفينة بات كبيرا وكبيرا جدا، وقد تأخر موعد رتقه كثيرا، بل أجزم أنه فات. وهنا يكون التساؤل مشروعا عن معنى وجدوى مناقشة ما تعيشه اليرموك التي وبرغم كل عيون الإكبار والتقدير التي نراها بها، تبقى مجرد مساحة صغيرة في هذه السفينة الحزينة.
كما يتأتى الشعور بعدم جدوى الكتابة حول اليرموك كما حول كثير من أمور الشأن العام وشجونه، هو تلك القناعة التي باتت تترسخ لدى شرائح واسعة من مواطني هذه البلاد، أن من يشغلون الكراسي وعلى اختلاف أحجام كراسيهم، لم يعودوا صانعي قرار، وباتوا منزوعي القدرة على التفكير الاستراتيجي كما على اتخاذ القرار وحيث باتت الوصفات التي تأتي غالبا من مصدر واحد تلغي وتجب كل جهد مهما كان حجم المؤسسية والمعرفة التقنية والمشاركة الجماعية فيه. وعليه، فلا داعي للكتابة والتوضيح والشرح فهي لا تغير من واقع الحال شيئا، طالما أن شعار البعض هو "دعهم يتحدثون ويصرخون ويغضبون ويا جبل ما يهزك ريح".
والحال، أن الكتابة هذه المرة عن اليرموك هو من باب الواجب الذي يفرضه الانتماء لهذه المؤسسة التي ندين لها بالكثير في أي قدر من العلم والخلق يمكن أن ندعي اكتسابه وامتلاكه، بعد أن فتحت لنا أبوابها ونحن طلبة ثم لتبتعثنا ومن ثم لتمنحنا شرف الانتساب إلى كادر العاملين فيها. وهو يندرج أيضا في إطار الترحيب بمجلس أمناء الجامعة الجديد كما في إطار وضع هذا المجلس الموقر ببعض الحقائق المتعلقة بالجامعة التي أرى أن من المهم للمجلس أن يسمعها بالكيفية التي تراها بها عيون العاملين في الجامعة، وبالتوازي مع ما سيسمعه المجلس في قادم الأيام من رواية لحال الجامعة بلسان عطوفة رئيسها.
وفي مخاطبة المجلس الجديد لا بد من الإشارة ولو سريعا إلى تلك العلاقة العاصفة التي عاشها اليرموكيون مع مجلس الأمناء السابق، وحيث سبق وكتبت أكثر من مرة حول هذه العلاقة الصعبة والمرة التي سادت منذ الأيام الأولى لتشكيل مجلس الأمناء السابق. ولقد كان مبعث هذه العلاقة الصعبة والمرة هو النهج الصدامي والذي يرى المشهد بعيون هرمية وفوقية في تعاطيه مع الجامعة رئيسا وأكاديميين وعاملين وطلبة. وبدلا من أن يرى رئيس المجلس السابق في كل هؤلاء شركاء محتملين، كان يرى فيهم خصوصا وأتباعا ينبغي إخضاعهم. وللتدليل على هذا التشخيص يمكن الرجوع للفيديوهات التي توثق للكيفية التي تحول بها مبنى رئاسة جامعة اليرموك إلى ساحة لمواجهات كلامية حامية بين رئيس المجلس وبين العاملين في الجامعة ومنذ الأيام الأولى لتولي رئيس المجلس موقعه.
لعل أول ما يتمناه المرء وهو يتحدث عن اليرموك وتشكيل مجلس أمنائها الجديد، هو رؤية المجلس الجديد يعمل وبمنطق الشراكة لا المواجهة مع عطوفة الرئيس الحالي للجامعة والذي نعتبره أيضا رئيسا جديدا، لأنه وصل لموقع الرئاسة قبل حوالي العام وكانت قد سبقته إليها بنى وقوى ومراكز نفوذ تجذرت وجعلت من مهمته في التغيير والتطوير وفي العلاج أمرا أشبه بالمهمة المستحيلة، كما جعلت من حال الرئيس كمن يتحرك طوال الوقت تحت ضغط الخوف من انفجار لغم واحد على الأقل تحت قدميه حينما يهم باتخاذ أي قرار مهما كان صغيرا.
في مخاطبة المجلس الجديد هناك قدر من التمني بأن يختط المجلس الجديد مسارا ونهجا لا يكون بمثابة استمرارية ووصل مع النهج الذي ساد في فترة المجلس السابق، وحيث سأشير في هذه المقالة إلى بعض من جوانب التراجع والتآكل بل والخراب الذي أصاب المؤسسة جراء النهج السابق. فالتمني كما التعويل الآن، هو على حصول قطع وقطيعة من قبل المجلس الحالي مع ذلك النهج ومع تلك السياسات التي سادت في السنوات الأخيرة وبعضها في عهد المجلس السابق والتي كانت وبكل المقاييس سنين عجاف، إن كان على صعيد الوضع المالي والإداري للمؤسسة، أو على صعيد حقوق العاملين فيها إداريين وأكاديميين وحيث سبق، وأن وثقت في مقابلة سابقة لبعض مظاهر التراجع التي أصابت الجامعة. وحيث سأميل في هذه المقالة إلى عدم تكرار ما سبق الحديث عنه والتركيز بدلا من ذلك على جوانب جديدة من المهم وضعها أمام يدي أصحاب المعالي والعطوفة والسعادة في مجلس الأمناء الجديد.
في المشهد الكبير الذي آل أليه حال المؤسسة على مدى السنين العجاف، هناك مديونية تضخمت في سنين قليلة لأكثر من أربعة أضعاف مما راكمته على مدى أربعين عاما. وهناك تراجع كبير في ترتيب الجامعة في سلم الجامعات الوطنية على مستوى امتحان الكفاءة. يضاف إليه تراجع في عدد الدول الشقيقة وتحديدا الخليجية التي تعتمدها وترسل طلبتها إليها. وفي المشهد أيضا تحول كبير ومخيف في هوية الطلبة والعاملين فيها من إداريين وأكاديميين. فبعد أن كانت قاعات الجامعة وشوارعها وحرمها الجامعي تضم من محافظات المملكة ومن خارج الأردن وخارج الإقليم نسبة من الطلبة والعاملين تزيد عن النصف، بات أكثر من 70 بالمئة من طلبتها والعاملين فيها هم من محافظة إربد، وباتت الجامعة تفقد هويتها ودورها باعتبار أنها خلقت لتكون جامعة، ولتكون مهمتها هي التغيير والتحديث والإنتاج وليس إعادة الإنتاج، كما باتت تفعل اليوم. قبل أسابيع قليلة فوجئت بحشد من عشرات الطلبة يحتشدون لحوالي العشر دقائق في موقف السيارات الخاص بكلية الآثار وهم حاملين لعلم عشيرتهم الإربدية، وحيث غاب العلم الأردني الذي لم يحظ حتى بمجرد أن يكون إلى جانب علم العشيرة. (سأكتب قريبا عن خطورة هذه الحادثة). وفي السنين العجاف التي عاشتها الجامعة تقرير لقناة العربية التلفزيونية عن واقعة وضع حشيش في سيارة أحد المدراء في الجامعة دون أن تتخذ الجامعة حتى اليوم من الإجراءات ما يليق باسم الجامعة وبطهارة أرضها.
في السنين العجاف التي شهدتها الجامعة، شهد العاملون في اليرموك من إداريين وأكاديميين وبكثير من الحزن الممزوج بالغضب كيف كانت تتآكل حقوقهم ومستحقاتهم على مذبح التخبط والفساد وعدم الكفاءة التي كانت قد مارستها بعض إدارات الجامعة التي تعاقب على رئاستها أربع رؤساء في أقل من خمس سنين وحيث صدرت قرارات بإعفاء رؤساء، أو نواب للرئيس كانوا بمثابة رؤساء، أو مدراء حول الرئيس كانوا واقعا هم الرؤساء.
فالعبث وسوء الإدارة والفساد لم يدفع أحد من المتسببين فيه ثمنه، وكانت نتائجه تدفع فقط من جيوب العاملين في الجامعة والذين باتوا يوما بعد يوما محرومين ليس من زيادة رواتبهم التي جرت آخر زيادة عليها قبل عشرين عاما، وإنما هم محرومون أيضا من تلك الحقوق التي ينص قانون الجامعة عليها، ويحصل عليها نظراؤهم في الجامعات الشقيقة الأخرى. فالحق بالحصول على نسبة من مكافأة نهاية الخدمة يحصل عليها العاملون في الأردنية والتكنولوجيا ولكنه ولعدم توفر الموارد يحرم العاملون في اليرموك منه، ما يضطرهم للتوجه للاقتراض من البنوك ودفع فوائد فلكية لاقتراض مبلغ يوجد أصلا في حسابهم في الجامعة ولكنهم لا يحصلون عليه، في حين يحصل عليه زملائهم في الجامعات الشقيقة الأخرى.
وأما حق العاملين في تدريس الفصل الصيفي، فقد بات بعيد المنال بالنسبة لكثيرين وأنا منهم، بعد أن أمعن مبضع إدارات الجامعة في تقييد التدريس ووضع شروط عليه، كما بات الثمن باهظا بالنسبة لمن يحصلون على هذا الحق حين نعلم أن عدد الطلبة في الشعبة الواحدة قد يصل إلى 200 طالب. وأما حق العاملين في علاوة النقل والتي ينص عليها القانون، ويحصل عليها كل العاملين في الجامعات الشقيقة، فهي تمثل أيضا حقا يحرم اليرموكيون منه.
وفي السنين العجاف التي عاشتها اليرموك طالت أيادي العبث المراكز البحثية العديدة التي سبق لليرموك أن بنتها, وكان جزء كبير من ذلك العبث يتعلق باليات اختيار من يشغلون المراكز القيادية فيها. فمراكز من قبيل تلك المتعلقة باللاجئين وبالدراسات الأردنية كما بوحدة إدارة المشاريع الدولية باتت تشغل من قبيل مختصين في علوم الحاسوب والفيزياء بالرغم من أن هذه المراكز هي في جوهرها مراكز للعلوم الاجتماعية والإنسانية، ما جعل هذه المراكز تفقد بوصلتها وتتقلص رؤيتها ويتحجم تأثيرها. فالمركز الذي كان اسمه ذات يوم مركز الدراسات الأردنية باتت أنشطته تختزل في معظمها في تنظيم دورات للسباحة، أو تعليم اللغة الانجليزية بعد أن كان الهدف من إنشائه هو خلق جسم علمي بحثي قادر على تقديم تشخيص علمي للمجتمع الأردني من حيث الديناميات التاريخية التي شكلته، والظواهر الاجتماعية والاقتصادية والسياسية الحالية التي يعيشها حاضرا، وبما يخدم محاولات استشراف مسارات تطوره مستقبلا. الهدف من إنشاء المركز كان استراتيجيا ما يعني أنه خلق ليكون في خدمة الباحثين وفي خدمة صانعي القرار. وأما مهمة تعليم السباحة وعلى أهميتها الجليلة فهي لا تحتاج إلى جامعة تكتظ بحملة الدكتوراه، بل تحتاج لنوادي رياضية مع مجموعة من مدربي السباحة.
وأما وحدة المشاريع الدولية والتي عانت كثيرا في هذه السنين العجاف التي عاشتها اليرموك، وكان جزء كبير من معاناتها يتعلق بغياب الرؤية عند صانع القرار في الجامعة حول معنى وأهمية المشاريع والعلاقات والدولية، وحيث مال بعض رؤساء الجامعات إلى النظر إلى المشاريع الدولية على أنها مجرد أبواب لبعض الأكاديميين للسياحة ولجمع المال، غير مدركين لتلك العلاقة العضوية التي تربط المشاريع الدولية بأهداف الجامعة في البحث العلمي والابتكار وال Internationalization وتطوير المصادر البشرية وتطوير خططها الدراسية وخدمة المجتمع المحلي وخدمة سوق العمل.
وعلى صعيد وحدة المشاريع الدولية، فان الانتكاسة باتت واضحة وبادية في عمل هذه الوحدة التي بات عمل من يديرها يتشابه مع عمل ضابط اتصال أو منسق خاص بإدارة مشاريع وحيث بات العاملون في الجامعة لا يسمعون بوحدة المشاريع إلا من خلال الايميل الذي أصبح يصل مرة كل أسبوعين ويكون في الغالب مجرد إعادة توجيه لإعلان صادر عن جهة دولية يتعلق بتنظيم مسابقة أو فتح لباب الترشيحات لموقع شاغر ما.
وفي السنين العجاف التي عاشتها اليرموك تكونت ظاهرة تستحق من المجلس الكريم كما من عطوفة رئيس الجامعة الوقوف كثيرا عندها من أجل وقفها واجتثاثها لما تشكله من خطورة على مستقبل المنظومة الجامعية برمتها. ففي حين يشكل التدريس والطلبة، إضافة إلى البحث العلمي والنشر والمشاركة في المؤتمرات العلمية، إضافة لانخراط الأستاذ في خدمة مجتمعه الكبير والصغير نقطة الانطلاق في المسيرة الطبيعية لأي أكاديمي ناجح، فقد نشأ اتجاه خطير داخل الجامعة في السنوات الأخيرة . هذه العناصر يجب أن تكون محور اهتمام أي أكاديمي في سنين عمله الأولى في الجامعة.
وعلى العكس من ذلك، ففي السنين الأخيرة نشأ اتجاه لدى البعض من جيل الزملاء الشباب الذي لم يعد يرى في الطلبة وفي الصف وفي المختبر وفي العمل الميداني البحثي بمثابة الجوهر وبمثابة نقطة الانطلاق في العمل الأكاديمي، بل بات يرى في كرسي الإدارة الهدف، وبات الوصول لكرسي الإدارة هو معيار النجاح وهو المبتغى. وهو بات في سبيل الوصول إلى كرسي الإدارة غير معني لا بالصف ولا بالمحاضرة ولا بالطلبة طالما أن كرسي الإدارة يمكن الوصول إليها عن طريق روافع سياسية غير أكاديمية على الإطلاق. بعض هذه النماذج من جيل الاكاديميين الشباب، وبرغم أنه من "الشباب" لم يدخل الصف ولم يحتك بالطلبة، ولم يعرف الطلبة منذ ثلاث سنوات، وبعضهم ومنذ السنة الأولى لتعيينه كعضو هيئة تدريس في الجامعة، كان موفقا في اختيار الروافع المراكز-نفوذية التي جعلته ومنذ اللحظة يبدأ حياته ليس انطلاقا من قاعة التدريس ولكن في مبنى رئاسة الجامعة ليكون بين الرؤساء والمدراء والزوار من الوزراء والمدراء والمسئولين.
ولأن المفسدة حين تحدث لا بد وأن تتواتر بعدها المفاسد، فقد شهدت اليرموك خلال السنوات العجاف التي عاشتها مفسدة أخرى تتعلق بالتشكيلات الأكاديمية في كلياتها ومراكزها. فبعض عناصر التيار الجيل الشاب الذي دخل الجامعة ليبدأ من مبنى الرئاسة وليس من غرفة التدريس وغرفة المختبر العلمي مارس كل المفاسد والوسائل المعيبة، لتجري وفي ظل مجلس الأمناء السابق واحدة من أكثر التشكيلات الأكاديمية إثارة للجدل في كل تاريخ الجامعة لما اعتراها من انتهاك لأساسيات العمل الأكاديمي، والعرف الأكاديمي كما لقوانين التعليم العالي وأخلاقياته. فقد جرى- وفي سابقة خطيرة وفي كليات هامة لطالما شكلت لبنات أساسية في مسيرة الجامعة واسمها-، تجاوز العشرات ممن يتوافرون على شرط الأستاذية لإعطاء موقع العميد لمن لا يتوافر على شرط الأستاذية ولم يتح له أن يكتسب بدهيات العملية التدريسية والبحثية. كما جرى تسمية عمداء ممن يشتمل ملفهم العملي على إنذارات أكاديمية لسرقات علمية أدينوا بها، أو لاعتداءات جسدية على زملاء لهم وداخل الحرم الجامعي.
أجزم أن الكثيرين في الجامعة هم مع جيل الشباب، ولا معارضة تلقائية لديهم لأي كفاءة قادمة لمجرد أنها شابة، وأجزم أن وجهة نظر الكثيرين كما هي وجهة نظري أن الطريق يجب أن يكون مفتوحا أمام أي زميل من جيل الشباب ممن عمل على أن تكون رافعته في الترقية والصعود المهني هي المثابرة في المهام التي تطلبها الجامعة منه؛ وهي التدريس والبحث العلمي وخدمة الجامعة والمجتمع المحلي، لا أن يكون مهملا في صفه، ولا يملك أي سجل بحثي مميز، كما لا يعرف عنه أي نشاط على صعيد خدمة مجتمعه الكبير أو الصغير بحيث تكون رافعة له على صعيد الصعود والترقية، ولكنه يبرع فقط في توظيف الروافع العشائرية أو المناطقية أو الشللية أو المراكز- نفوذية لتكون القوة الدافعة له على سلم الصعود والترقية.
نعرف أن المهمة أمام عطوفة الرئيس وأمام مجلس الأمناء الجديد الموقر ليست سهلة على الإطلاق، ونعلم أن الباطل الذي تمت مراكمته على مدى سنين طويلة لن يكون بالإمكان نسفه في ليلة وضحاها، ونعلم أن العمل وسط مراكز القوى والنفوذ داخل الجامعة وخارجها وداخل الدولة والمجتمع هو أشبه ما يكون بالعمل داخل عش الدبابير، ولكن المجلس مطالب أن يستمع لوجهة النظر التي تقول أنه مطالب على الأقل وفي قراراته القريبة القادمة المتعلقة بالتشكيلات الأكاديمية أن يعمل على الإطاحة بمعظم عناصر تلك التركة التي جاءت بها إدارات جامعية ذهبت وتم إعفائها، وبعضها ذهب للقضاء ليحاكم . فلا يعقل أن يتم إعفاء رئيس من مؤسسة في حين يتم الإبقاء على القرارات والاجراءات والسياسات التي قامت بسببها الدولة بإعفائه من أجلها.