المستشارية العشائرية وفشلها في البادية




المتابع لأحوال البادية الأردنية ، يلمس بكل وضوح أن (المستشارية العشائرية) فشلت فشلا كبيرا ، في معالجة قضايا البادية ، التي أصبحت مقلقة ومزعجة جدا، ومن أبرزها (قضيتي الفقر والبطالة) عبر إيجاد فرص عمل لأبناء البادية، تخصهم ، ومنها تربية الثروة الحيوانية، وإقامة المشروعات الإنتاجية ، التي تخفف من وطأة الفقر والبطالة ، وتسهم في إنعاش الجوانب الإنتاجية المختلفة .

كم كنت أتمنى أن تكون ، زيارات جلالة الملك إلى البادية الأردنية ، من أجل افتتاح مشروعات إنتاجية ، ساهمت في تشغيل أبناء البادية ، لا أن يذهب جلالة الملك ، كي يسمع (كلاما مجمركا) من قبل الجهة المنظمة ، لهذه الزيارة ( المستشارية 
العشائرية ) ، كلمات يتحدث أصحابها أمام الملك ، لإعطاء انطباع أمام الملك أن الدنيا (قمر وربيع) .

وبعد الزيارة تتكشف الأمور ، حيث يظهر أن الزعلانين عليها ، أضعاف الحاضرين الذين تكرم عليهم ، موجهو الدعوة بتوجيه الدعوة لهم ، وهم المرضي عنهم لحضور لقاء الملك . وكان يتوجب ، وقبل ترتيب هكذا زيارة للبادية ، كان الأجدر ب( المستشارية العشائرية ) ، وبالتعاون مع الحكام الإداريين ، وممثلي المجتمع المحلي ، العمل على إعداد ، تقرير شامل ، وافٍ يتم تسليمه إلى جلالة الملك ، قبل الزيارة بأيام ، حتى تطّلع جلالته عليه ، وكي يقوم جلالته بتوجيه ، الحكومة للعمل به ، عند زيارة جلالته للبادية ، ويكون تركيز جلالته ، في لقائه مع أبناء البادية ، على توجيه الديوان الملكي ، من خلال ذراعه (المستشارية العشائرية ) في تنفيذ هذا ( التوجيه الملكي) لأن الحكومات عودتنا ، على الوعود (البراقة) ، التي يتم استيداعها في (قبو) الرئاسة ، والوزارات ذات الاختصاص .

إن معالجة هموم وأوجاع ، أبناء البادية الأردنية ، تكمن في افتتاح ( مشروعات استثمارية ) ، ووضع حجر أساس لأخرى، برعاية الملك ، حيث يشرف على إعدادها ، ومتابعة تنفيذها الديوان الملكي ، وليس الحكومة ، لان الشعب غسل يديه منها منذ زمن .

إن أبناء البادية ولمواجهة تمدد (حنش) الأسعار، وسوء الأوضاع ، الاقتصادية والمعيشية ، توجهوا إلى بيع أراضيهم وممتلكاتهم ، بأبخس الأثمان ، كي يشتروا ( رغيف خبز ) ، وتعليم أولادهم ، في الجامعات .

إن أبناء البادية وجدوا (أبوابها) مؤسسات الدولة مغلقة ، في وجوه أبنائهم أي ( خالية ) من توفير فرص عمل لهم . وحتى طرق ( التهريب ) ، تحولت إلى ناحية ( سياسية وأمنية ) ، يديرها من خلف الحدود ، أصحاب أجندات خارجية ، تسعى لزعزعة الأمن ، والاستقرار في الأردن .

وإن تمدد ( حنش ) الأسعار ، يعني فشل الحكومات ، في إدارة الدولة ، حيث أثقلت الحكومات ، موازناتها العامة ، ب ( مديونية ) تجاوزت الـ (50 ) مليارا ، وكل يوم تشهد ارتفاعا ، وليس انخفاضا .والمواطن يعيش ويشاهد وينفذ حلقات ( مسلسل رفع الأسعار وفرض الرسوم والضرائب ) يوميا ، من قبل هذه الحكومات تحت عذر سداد المديونية . وهذا الوضع الاقتصادي ، السيئ أرهق المواطنين ،ليس في البادية ، فحسب وإنما في الأردن عموما.

يا ترى ما هو المانع ، بأن تقوم الحكومة ، ومن خلال ( المستشارية العشائرية ) ، في حفر ( آبار ارتوازية ) في مناطق ( البادية ) ، وإقامة مشروعات زراعية وصناعية ، فيها تشغل أبناء البادية ، وهذه المشروعات ، تجعل من البادية واحة خضراء . خاصة وان أراضي البادية ( بكر ) ، وتصلح لجميع أنواع المزروعات ( القمح والشعير ، والفاكهة والخضار ، ومراعي للثروة الحيوانية) . وإقامة مصانع للألبان وتعليب الخضار والفواكه .

ويتم توزيع الأراضي على الشباب لأجل زراعتها ، بمحاصيل تسهم في الأمن الغذائي . ولدينا مهندسون قادرون ، على إدارة هكذا مشروعات ، ونجاحها ولكن لا يوجد ، لدينا إرادة للعمل ، وإنما الاستيراد والمتاجرة ، وكله على حساب الوطن والمواطن .
لقد اقترحت سابقا على مستشار جلالة الملك ، لشؤون العشائر ، أن يذهب إلى مناطق البادية ، وللقاء المواطنين على ارض الواقع ، عبر ( لقاء مفتوح شهريا ) ، للوقوف على ( مطالبهم وهمومهم وأوجاعهم ) ، ونقلها إلى الجهات التنفيذية التي لا تغادر مكاتبها ( المكندشه ) . وقلت له : هل اكتب عن ذلك ؟ فقال لي ، لا الإعلام محرقة للمسؤول .

واقترحت عليه يومها : أن يكون للمستشارية العشائرية ، فروع في البادية الأردنية بدلا من تكديسهم في عمان . من اجل التسهيل على المواطنين الذين يراجعونهم في عمان .

تصوروا أن المواطن في البادية ، الذي لديه خريج أو خريجة ، جامعية يشترط عليهم ( ديوان الخدمة المدنية ) ، إحضار كتاب من المستشارية العشائرية ، يثبت فيه انه من أبناء البادية ،أبا عن جد من البادية ، وهذا يعني عليه أن يدفع ، هذا نحو ( 100 ) دينار ، أجرة سيارة مع سائقها ، شاملا الغداء والفطور في الاستراحات على الطريق الصحراوي ، أو الاجفور الاجفايف ( الصفاوي ) . يدفعها على اعتبار أن لدى ( ديوان الخدمة المدنية ) ، فائض في الوظائف ، وليس قوائم الانتظار ، لدية تجاوزت ال500 ) ألف طالب وظيفة .

السؤال الذي يطرح نفسه ، أين سجلات الأحوال المدنية ؟ وأين دور الحاكم الإداري في المنطقة ؟ وأين دور قوات البادية الأردنية ، التي كانت تنسب لهم ، في حصولهم على الجنسية الأردنية ، ووفرت لهم المأذون الشرعي لعقد زيجاتهم .

والشيء في الشيء يذكر كان ، رئيس الديوان الملكي السابق، رياض أبو كركي عندما كان ، وزيرا للتنمية الاجتماعية ، خصص يوما ، في كل أسبوع ، يلتقي فيه مراجعي صندوق المعونة الوطنية ، يستمع إلى شكاواهم ، ولا يتوقف عند ذلك ، فقد كان يتوجه إلى مناطق ( جيوب الفقر ) ويطلع على ارض الواقع حجم المآسي .

وهنا لا بد لي أن اذكر : أن الانجازان اللذان خرجا ، من رحم المستشارية العشائرية ، هما (الجلوة ) ، والذي تم تنفيسه ، من قبل الحكومة ، بأنه لا يجوز أن يصدر فيه ( قانون ) ، ربما أن قيمة المواطن غير ( مهمة ) ، عند الذين وقفوا ضد إصداره في قانون . وصدر بدلا منه ( تعليمات ) تتبع المزاجية في تنفيذه . والآخر مشروع ما زال حبيس الإدراج قانون ( الدية ) ، حيث كان من الأجدر في الحكومة ، إعطاءه صفة الاستعجال . ولكن ...؟

الديوان الملكي اليوم في أمس الحاجة إلى رجال من أبناء العشائر ليسوا خريجي المؤسسة العسكرية والأمنية ، أمثال المهندس سعد هايل السرور الذي لا يحيد عن مدرسة والده المغفور له الشيخ هايل السرور . والمهندس نضال برجس الحديد ، وهو حفيد الشيخ برجس الحديد الذي تشهد له الساحات العربية ، في إصلاح ذات البين ، هؤلاء كانوا ولا زالوا قريبين ، من الناس وبين الناس ، ليس بينهم وبين الناس ، موانع وحواجز ، كما موجود اليوم . فإن الذي يرغب بمقابلة رئيس الديوان ، يحلم كمثل حلم إبليس في الجنة .

وبعد تتحمل ( المستشارية العشائرية ) ، النتائج كافة التي تمت بعد الزيارة الملكية للبادية الشمالية ، ومنها ما تم نشره وتداوله العامة ، على مواقع التواصل الاجتماعي ،والسوشيال ميديا . التي اعتبروا ( استثناءهم ) من مقابلة جلالة الملك

إساءة لهم من قبل ( المستشارية العشائرية ) التي (رتبت لتلك الزيارة وحرمانهم ) من حضور استقبال جلالة الملك عبد الله الثاني الذي هو ملك للجميع .

وهل سنشهد عند تشكيل ، (حكومات حزبية )إلغاء ( المستشارية العشائرية ) ؟؟.خاصة وأن جلالته ركز على الحكومات الحزبية المقبلة ، وهذا بنظر أبناء البادية ، يعتبرونه إحلالا للأحزاب بدلا من العشائرية ، وربما هذا لا يتقبلونه في بداية الأمر، الأيام المقبلة ستجيب على هذا السؤال ؟ .في الإطاحة في المستشارية العشائرية .