دولة الرئيس.. أكمل النصف الثاني من القرار!
أصدر دولة رئيس الوزراء بشر الخصاونة قبل أيام، قرارا يقضي بإلغاء قرار مدير " مؤسسة الغذاء والدواء " الدكتور نزار مهيدات، فيما يتعلق بجلب الأدوية للاستخدام الشخصي من خارج البلاد، بعد أن ثارت ضجة كبيرة في وسائل التواصل الاجتماعي على ذلك القرار، لكونه يضر بمصلحة المرضى من المواطنين.
وسواء كان القرار الأساسي بالمنع تم بأمر من الرئيس، أو بمبادرة من مدير المؤسسة، فإنني أتقدم بالشكر لدولته على استجابته إلى طلب المواطنين – للمرة الأولى - خلال ولايته، فترفق بأحوالهم الصحية والمالية، وألغى ذلك القرار الذي يصب في مصالح مافيات الدواء ومالكي الصيدليات الجشعين.
ولكن مدير مؤسسة الغذاء والدواء، لم يكتفِ بحينه في قرار واحد للتضييق على المواطنين، بل أصدر قرارا آخر، يمنع بموجبه إيصال الأدوية الشهرية إلى منازل المرضى، بواسطة ( الديلفري ) مقابل دفعهم أجرة النقل من حساباتهم الخاصة.
استند المدير في حجّته لذلك القرار، بأنه يشجع على المتاجرة بالأدوية، وشراءها من خلال عارضيها في الأسواق، أو التلاعب بها على الطريق قبل إيصالها لطالبها ، الأمر الذي يضر بصحة المواطنين، ويحمّلهم مبالغ إضافية. ولا شكّ بأن قرار المدير هذا، يحمل أيضا إجحافا بحق شريحة من المواطنين، يرغبون باستلام أدويتهم دون عناء بدني أو مادي، وأنا أحدهم.
لقد كتبت في مقالي بهذا الخصوص قبل بضعة أيام، مبينا فوائد إيصال الأدوية لمنازل المرضى، الذين يرغبون باستلام أدويتهم من خلال ( الديلفري ) وسأبينها تاليا :
1. الأدوية التي سيتم إيصالها إلى المنازل اختياريا، هي ما قرره الأطباء بعد الكشف السريري على المريض في المدينة الطبية، أو في المستشفيات الحكومية، أو في مستشفيات القطاع الخاص المرخصة رسميا من قبل الحكومة، وهي تتحمل مسؤولية تخصيص الأدوية للمريض حسب وصفة الطبيب، ولا يتم شراءها من باعة الشنطة كما تم الافتراض.
2. في حالة الموافقة على استخدام وسيلة ( الديلفري ) في المدن الرئيسية، توضع الأدوية في عبوة معينة من قبل المؤسسة الطبية، وتختم بخاتمها الرسمي بحيث لا يمكن فتحها أو التلاعب بها، دون ظهور ذلك قبل تسليمها لصاحبها.
3. تخفيف معاناة المريض في التنقل لجلب أدويته، خاصة كبار السن أو من لا يملك سيارة، أو من لا يجيد قيادة السيارة.
4. تخفيف أزمة السير على الطرق العامة، والمكتظة أساسا بالسيارات من مختلف الأنواع والأحجام.
5. تخفيف عدد السيارات التي ترتاد المؤسسة الطبية، حيث يصعب توفر مواقف ل في آن واحد، فتشكل معاناة أخرى للمريض في إيجاد موقف لسيارته. ( وعلى سبيل المثال فالمدينة الطبية يدخلها ما يزيد على 30 ألف سيارة يوميا، وعجزت جميع الإدارات في إيجاد حل لهذه المعضلة ).
6. تخفيف العناء على موظفي الصيدليات في المؤسسات الطبية، الذين يجدون أمامهم طوابير من المراجعين، يلحّون على استلام أدويتهم بأسرع وقت ممكن.
7. توفير النفقات المالية على المريض، من حيث عدم استخدام سيارته، في ظل ارتفاع أسعار المحروقات المتواصل شهريا، مقابل مبلغ بسيط يدفعه ( للديلفري ) الذي يجلب الأدوية لعدد كبير من المرضى، في مناطق متجاورة وبرحلة واحدة.
8. عدم إكراه المريض على شراء أدويته، من الصيدليات المحلية بأسعار مرتفعة، ليوفر على نفسه معاناته، في حال توجهه إلى المؤسسة الطبية المعنية لجلب أدويته.
9. تخفيف أعداد المراجعين للمؤسسة الطبية، فلا يقصدها إلا من يحتاج مراجعة الطبيب.
والسؤال الذي يطرح نفسه الآن على المعنيين هو : هل ما سبق توضيحه من نقاط، يدعونا إلى استخدام وسيلة ( الديلفري ) اختياريا، والتخفيف من معاناة المريض، أم نتعمد إنهاكه بدنيا وماليا فوق إنهاكه بمرضه، ونجبره شخصيا على جلب أدويته شهريا من مؤسسته الطبية ؟
نرجو من دولة الرئيس، أن يأخذ باعتباره عند تعيين مسؤولين في الحكومة، أن يكونوا ممن يفكرون ويدرسون حيثيات المعاضل التي تواجههم في العمل، لكي يضعوا الحلول المنطقية، التي تخفف من معاناة المواطنين وتراعي مصلحة الدولة، قبل اتخاذ قراراتهم، لا من يختلق الأسباب في زيادة ضنك المواطن، طمعا في مصلحة شخصية.
وختاما أرجو من دولة الرئيس، أن يكمل النصف الثاني من قراره المرحب به شعبيا، في إلغاء قرار مدير مؤسسة الغذاء والدواء غير المدروس، والقاضي بمنع إدخال الدواء إلى الأردن من الخارج. وبهذه المناسبة أرغب أن أذكّر دولته بما قاله الشاعر العربي :
لا تقطعن ذنب الأفعى وتتركها * * إن كنت شهما فاتبع رأسها الذنبا