تصريحات غير دبلوماسية للسفير الامريكي ، فلا دعم دون مقابل !

 


كتب احمد الحراسيس - مرّة أخرى يُطلق السفير الأمريكي لدى الأردن، هنري ووستر، تصريحات استعراضية، تحدّث فيها عن سعي أمريكي للمساهمة بتشغيل الأردنيين، وذلك من خلال "تسهيل إحداث نمو اقتصادي شامل وخلق فرص عمل للرجال والنساء بجميع أنحاء الأردن".

المشكلة، أن السفير الأمريكي يعلم جيّدا الأثر  المحدد وغير المرئي احيانا لبعض المنح التي تقدّمها بلاده للأردن، فعلى حد علمنا، للان  لا يوجد مشروع استراتيجي وحيوي واحد  أقيم بمنحة أمريكية  كفل تشغيل اعداد كبيرة من الاردنيين في اي محافظة من محافظات المملكة،  و لم يساهم تمويل الامريكان لمؤسسات المجتمع المدني في غالبية الاحيان الا في تشخيص المشكلات والازمات التي نعيش وتوقع الاثر والمآلات ، وفي احسن الحالات تشغيل عدد محدود جدا  من الشابات والشباب ، وهنا لا نستطيع ان نقول بان السفارة ساهمت او ستساهم -وفق هذه السيرة والسيرورة - ،في حل مشكلة البطالة في بلادنا على الاطلاق ، ولا حتى بالحدود الدنيا.. 

صحيح أن هناك مشاريع بالتعاون مع بعض الوزارات تُقام بمنح أمريكية، وهذه بلا شك ترفع من  سويّة الخدمة المقّدمة للناس، وهنا نتحدث عن  المشاريع التي نفذت بالتشاركية مع وزارة العدل وغيرها،  اما المنح للقطاع الصحي فهي في معظمها غير ملموسة الأثر، اما فيما يتعلق  بمنح القطاع  التعليمي فهي ليست مجانيّة، فالاملاءات والتدخل في منظومة التعليم لا يتوقف ، ويبدو انه لن يتوقف حتى تصبح مناهجنا نسخة رديئة من المنهاج الامريكي .. 

الأصل بالسفير الأمريكي أن يُتابع أوجه صرف المنح والمساعدات التي تقدّمها بلاده للأردن، ويُتابع أثر تلك المنح والمساعدات المباشرة على المواطن، ويُراقب آلية عمل الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية، قبل ان يطلق التصريحات جزافا ، عليه ان ينتبه الى حالة القرف التي تنتاب الاردني كلما سمع تصريحا لمسؤول حكومي حول الاجراءات التي سيتبنى للحد  من ظاهرتي الفقر والبطالة ، ليتبين لنا في نهاية المطاف بانه كان يحاول ان يشتري الوقت ويلعب على الاوتار الحساسة ونقاط الضعف  ليبقى ويتمدد في السلطة ..

السفير ليس معنيا بحل مشكلاتنا ، هذا ليس دوره ، ولا يجوز ان يستخدم هذه اللغة غير الدبلوماسية و غير المقبولة اردنيا ، ، والعلاقات الدولية - كما يعرف السفير - لا تقوم ابدا على فكرة تقديم الهبات والمساعدات والمنح بشكل مجاني ،ودون التفكير بالعائد الكبير والاستراتيجي المتحقق من تقديم هذا الدعم لهذه الدولة او تلك ، الامريكان يقدمون في اليد اليمنى ،  وهم متأكدون وقد قاموا بالحساب فعلا ، بانهم سيسترجعون ما قدموه  اضعافا مضاعفة ، في اليد اليسرى. 

السؤال الأكثر أهمية من ذلك، هو عن الدور الذي يلعبه السفير الأمريكي في الأردن، فهو تارة يتحدث عن "تحالف أمريكي والدولة العميقة في الأردن"، ويتحدث عن "دعم وتعزيز مشاركة المرأة الأردنية الإقتصادية والسياسية"، ويطلب من وسيلة إعلام "تقليل بثّ الأخبار التي مصدرها قناة روسيا اليوم أو وكالة سبوتنيك الروسية"، وأخيرا يتحدث عن سعي لخلق فرص عمل للرجال والنساء، وكأنه رئيس الحكومة الأردنية وليس مجرّد سفير دولة لدى الأردن!

نعلم أن الولايات المتحدة تقدّم دعما ماليا للأردن، لكن هذا لا يخوّلها بالتدخل في الشؤون الأردنية وكأننا لسنا دولة ذات سيادة، والواجب على الحكومة ممثلة بوزارة الخارجية وشؤون المغتربين التحرّك لحفظ هيبة الدولة، وحماية الحليف الامريكي من الحرج اذا ما تبين ان السفير يمارس هواية تضليل الاردنيين و بيعهم الاوهام ، كما يفعل المسؤولون الحكوميون بمنتهى الاحتراف .. 

ويبقى ان نسأل السفير : كيف ستساهم بلادكم فعلا في تشغيل الاردنيين وحل هذه المشكلة، ونحن نعرف ان كل ما تقدمه من مساعدات لا يتضمن مشاريع انتاجية تحدث فرقا ، و تساهم في احداث التنمية المستدامة والاعتمادية الذاتية  ؟!!