تدمير الأسرة الأردنية.. آخر معاقل الأردنيين



إنني كمواطن مهتم بالشأن الوطني العام، وقضايا الشعب الأردني الذي أنتمي إليه، أرغب أن ألقي الضوء (من خلال آراء المختصين)، على "قانون حقوق الطفل" الذي أقرته الحكومة وناقشه مجلس النواب في القراءة الأولى مؤخرا، فليس كل ما يُقر يكون صحيحا دائما، ويعود بالنفع على المجتمع. وهذا الإقرار الذي لم نتوقعه، لا يمنعنا من إعادة التذكير بمثالبه وخطاياه، لعل هناك من صحوة ضمير لدى أحد المسؤولين، فيعيد الأمور إلى نصابها القويم.

لقد دار جدل واسع حول القانون تحت قبة البرلمان في الأسابيع الماضية بين طرفين، طرف يرى أن هذا القانون يحمي الأطفال من انتهاكات حقوقهم، ويوفر لهم حياة كريمة، وطرف آخر يرى أنه قانون غربي مستورد، يهدف إلى تدمير الأسرة الأردنية، ويتعارض مع أحكام الشريعة الإسلامية والقيم المجتمعية، ويمنح الطفل الحرية المنفلتة على حساب رعاية الوالدين والأسرة.

وقال النائب ينال فريحات " في مداخلته خلال المناقشات، أن "مشروع قانون حقوق الطفل" هو أحد القوانين القادمة من الخارج، والتي تُملى علينا كجزء من الاستحقاقات، التي تتبناها منظمات دولية، حول ما تدّعي أنها حقوق للمرأة والطفل، وهو مشروع يأتي في سياق اتفاقية سيداو لينسجم معها، رغم أنها منزوعة عن المرجعية الإسلامية، وعن منظومة القيم داخل المجتمع الأردني.

ثم أضاف فريحات، أن الغرب يستهدف الأسر الأردنية والعربية والإسلامية بهذه القوانين، حيث أن كيان الأسرة لم يعد موجودا في الدول الغربية. فهي مجتمعات تقوم على أساس الفرد، في حين أن الأسرة تشكل الوحدة الرئيسية في المجتمعات العربية والإسلامية، والفرد جزءا منها.

ويؤكد وزير التنمية الاجتماعية أيمن المفلح، ارتباط هذا القانون بقوانين الخارج حيث قال بعد إقرار مسودة القانون من قبل مجلس الوزراء: " إن هذا القرار هو دفعة قوية بخصوص التزامات الأردن الدولية، لاسيما وأن الأردن قد صادق على الاتفاقية الدولية لحقوق الطفل ".

كما قدمت وزيرة الدولة للشؤون القانونية وفاء بني مصطفى مداخلتها خلال المناقشات، طمأنت من خلالها النواب، بأن مشروع القانون يراعي الخصوصية الأردنية، ويتحفظ على المواد 14، 20، 21، والتي تتعلق بالتبني وحرية اختيار الدين. ولا أعرف إن كان هذا التحفظ له صفة المنع، أم أنه مجاملة للمعترضين على هذا القانون.

وهنا استنفر فقهاء وفقيهات السلطان، من داخل وخارج الحكومة ومجلس النواب، يدعمهم المنافقون والوصوليون، ليلّوون عُنق الحقيقة، ويسوّقون هذا المشروع المستورد على الشعب، تحقيقا لأهداف مشبوهة.

أمّا أستاذ علم الاجتماع الدكتور حسين الخزاعي، فقد بين رأيه بهذا القانون بكل حيادية ونزاهة، خلال قبل إقراره كما يلي:

1. أن جميع المواد الواردة في مشروع القانون لا تخدم الطفل، بل أنها تؤول إلى تدمير الأسرة والطفل معا.
2. أن مشروع القانون يمنح الأطفال الفرصة والدافع لترك المنزل، وعدم الاحترام والطاعة للوالدين، والاستقلال والانعزال، وحرية التصرف، في أي شيء دون استشارة الوالدين.
3. أن مشروع القانون يسحب دور الأب والأم والأسرة من رعاية الطفل، بمعنى أن يرعى شؤونه بنفسه مع كونه غير قادر على ذلك، ولا يستطيع الاعتماد على نفسه، حتى في تأمين الطعام والمسكن والملبس. وأن أكثر ما يحتاج إليه الطفل في هذه المرحلة الزمنية من عمره، هو أن يعيش بأمن وأمان في بيئة حاضنة، ألا وهي الأسرة.
4. وأوضح أن هذا القانون يمنح الطفل حرية التنقل والانتساب للنوادي الترفيهية، وهي مصطلحات غير معرّفة، وهنا تكمن الخطورة.
5. كما أكد عالم الاجتماع أن ما ورد في القانون يدمّر الأسرة بشكل كبير، ويمنح الأطفال حق التنمّر على أسرهم، ويشجعهم على الخروج من بيوتهم، وبالتالي تفكك هذه الأسر.
6. ونصّ القانون أيضا على أن للطفل، الحق في المشاركة بالتجمعات والنوادي التي يمارس من خلالها نشاطاته، الاجتماعية والثقافية والترفيهية، ومزاولة الألعاب الرياضية والفنون بما يتناسب وسنه ودرجة نضجه وفقا للتشريعات النافذة.
7. وكذلك للطفل الحق في التنقل والعيش في بيئة مرورية آمنة.
8. وشدد الدكتور على إن حقوق الطفل تعني، تأمين العيش الكريم، والأمن النفسي والاجتماعي والاقتصادي والحياة الصحية السليمة، قبل الحديث عن حرية التنقل والترفيه.

وأتساءل الآن: لماذا يجري تجاهل، كل سلبيات هذا القانون، والتي ستظهر نتائجه في تفكيك المجتمع الأردني خلال السنوات القليلة القادمة، وعندها سيعاني الآباء والأمهات من تنمّر أبنائهم وبناتهم وخروجهم عن إرادتهم، اقتداء بالمجتمعات الغربية، وحينها تكون قد وقعت الفأس بالرأس، ويندم الجميع عندما لا ينفع الندم.

يبدو أن مجلس النواب لا حول له ولا قوة في كثير من القرارات المصيرية، مثل اتفاقيتي الغاز والمياه مع العدو الصهيوني، واتفاقية القواعد العسكرية لمدة 15 عاما مع الولايات المتحدة. وقد يكون منطبقا مع مقولة رئيس مجلسه الحالي، معالي الدكتور الدغمي لتلفزيون المملكة، بتاريخ 19 / 11 / 2019 إذ قال قاصدا مجلس النواب: " أننا مجرد ديكور".

وفي الخلاصة لابد من القول: أن من أقرّ تطبيق "قانون حقوق الطفل" المُقر حديثا، والذي يشمل كل من هو تحت سن ال 18 ذكرا كان أم أنثى، إنما يريدون تفكيك وإفساد المجتمع رغم كل نصائح المخلصين برفض هذا القانون، ولكنهم يصرون على رأيهم في تدمير الأسرة آخر معاقل المجتمع الأردني. فيطبقون بفعلهم هذا ما جاء بقوله تعالى في كتابه العزيز:

" وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ لاَ تُفْسِدُواْ فِي الأَرْضِ قَالُواْ إِنَّمَا نَحْنُ مُصْلِحُونَ * أَلا إِنَّهُمْ هُمُ الْمُفْسِدُونَ وَلَكِن لاَّ يَشْعُرُونَ ”. (البقرة، 11 و12). صدق الله العظيم.