النائب الرواشدة يكتب عن اعتداء مستشفى جرش: العنف ثم العنف ثم العنف



كتب النائب ماجد الرواشدة - 

شخص بمفرده يعتدي على ستة اشخاص في مستشفى جرش الحكومي بين عاملين وزوار، خبر ليس عاديا بالطبع، ونحن اذ نعبر بكل عبارات الأسف والاستهجان والتعجب والاستغراب، وبكل مشاعر الأسف والأسى والاستنكار، ونحن نقف مدهوشين وبل ومصدومين، مما نسمع ومما نرى من احداث باتت تلاحقنا صباح مساء ولا يكاد يخلو يوم من قصة او عدة قصص تحمل طابع العنف والاعتداء بشكل غير مألوف، حتى بات العنف سمة غالبة تطبع اخبارنا اليومية ومشاهد العنف أصبحت وكأنها قدر نعيشه ونتعايش معه بشكل او باخر، فإننا نتساءل ومعنا كل من بقي لديه بقايا إحساس او حرص على صورة المجتمع الوطني، ما الذي يجري؟ لماذا كل هذا الحجم من العنف غير المبرر؟ وما الذي يجعل من ردة الفعل تكون أضخم بألاف المرات من حجم الاثارة؟ ما الذي يدفع انسان لقتل او لضرب او لجرح انسان اخر بسبب امر اقل ما يقال فيه انه امر يمكن معالجته بشيء من الصبر والروية او اللجوء لوساطة اهل الخير، او اللجوء للسلطة العامة، فحجم ردة الفعل شيء لا يصدقه عقل.

الاعتداءات على الكوادر الطبية، الى متى؟ أيعقل ان يكون الطبيب او الممرض محلا للاعتداء وهو يقف لخدمة طالبي المعالجة ويسهر ليله ونهاره لذلك، الا يوجد من يقنع أولئك المعتدين بان مريضهم ليس هو الوحيد، وان وزارة الصحة او حتى القطاع الصحي الخاص لم يخصص له لوحده، اليس من حق الطبيب او الممرض ان يمارس عمله بعيدا عن التشنج والحذر والتخوف واتخاذ الاجراء الطبي بأيدي مترددة تتوقع الاعتداء في كل لحظة، حتى بات الطبيب والممرض والكوادر الصحية في حالة من الارتباك لا تساعد ابدا على تقديم الرعاية الصحية المثلى للمراجعين.

حالات القتل المتعددة لأسباب مالية، أي عقل يقبل ان يقتل انسان لقاء دين بمئات الدنانير؟ ليصبح بعدها قاتلا مطلوبا لأهل القتيل بديته بعشرات الألوف ويدخل السجن يقضي ما تبقى له من عمر رهين فعلته.

المشاجرات التي تتحول الى حروب واستعمال الأسلحة البيضاء وغير البيضاء بسبب الاختلاف على موقف سيارة مثلا، او ان شخصا تجاوز عنه بسيارته، حالات القتل والحرق واشعال الشوارع بالإطارات للتعبير عن الرفض والسخط لموقف ما، امر لم يعد يقبله عقل او منطق تحت أي حجة.

ومن الأعماق نطلقها صرخة مدوية لعلها توقظ من يلقي السمع وتخرجه من سباته، ليقف موقفا حازما مسؤولا أولا لتحليل الظاهرة وبعمق وجدية بعيدا عن التنظير السطحي والاني، والبحث عن الأسباب الحقيقة لهذا التكرار غير المفهوم والتوقف عن الاشارة اليها على انها حالات فردية معزولة، بل هي حالات عميقة وتقترب من الظاهرة وتخلق حالة من الخوف في نفس كل المواطنين. وثانيا البحث عن الحلول الجدية والمعالجة العملية للأسباب، والابتعاد عن أسلوب الترضيات والتلطيف من الاثار فمثل هذه الظواهر ان لم تقمع وبحزم ستتحول آجلا ام عاجلا الى ظاهرة يصعب وقفها، ومن هنا احذر وبحكم مسؤوليتي الأدبية والأخلاقية من هذه الكارثة، والتي من الممكن ان تجعل من اقتضاء الحق بالذات وسيلة شائعة بدلا من السلطة العامة، فتخلي السلطة العامة عن واجبها يعطى للأفراد فرصة التحول الى الحصول على الحق بوسائل غير الوسائل العامة.

لا يجوز دفن الرؤوس في الرمال، فالخطر موجود، والسلطة العامة تلجا الى حلول انية بعيدة عن البحث في أصل الظاهرة وطرح حلول عملية لها، يكفي ما وصلنا اليه، رسالة مخلصة اوجهها لكل من له قلب ولديه حس بالمسؤولية.