سيارة الامين .. لا أُبالية حكومية و ضرب من ضروب البذخ و الضغط على عصب الاردنيين
كتب أحمد الحراسيس -
أقرّت أمانة عمان الكبرى، الثلاثاء، بشرائها مركبة "لاند كروزر" لاستخدام أمين عمان الدكتور يوسف الشواربة، مبررة قرارها بكون أعطال المركبة السابقة زادت، وأن الأمين حصل على موافقة رئاسة الوزراء -أي أن الاجراء قانوني وبعلم رئيس الوزراء وموافقته-، فيما ظنّت الأمانة أن هذا التعليل يجب أن يُقنع الأردنيين الذين يعانون أوضاع اقتصادية سيئة للغاية..
الأمانة قالت في تبريرها أيضا إن المركبة هي لخدمة الأمين بصفته الوظيفية لا الشخصية، وكأن المشكلة هي مع الشواربة شخصيا، وهل سيأخذ المركبة معه بعد انتهاء ولايته أم لا، والحقيقة أن مشكلة الأردنيين ليست كذلك، بل مع البذخ في الصرف، وكأننا دولة نفطية أو دولة غنية، خاصة في ظلّ وجود أولويات يُفترض أن توجّه لها الأمانة كلّ الأموال المتوفرة من أجل انجازها.
العمّانيون اليوم يعانون من الأزمات الخانقة التي حوّلت العاصمة إلى نقاط غلق لا نهائية، وهم يرون أيضا شوارع العاصمة الرئيسية والفرعية في اسوأ حالاتها، فلا يكاد شارع يخلو من حفرة أو مصيدة -بكلّ ما للكلمة من معنى-، فيما تتجاهل الأمانة تصويب هذا الواقع بحجة عدم وجود الامكانيات لإصلاح الأضرار والخراب الذي تعانيه شوارعنا، بينما تصرف عشرات آلاف الدنانير من أجل خدمة الأمين وتوفير مركبة من نوع "لاند كروزر" تلائم "بريستيج" الأمين، وتحول بينه وبين الشعور بالحفر والمطبات العشوائية التي تملأ الشوارع.
كان الأصل بالأمين -إذا كانت مركبته غير صالحة للاستخدام حقّا- أن يختار شراء مركبة بسعر أقلّ، فليس شرطا أن يكون النوع "لاند كروزر" ولا أن تكون المركبة "موديل 2022"، يمكنه بنصف أو ثُلث ثمن هذه المركبة شراء أخرى بمواصفات مشابهة، ويوفّر على خزينة الأمانة المبلغ المتبقي، ليتمّ انفاقه بالشكل الأمثل..
بالأمس كان خبر منح النواب مبلغ (200) دينار اضافية تحت بند "بدل خدمات" وذلك جرّاء ارتفاع أسعار المحروقات، واليوم يتابع الأردنيون أنباء عن شراء الأمانة مركبة للأمين بمبلغ (140) ألف دينار، وقبل ذلك تابعنا الهدر في أموال الخزينة التي نموّلها من جيوبنا وقوت أبنائنا في سلطة العقبة وعدة هيئات مستقلة وشركات تساهم بها الحكومة وتساهم بها مؤسسة الضمان الاجتماعي ومنها شركة الملكية الأردنية التي دأبت الحكومة على دعمها بعشرات الملايين في كلّ مرّة بينما تتقاضى الادارة العليا فيها رواتب فلكية دون أن تتمكن من إحداث أي ازاحة ذات أثر..
المشكلة، أن الحكومة في كلّ سنة تصدّع رؤوس الأردنيين بالحديث عن ضبط النفقات، ولكن الواقع يُثبت أن تلك الوعود هي ذرّ للرماد في عيون الرأي العام، وربما خداع الجهات المانحة، فالهدر لدينا أصبح أمرا اعتياديا يستهجن المسؤول حديث الناس حوله.
وبالعودة إلى تبرير الأمانة، فإنه من حيث يقصد أو لا يقصد، يدين رئيس الوزراء الدكتور بشر الخصاونة ويشركه في هذه الخطيئة، ويُثبت أن العقلية التي تدير الدولة هي عقلية مستشرقة، لا علاقة لها بما يكابده الأردنيون، بدليل هذا البذخ في الانفاق على الكماليات والتغاضي عن الأولويات، وبدليل شراء مركبات فارهة في الوقت الذي يستوجب التفكير ببيع المركبات الزائدة عن الحاجة أو استبدال المركبات الكبيرة التي لا تقتضي طبيعة عمل الموظف هذه النوعيات من المركبات، وبدليل وضع خطط طويلة الأمد -تحتاج أقلّها عشر سنوات لتطبيقها- لمعالجة المشكلات الاقتصادية والسياسية والادارية التي نواجهها.
ما جرى اليوم وبالأمس وقبله يؤكد أن هناك شرخا كبيرا بين الشعب والسلطة؛ الشعب في وادٍ والسلطة في وادٍ آخر، والغريب أن السلطة لا تأبه بكلّ التحذيرات والاعتراضات والاحتجاجات التي يطلقها الناس، مع أن الأصل أن يفكّر المسؤول بمعاناة الناس وخدمتهم وليس برفاهيته ومستوى دخله، هذا حفاظا على الدولة والوطن.. قبل الكرسي.