عندما تزدري الحكومة المواطنين وتمتهن كرامتهم!



أحمد الحراسيس -

رغم الأموال الباهظة التي تصرفها الحكومة على إقامة الأبنية الحكومية الضخمة، إلا أن المراجع لعدد كبير من تلك المؤسسات لا يلمس أثر هذه المبالغ المصروفة، باستثناء حجم الرفاهية التي يتمتع بها كبار موظفي تلك المؤسسات؛ مكاتب فارهة ومركبات من أحدث طراز تتوفر فيها جميع وسائل الراحة، وأما المواطن فليس له نصيب من كلّ ذلك البذخ!

خلال الأيام الماضية، والتي سادتها أجواء شديدة الحرارة، كان لافتا مشهد المراجعين لبعض الوزارات ومنها وزارة الداخلية، وبعض الدوائر الأمنية، فالمراجع لتلك المؤسسات يضطر للبقاء في الخارج، إما تحت أشعة الشمس أو تحت مظلة حديدية لا تحمي ولا تقي من الحرّ في الصيف ولا من البرد والمطر في الشتاء، بينما الموظفون وكبار المسؤولين يتمتعون في الداخل يتبريد أجهزة التكييف صيفا وشتاء!

تخيّلوا، أن كلّ هذه الأبنية الفارهة والعملاقة، وهذا الصرف الباذخ الذي يموّله المواطن العادي من جيبه، وفي النهاية يتمّ "رمي" هذا المواطن "المموّل" على أبواب هذه الوزارة أو هذه الدائرة الأمنية! هذه معادلة غير منطقية وغير مقبولة ولا يمكن تصوّرها؛ كيف يكون الوزير أو المدير جالسا في مكتبه تحت التكييف، والمواطن الذي يصرف على المسؤول وعلى الدولة جالسا في الحرّ تحت أشعة الشمس أو مظلة حديدية ضررها ربما أكثر من نفعها!

الأصل بالحكومة عند إقامة أي مبنى رسمي، أن تضع في حسبانها حساب المواطن، سواء أكان متلقّيا للخدمة أو ملزما بمراجعة هذه الجهة أو المؤسسة، وأن تخصص بناء لائقا لاستقبال المواطنين والمراجعين، وبما يحفظ كرامة المواطن وانسانيته.

لا بدّ للمسؤول الأردني أن يعي جيّدا ويفهم ويقرّ ويتصرف على أساس أن المواطن هو عصب هذه الدولة وهذا الوطن، والواجب على كلّ مسؤول أن يقدّر ويحترم هذا الموطن ويحفظ كرامته، وعليه لا بدّ منوتخصيص أماكن لاستقبال متلقي الخدمة أو مراجعي المؤسسات والدوائر الأمنية، وهذا متطلب أساسي من احترام كرامة المواطن الذي يموّل الخزينة من جيبه ومن قوته وقوت أبنائه، ولا يليق أن نلقي بهذا المواطن في الشارع لحين تمكينه من انهاء معاملته.

كيف يسمح مسؤول في الدولة الأردنية لنفسه، أن يتصرّف ويحتقر ويزدري المواطن وهو يتلقّى راتبه من جيب المواطن؟! هذه رسالة لكلّ مسؤول يتصرّف بهذه الطريقة، وعلى الحكومة أن تتخذ اجراء فعليا لمعالجة هذه المسألة. فلا يمكن لمسؤول أن يصنّف نفسه بأنه وطني، وهو لا يحترم كرامة المواطن، من لا يهتمّ بكرامة المواطن لا يستحقّ أن يكون مسؤولا بداية حتى يُصنّف نفسه على أنه مسؤول وطني..