المجلس الطبي الاردني.. خطوة الى الامام، خطوتان الى الوراء



كتب الدكتور "محمد رسول" الطراونة - بداية أعتذر من الرفيق فلاديمير لينين صاحب مقولة وكتاب " خطوة الى الامام وخطوتان الى الوراء " و أستميحه عذرا في استخدام مقولته في وصف حال المجلس الطبي الاردني ، حيث يدور هذه الايام نقاش متشعب حول مشروع قانونه الذي اقرته الحكومة مؤخرا وأصبح في حوزة مجلس النواب – اللجنة الصحية وتباينت الاراء بين مؤيد لمشروع القانون ومعارض لبعض مواده . 

يذكر بان المجلس الطبي بدأ عمله بموجب القانون المؤقت لعام 1982 وحصلت تعديلات اقتضتها الظروف والضغوط واحيانا اعتصامات من قبل من شعر بانه قد تضرر من القانون وبالنظر الى الاسباب الموجبة لاصدار القانون الجديد وإلغاء القانون السابق لعام 2005 ، والتي بدت في ظاهرها لتمكين المجلس الطبي من مواكبة التطورات في برامج الامتياز والاختصاص والتوسع في الاعتراف بتخصصات طبية جديدة لم تكن معتمده سابقا بالاضافة الى شمول تخصص الصيدلة السريرية ودكتور الصيدلة تحت مظلة المجلس الطبي الاردني وفي باطنها رغبة حكومية نحو تسهيل عودة ابناءنا الاطباء العاملين في الخارج وتحديدا في امريكا والمانيا لممارسة اختصاصهم في الاردن بدون امتحان،هذه الرغبة ليست بالجديده فقد تملص منها اكثر من وزير صحة خلال العقد الاخير لكن يبدوا أن الرغبة لم تموت بل هناك في الغرب البعيد من يغذيها و يبهرها امام اصحاب القرار كلما سنحت الفرصة. 

إذا كانت الغاية تطوير عمل المجلس هناك مواد عديدة في مشروع القانون بحاجة الى تعديل بعد مرور أربعة عقود على تطبيقها وهناك حاجة الى اضافة مواد اخرى لمواكبة التطورات التي حصلت في السنوات الاخيرة .

لقد أثارت المادة ( 17 ) وخاصة الفقرة ( ب ) و( ج ) حفيظة العديد من الزملاء الاطباء بين مؤيد ومعارض ومخاوف اذا أجازها المشرع من أن تفتح الباب امام عمل اطباء قد يكونوا غير اكفياء ، هذه المادة أعفت من الامتحان الطبيب الحاصل على أعلى شهادة اختصاص من دولة تربطها بالمملكة اتفاقيات اعتراف متبادل موافق عليها من المجلس ، واستغرب إن كان هناك مثل هذه الاتفاقيات مثلا بين الاردن وامريكا او بريطانيا او روسيا ، وهل هناك بلد يسمح للطبيب بمزاولة المهنة دون امتحان او تقييم؟ وهل ستعترف امريكا او بريطانيا او روسيا بالبورد الاردني ؟ اجزم لا ، المادة اعفت ايضا من الامتحان الطبيب الحاصل علـى أعلـى شـهادة اختصـاص وفقا لبرنـامج تـدريبي معتمد منتهيا باجتيـاز الامتحان المخصص فـي البلـد الـذي تـدرب فيـه ويحمل رخصة مزاولة مهنة سـارية لمـدة ثلاث سـنوات بدون انقطـاع مارس خلالها المهنة للمدة ذاتها فـي مجـال اختصاصه فـي البلـد الـذي منحه رخصة المزاولة، هناك الكثير من البلدان لا تسمح لغير ابناءها من الخريجين بمزاولة المهنة ، اين العدالة اذن ؟ . 

قولا واحدا ، الاستثناء ( الاعفاء) في اي تشريع سواء كان قانون او نظام يعتبر مدخل لسوء النية بالتجاوز على القانون برمته ، اذ يصبح الاعفاء ثغره يسهل منها ادخال او دخول فئة معينة دون غيرها ودخول فئة لا تستحق الدخول . 

مما ورد على لسان الكثير من زملاءنا في الخارج من مؤيدي الغاء الامتحان لصعوبتة وشكواهم من مزاجية بعض اعضاء لجان الامتحان الشفوي مما شكل عائق امام الكثير منهم لتقديم الامتحان والبعض الاخر تشكلت لدية " فوبيا البورد " وهذا يحدث في كثير من البوردات في العالم ، ولتجاوز هذا الامر وفي اطار التطوير يتم استحداث بنك للاسئلة وتتم مراجعة الاسئلة بشكل دوري وتحذف منه الاسئلة التي لم يتمكن 75 بالمائة من اعضاء اللجنة من الاجابة عليها ويتم كذلك تغيير شكل الامتحان للتقليل ما امكن من التاثير البشري من خلال عقد الامتحان السريري الموضوعي المنظم (OSCE) وبعدد محطات لا يقل عن 10 وهو ما تقوم به معظم البوردات في العالم. 

اما اذا كانت الغاية اتاحة المجال امام زملاءنا في الخارج من ذوي الاختصاصت النادرة وممن لديهم حرقة في قلوبهم وتم حرمانهم من خدمة اهلهم وذويهم كما ورد في بيان جمعية الاطباء الاردنية الامريكيه على لسان رئيسها الزميل الدكتور بهاء الدين التميمي حيث يعزي عدم عودتهم الى وجود بيروقراطيه في اجراءات رجوع بعضهم وعقاب لهم كونهم تفوقوا في التوجيهي ثم الطب في الاردن ثم في افضل مستشفيات امريكا -الكلام للزميل التميمي - وعدم رغبتهم في الجلوس للمتحان، نقول- لا يعيب اي طبيب اردني يعمل في الخارج واستلم موقعا متقدما اثناء مزاولته للمهنه في بلد الاختصاص ان يجلس لامتحان البورد عند عودته ، اعرف زميل كان رئيسا لقسم شبكية العين في أعرق مستشفيات المانيا وزميل اخر كان من افضل اساتذة جراحة الدماغ والاعصاب في الاتحاد السوفياتي ومئات الاطباء الاردنيين ممن حصلوا على البورد الامريكي والبورد الالماني والزمالة البريطانية جميعم جلسوا لامتحان البورد الاردني ومع ذلك لوزير الصحة منح من يرغب بالعمل في الاردن وخدمة ابنائة تصريح مزاولة مهنة لمدة سنة قابلة للتجديد وهذا معمول به للطبيب غير الاردني وفقا للمادة (من قانون نقابة الاطباء،اما ما يتعلق بالزملاء الذين يطلبون معادلة شهاداتهم ( البورد الاجنبي ) تجدر الاشارة الى ان معادلة اي شهادة علمية هي من اختصاص وزارة التعليم العالي وليس المجلس الطبي.

خلاصة القول ، استحلفكم بالله ، ابقوا وحافظوا على هيبة المجلس الطبي ولنمشي خطوتان الى الامام دون الوراء.