الشعب ومحاضراتهم
يُعدّ الأردن من أكثر دول العالم إنتاجاً للمسؤولين في كافة السلطات، وكنت سابقاً قد قسمت فئات المسؤولين السابقين إلى ثلاث، الأولى منهم وهي فئة المعارضين للسياسات المتبعة، والفئة الثانية الملتزمون للصمت والمراقبون عن بعد، والفئة الثالثة الناشطون والمنظرون، وكل هذه الفئات ومن ينتمي إليها لا يمانع من العودة لموقع المسؤولية في أي وقت، إلا من رحم ربي حتى لا أظلم بالتعميم، ولن أعيد تفصيلها هنا منعاً للتكرار، ومن المعلوم، أنه لا يجوز الحجر على أي مسؤول سابق أو أي شخص ومنعه من الحديث، أو إبداء الرأي؛ فحق الرأي وحريته مصانان بكافة المواثيق الدولية والقوانين الأساسية للدول، وهذا الحق عززه دستورنا الأردني بالمادة 15 منه.
في الآونة الأخيرة، وبعد فترة تقييد الحريات بسبب جائحة كورونا، عادت مؤسسات المجتمع المدني باستضافة ودعوة شخصيات عملت وتقلدت مناصب ومواقع مهمة في الدولة الأردنية، لا ننكر أنها عملت قدر استطاعتها وقدمت للوطن، ولكن بالمقابل، لا ننكر بالوقت ذاته أن الوطن قدم لها أكثر.
إن أغلب المحاضرات والشخصيات ولا أعمم، يخرج منها الحاضر دون أي فائدة، رغم تعطشه لسماع حلول وأفكار وطروحات سياسية وإدارية جديدة تضيف له، ولكن للأسف لا يحدث ذلك، ولا نسمع إلا تنظيراً وانتقاداً دون تقديم أي حلول وإعادة تسليط ضوء على مشكلاتنا، فمنهم من لا يستطيع إضافة أي شيء، ولا يسرد لنا إلا عناوين، ومنهم من لا يقبل التعليق على ما قدمه في المحاضرة ذاتها، في حال ناقشه أحد الحاضرين، ومنهم من لا يجيب على أسئلتهم ويتهرب منها.
وهنا أسأل: ما هي الإضافة المقدمة للحاضرين؟ الإجابة: لا شيء.
يحتار المواطن ويصاب بحالة من عدم الاتزان والصدمة، حيث إن من يتحدث أمامه يصف كافة المشاكل التي يعاني منها المواطن والوطن بدقة، ولكن يجول في خاطره أسئلة عديدة منها سؤال المليون، ألا وهو: أين كنت وماذا قدمت عندما كنت تتربع على كرسي المسؤولية؟
اليوم، معيار الثقة لدى المواطن الأردني أصبح ضعيفاً إن لم يكن معدوماً، والصورة أمامه مهما حاول البعض تجميلها فهي سوداء للأسف، وهذا كله نظراً لما أوصلتنا إليه الحكومات المتعاقبة وأغلب الشخصيات المحاضِرة.