اكتشاف حجارة نرد عمرها 2400 عام في بيت جبرين الفلسطينية
يتواصل الكشف عن موجودات أثرية نادرة من عصور مختلفة في فلسطين، آخرها مجموعة ألعاب مصنوعة من العظام للتنبؤ بالمستقبل والأقدار تعود للفترة الهيلينية، عمرها 2300 سنة، في بلدة بيت جبرين شمال غرب الخليل في الضفة الغربية المحتلة.
وحسب بيان سلطة الآثار التابعة للاحتلال، يدور الحديث عن 530 قطعة من عظام كاحل الماعز والخراف، التي تشبه بمظهرها حجر النرد، وقد استخدمت في ذاك الزمن الغابر حجارة لعب وطقوس دينية لاستكشاف الطالع بيد النساء والأولاد. ويستدل من معاينة المكتشفات الأثرية النادرة في بيت جبرين أن هذه الحجارة العظمية قد تم تمليسها وإنتاج ثقب في كل منها وصب النحاس داخلها، وذلك من أجل استخدامها على أفضل وجه خلال إلقائها بيد من يستخدمها.
وفي بعض هذه القطع العظمية نقشت كتابات يونانية، وفي أخرى نقشت أسماء آلهة ترتبط بأمنيات البشر في حياتهم اليومية خلال العصر القديم، ومن ضمنها إلهة الخصوبة والحب والجمال إفروديت، وإلهة الحبّ إيروس، وإلهة النصر نيكا، وآلهة أخرى. وفي بعض هذه القطع العظمية نقشت تعليمات المشاركة في "اللعبة”، أو وظائف المشاركين: "السارق”، "قف”، لقد احترقت”، الخ.
ويعتبر باحثون مختصون أن هذه المكتشفات نادرة جداً من ناحية الكم والكيف خاصة على مستوى الكتابات المنقوشة في بعضها. ويوضحون أن هذه المجموعة الأثرية تدلل، كما هو اليوم، على أن بعض الناس يبحثون عن أجوبة لدى جهات خارجية في أوقات الضيق، كالتوجّه للسحر والشعوذة وعوالم الغيب. وحسب الباحثين فإن البشر، خاصة النساء، في العصر القديم واجهن بيئة من المجهول والموت خلال الولادة ومشاكل صحية، ولذا حاولن الدفاع عن أنفسهن بالاستعانة بالسحر والشعوذة وغيره. هذا علاوة على استخدام حجارة النرد العظمية هذه من أجل اللعب واللهو والحفاظ على البركة داخل البيوت وفي العالم، هناك أمثلة على دفن أولاد مع مثل هذه الحجارة كي يجدوها معهم في العالم الآخر.
يشار إلى أن الباحثين اكتشفوا لجانب هذه المجموعة العظمية كتابات بخط اليد كتبت على جدران أوان فخارية في بيت جبرين باللغة الآرامية، تقول: إن فعلت كذا وكذا فسيحدث لك كذا وكذا، وذلك ضمن تنبؤات المستقبل. ويرجح الباحثون أن التقاليد المكتشفة تدلل على اختلاط الحضارات بعدما سكنت شعوب مختلفة وقتذاك في حوض البحر المتوسط، ويوضحون أن الموجودات الأثرية هذه تلقي الضوء على أنماط حياة البشر في العصر القديم وتذكّر بأنهم يتصرفون كما يتصرف البشر في كل الأماكن والأزمنة: يحلمون ويتأملون ويلهون في أوقات معينة رغم شظف العيش وربما بسببه. يشار إلى أن بلدة جبرين في غرب الخليل قد احتلتها الصهيونية وهجرّت سكانها في نكبة 1948، وتمتاز البلدة حتى اليوم بتشكيلة واسعة من الآثار العمرانية النادرة من فترات تاريخية متنوعة بعضها يعود للفترة العربية- الإسلامية.
يحتلون ويحفرون
يشار إلى أن صحيفة "هآرتس” قد أكدت، في افتتاحية هيئة التحرير بعنوان "يحتلون ويحفرون”، أن سلطات الاحتلال الإسرائيلي التي تدير العديد من الأذرع الاستيطانية في الضفة الغربية المحتلة، تستغل علم الآثار من أجل طرد الفلسطينيين من أراضيهم. وذكرت "هآرتس” في افتتاحيتها، الجمعة الماضي، أن "سلطة الآثار الإسرائيلية، تعمل بنشاط في الضفة الغربية منذ احتلالها؛ فهي تقوم بعمل حفريات يشرف عليها ضابط أركان الآثار في الإدارة المدنية (تابعة لجيش الاحتلال)، كما أقيمت حدائق أثرية من قبل منظمات ترتبط بالمستوطنين، ووفود حفر لمنظمات إنجيلية من الولايات المتحدة عملت فيها. وحذرت من أن "علم الآثار أصبح أداة لإدارة دحر الفلسطينيين عن الأرض وتثبيت رواية الحق اليهودي في المنطقة”، زاعمة أن "معظم الباحثين في الجامعات في إسرائيل، كانوا حذرين من الانشغال بشكل مباشر في الحفريات في المناطق الفلسطينية، لأن مثل هذه الحفريات لا تزال تعد من قبل معظم العالم الأكاديمي، عملا غير قانوني في أرض محتلة. مرجحة أن أي باحث قد يسعى لنشر مقال في مجلة دولية أو أن يحصل على تمويل من جسم غير إسرائيلي لمشروع في الضفة الغربية "من شبه المؤكد أنه سيلقى الرفض”.
موضحة أن جامعة "بار إيلان” العبرية، بدأت مؤخرا في حفر بحثي في موقع خربة "أفنا” قرب قرية النبي صالح، ويوجد الموقع في منطقة يؤكد السكان الفلسطينيون أنها ملك لهم، وليس أقل خطورة من ذلك، أن يجري حفر "علمي” لجامعة إسرائيلية في الضفة (بخلاف الحفر الإنقاذي الذي يجرى زعما لأغراض التنمية)، هو فعل آخر من تطبيع غير طبيعي. وأكدت "هآرتس”، أن "السيطرة الإسرائيلية العسكرية على المناطق في الضفة الغربية، وعلى ملايين البشر ممن ليسوا مواطنيها، ليست شرعية. وأضافت: "الباحثون الإسرائيليون الذين يحفرون هناك وكأنها منطقة سيادية لإسرائيل، يساهمون في نفي الاحتلال”، منبهة إلى أهمية أن تقوم "المنظمات الدولية والجامعات في العالم، برفض مثل هذه المحاولات”.
ونوهت أن من بين الجامعات الإسرائيلية التي تقوم بأعمال تهويدية وحفر في الضفة الغربية المحتلة، إضافة لـ "بار إيلان”، هناك جامعة "تل أبيب” التي "تتعاون منذ سنين مع جمعية "إلعاد” الاستيطانية في حفريات مدينة داود شرقي القدس، و”الجامعة العبرية” حفرت في "هوروديون”، وجامعة "حيفا” أجرت استطلاعا أثريا ضخما في الضفة الغربية، وجامعة "أرئيل” هي الأخرى التي أقيمت على أرض محتلة، عملت أيضاً في الضفة الغربية المحتلة. وخلصت "هآرتس”، في افتتاحيتها، إلى القول: "لا خلاف أن الضفة الغربية من المناطق الغنية والمثيرة للاهتمام من ناحية أثرية، لكن طالما استمر الاحتلال، على الباحثين ورؤساء الجامعات أن يسحبوا أيديهم من الحفريات في هذه المناطق دون موافقة فلسطينية وبخلاف القانون والمواثيق الدولية.
خلافاً للقانون الدولي: إسرائيل تجري حفريات أثرية بالضفة.. وفلسطينيون: ذريعة لسرقة أراضينا
وكانت "هآرتس” قد نشرت تقريرا موسعا قبل أسبوع قالت فيه إن جامعة بار إيلان أجرت مؤخراً حفريات أثرية في الموقع الذي يسمى خربة تبنه القريبة من قرية النبي صالح شمالي رام الله، يقول فلسطينيون من سكان القرية بأن الحفر يجري في أراض خاصة بملكيتهم. ولكن جاء من الجامعة بأنها "أراضي دولة”، استناداً لأقوال الإدارة المدنية. منوهة بأن قرار إجراء الحفريات الأثرية في الضفة يعتبر استثنائياً؛ فمعظم خبراء الآثار في إسرائيل لا يحفرون في الضفة الغربية لأن مجلات دولية تميل إلى رفض نشر مقالات ترتكز على حفريات في مناطق محتلة، لأن الأمر مخالف للقانون الدولي. منبهة إلى أن البروتوكول الثاني في ميثاق لاهاي، الذي لم توقع عليه إسرائيل، يمنع القوة المحتلة من الحفر في المناطق المحتلة، باستثناء حفريات إنقاذ، التي تعد حيوية للحفاظ على الموقع.-(وكالات)