الدغمي يتهدد الاعلام ويلوح بالويل والثبور وعظائم الامور.. والصحافة ستقول كلمتها
محرر الشؤون البرلمانية -
"جاءتني ملاحظة، إذا قام أحد من الشرفات بتصوير خصوصيات النواب والوزراء، فسأتخذ أشدّ الاجراءات بحقّه، إذا قام أحد بتصوير الأوراق بين النواب والوزراء أو بين النواب أنفسهم أو بين الوزراء أنفسهم، فسوف أتخذ اجراءات مشددة لحماية كرامة المجلس وكرامة أعضاء المجلس".
بهذه الكلمات، وهذه اللغة الفظّة والغليظة التي يرفضها الصحفيون جملة وتفصيلا، وجّه رئيس مجلس النواب المحامي عبدالكريم الدغمي رسالة تهديد إلى مندوبي وسائل الإعلام ممن كانوا يغطّون جلسة النواب تحت قبة البرلمان، الاثنين، لنقل حيثيات مناقشات قانون المجلس الطبي المثير للجدل.
لا نعرف كيف يريد الدغمي حماية كرامة مجلس النواب، والأردنيون يراقبون العلاقة بين الحكومة والبرلمان، وكيف يأتي القانون إلى مجلس النواب ويمرّ هكذا دون أي تعديلات جوهرية، مهما كان حجم الاعتراض الشعبي على صيغة القانون ومهما كان حجم رفض أصحاب العلاقة من نقابات وجمعيات عليها -كما هو حال قانون المجلس الطبي-، حتى أصبح المواطن لا يعوّل أبدا على امكانية اجراء النواب أي تغيير على القوانين الواردة من الحكومة!
الذي يضرّ بكرامة مجلس النواب أيضا، هي الاجراءات العرفية التي نلمسها في العلاقة مع السلطة الرابعة، وعدم الشفافية، وعدم احترام المواطن، وتمرير التشريعات دون تعديلات جوهرية، وعدم التصدي للممارسات الحكومية التي تستهدف المواطن، والسماح للحكومة بالسطو المستمر على جيب المواطن.
الذي يضرّ بكرامة مجلس النواب هو استقواء الحكومة وتغوّلها على النواب، واستجداء النواب اجابة وزير أو مدير على هاتفه، وأن تُحلّ لجنة نيابية أو يتمّ التلويح بحلّ لجنة نيابية بسبب موقف الوزير من رئيسها، والذي يضرّ بهيبة وكرامة النواب أن يطلب أحد الأعضاء واسطة لإنجاز أمر غير قانوني، وأما كشف مثل تلك الممارسات فإنها لا تضرّ بكرامة النواب، بل أنها أعلى درجات المسؤولية.
كنّا ننتظر من الدغمي أن يُبدي غضبة تجاه شكاوى النواب المتكررة من عدم استجابة الحكومة للمذكرات التي صارت في عهده لا تُسمن ولا تغني من جوع، وأما لغة التهديد التي يتحدث بها مع الصحفيين وفتح معركة مع السلطة الرابعة فإنها لن تحفظ كرامة المجلس كما يظنّ الدغمي الذي يُثبت يوما بعد يوم أنه لا يختلف كثيرا عن أسلافه من رؤساء المجلس الذين حاولوا تقييد وتعطيل عمل الصحفيين.
لا نعرف ما الذي استند إليه الدغمي في تهديده الصحفيين، وما هو البند القانوني الذي يمكن أن يُسعفه في قتل آخر مظاهر الشفافية في البرلمان وهي المؤسسة التي يفترض أن تحمي القانون وتدافع عن إنفاذه، لكننا نؤكد على ما ورد في تصريحات المستشار القانوني لرئيس الوزراء السابق، المحامي محمد قطيشات، والذي أكد أن تصوير ما يحدث تحت قبة البرلمان في جلسة برلمانية علنية هو حق يستند إلى القواعد الدستورية الواردة في المادة (15) من الدستور، ويستند إلى قانون المطبوعات والنشر وقانون الاعلام المرئي والمسموع وإلى المادة (198) من قانون العقوبات التي أجازت نشر أي أمر قيل أو جرى أو أذيع في مجلس الأمة أثناء عمله وتحت القبة. وأن تصوير كلّ ما يحدث تحت القبة في جلسة علنية لا يعدّ مساسا بالحياة الخاصة للنائب، لأن خرق الحياة الخاصة قد وردت أحكامه في المادة (348) مكررة من قانون العقوبات الساري لا يمكن أن تنطبق على ما يقوم به نائب في جلسة برلمانية علنية تحت القبة، فالحياة الخاصة للنائب تقف عند عتبة باب مجلس النواب.
كما أن وجود النائب تحت القبة في جلسة برلمانية علنية يعني أن هذا الشخص العام يمارس عمله ويؤدي وظيفته وتسليط الضوء على هذا الأداء من قبل وسائل الاعلام مهما كانت الوسيلة أو بالتصوير فيديو أو فوتوغراف أو كتابة مقال يمثل نقدا لأدائه فهو يتحمل مسؤولية هذا الأداء. والنقد قد يظهر الايجابيات وقد يظهر السلبيات.
الأكيد في كلّ ذلك، أن اللهجة التهديدية والسلطوية هي لهجة يرفضها الإعلام والعاملون فيه، والأكيد أيضا أن الصحفيين سيواصلون دورهم وسيستمرون بأداء رسالتهم، وأن حديث الدغمي لا يُقدّم ولا يؤخّر بالنسبة للصحفيين المؤمنين برسالتهم.
الواجب اليوم على الدغمي أن يتراجع عن تلك التهديدات، وأن يحفظ النواب أنفسهم هيبتهم وكرامتهم من خلال الممارسة الفضلى لدورهم، والمطلوب من وسائل الإعلام أن تأخذ موقفا رادعا، فالإعلام سلطة رقابية على كافة السلطات وليس مطيّة، وهو لا يقبل التهديد والوعيد..
** فيديو كلمة الدغمي التي يتهدد بها وسائل الإعلام أسفل المساحة الإعلانية..