حزب العمال : تعديلات الضمان بعضها مؤذي ومفقر ونحذر من المساس بأموال الضمان
تابع حزب العمال بقلق تصريحات المدير العام لمؤسسة الضمان الاجتماعي في مؤتمره الصحفي الذي عقده بتاريخ 31/8/2022، والتي أعلن فيها عن الخطوط العريضة لتعديلات قانون الضمان دونما إجراء أي مشاورات مجتمعية جادة حولها ودونما نشر مسودة التعديلات للاطلاع عليها من قبل المنتفعين.
ويستنكر الحزب إقدام مؤسسة الضمان الاجتماعي التي تعمل بأموال الأردنيين على تعديل 47 مادة من مواد القانون من اصل 110 مواد دون حوار مجتمعي شامل، لا سيما وأن بعض هذه التعديلات يمثل إجراء جراحيا عميقا ومؤلما يؤثر سلبا في معيشة الأجيال القادمة، وليست مجرد تعديلات هامشية يمكن غض الطرف عنها وقبولها دون حوار.
كما يستغرب الحزب إقدام مجلس إدارة المؤسسة العامة للضمان الاجتماعي، لا سيما الأعضاء الخمسة الذين يفترض بهم تمثيل العمال في هذه المؤسسة على إقرار هذه التعديلات التي تضر بسوق العمل وبحقوق العمال، ويخص الحزب بالعتب الشديد السادة مازن المعايطة وخالد الفناطسة وغيرهم من الأعضاء المتكررين في مجلس ادارة الضمان على عدم تصديهم لبعض التعديلات التي لا يمكن وصفها إلا بالخطيرة، ويدعوهم إلى اتخاذ موقف مناهض لها، فدورهم الحقيقي حماية مصالح العمال وحفظ التوازن في سوق العمل وليس مجاملة الحكومة أو مؤسسة الضمان على حساب المصلحة الوطنية العامة.
ويحذر الحزب من أن بعض التعديلات التي أعلن عنها تمس بحقوق الشباب والأجيال القادمة على وجه الخصوص، وتدفع بأبنائنا وأحفادنا الى هوة الفقر وتضعف من مظلة الحماية الاجتماعية بدلا من أن تقويها، إذ يمنع مشروع القانون التقاعد المبكر ويلغيه تماما لكل من لا يملك 36 اشتراكا في الضمان قبل تاريخ 1/1/2026، كما يرفع سن تقاعد الشيخوخة إلى 62 سنة للذكور بدلا من 60 و59 سنة للإناث بدلا من 55، بمعنى أنه يجبر العاملين والعاملات على البقاء لمدد أطول بكثير في سوق العمل، ويخفض في الوقت ذاته رواتبهم التقاعدية، إذ تم تعديل الحسبة التقاعدية في مشروع القانون لكل من لا يملك 120 اشتراكا بحلول 1/1/2023 لتشمل متوسط أجور المشترك عن كل سنوات اشتراكه في الضمان من اول راتب الى آخر راتب، بدلا من متوسط أجوره عن آخر 36 اشتراكا.
ولإجبار الأردنيين والأردنيات على تجرع هذا الدواء المر، فقد قدم المدير العام وعدا غامضا بربط تلك الرواتب التقاعدية التي سيسري عليها القانون الجديد بمعدل التضخم طيلة سنوات الاشتراك، دونما الإفصاح عن النص القانوني الذي يحكم ذلك أو آلية احتساب ذلك التضخم، علما بأنه حتى في المثال الذي نشرته المؤسسة على صفحتها الالكترونية، فإن الرواتب التقاعدية للمشتركين الجدد ستنخفض بشكل ملموس في نفس الوقت الذي يجبرون فيه على البقاء في سوق العمل لمدد أطول.
إن إلغاء التقاعد المبكر ورفع سن تقاعد الشيخوخة وتغيير آلية احتساب متوسط الاجور لتشمل طيلة فترة الاشتراك بدلا من السنوات الثلاث الاخيرة وما يرافقها من شروط، إنما هو إفقار لجميع العاملين والعاملات في السنوات القادمة، فالمنتفع الذي بلغ سن الخمسين مثلا بعد خدمة طويلة في سوق العمل لن يتمكن من التقاعد، وفي حال فقد عمله فإنه لن يتمكن من ايجاد عمل بديل باعتباره كبير السن، وإن توجه للمؤسسة يطالب بإحالته للتقاعد لن يحصل على تقاعد باعتباره صغير السن، وهو ما سيضعه في مهب الريح دونما أجر من وظيفة قائمة ودونما تقاعد من راتب ضمان، حتى بإقرار التعديلات المتعلقة بالسماح له بتقاضي راتب تعطل عن العمل يناهز 70% من أجره شريطة ان لا يتجاوز ما يسحبه 8% من مجموع مدخراته.
كما اجترحت المؤسسة اختراعا لا تؤيده نصوص القانون حين أعفت المؤسسات من شمول الشباب تحت سن الثلاثين بمنظومة تأمينات الضمان كاملة مستبدلة ذلك بما أسمته الشمول الجزئي في تأمين الشيخوخة، علما بأن تأمين الشيخوخة هو تأمين متكامل يشمل ايضا العجز والوفاة ونسبته 17.5% من الرواتب يتحملها العامل ( بنسبة 6.5%) وصاحب العمل ( بنسبة 11%) ولا يوجد نص في القانون على تجزئته لا من حيث المبلغ المقتطع ولا من حيث التأمينات التي يشملها.
ولم تكتف تلك التعديلات المقترحة بالمساس بحقوق الاجيال الشابة، بل تجاوزت ذلك الى المساس بحقوق المشتركين في الضمان ممن لا يملكون أكثر من 84 اشتراكا بحلول 1/1/2023 إذ سيكون سن التقاعد المبكر لهم هو 55 للذكور و52 للإناث، ومع ربط هذه التعديلات مع معدلات الخصم الجائرة على رواتبهم فإن المؤسسة تكون فعليا قد حدت جذريا من التقاعد المبكر بالنسبة للمشتركين القدامى، أما مسألة ربط رواتبهم هذه بالتضخم أي بزيادة بضعة دنانير فإنها ذر للرماد في العيون، ومحاولة متذاكية لامتصاص الغضب الذي سيعم الشارع لو أدرك المنتفعون خطورة التعديلات المقترحة.
أما زيادة الاقتطاع من أجور المؤمن عليهم بنسبة 5% اضافية لتفعيل صندوق التأمين الصحي، فإنه اقتراح يأتي ليساعد الحكومة على التنصل من مسؤولياتها في تحمل كلفة هذا التأمين مع أنه واجبها ودورها، ومع أن الزيادة ( 5%) التي رافقت إقرار قانون الضمان لسنة 2014 سوقت للنواب آنذاك باعتبارها جاءت لتفعيل التأمين الصحي، فإذا بالمؤسسة تعيد الكرة اليوم لترفع الاقتطاعات من أجور المنتفعين إلى 26.75%، وهو رقم من أعلى الارقام في العالم، ولا يتناسب اطلاقا مع مقدرة سوق العمل الاردني، ويرفع كلفة الاقتصاد بدلا من خفض كلفته ويسهم في هروب الاستثمار وتهرب الطرفين: العاملين واصحاب العمل من الاشتراك في ضمان لا يحقق لهم الحد الأدنى من النمو والازدهار والحياة الكريمة لا أثناء العمل ولا بعد التقاعد.
أما التعديل الأخطر على الإطلاق فهو ما يشاع حول نية المؤسسة تعديل نص الفقرة ب من المادة 19 والتي تمنع استخدام اموال الضمان إلا لما يقتضيه تطبيق أحكام القانون والأنظمة الصادرة بمقتضاه، إذ تحذر مصادر مطلعة من داخل المؤسسة أن عدم نشر نص التعديلات إنما هو لإخفاء التعديل الذي طرأ على هذه المادة، والذي سيتيح للمؤسسة عبر تعليمات تصدرها استغلال أموال الضمان كيفما شاء مجلس الضمان، ويحذر الحزب من المساس بهذه المادة، ويعتبر تعديلها إعلان حرب على مصالح المؤمنين والمتقاعدين والأجيال القادمة.
هذا غيض من فيض التعديلات المزمعة المؤذية، ومع إقرارنا بوجود بعض التعديلات الايجابية التي تمت المبالغة في تصوير قيمتها وآثارها للشعب الاردني، إلا أن التعديلات الخطرة تمسح تلك الآثار الايجابية وتلغي مفاعيلها.
وسيكون للحزب وقفة جادة بالتعاون مع القوى الاجتماعية والسياسية الاخرى لإحباط تلك التعديلات الخطرة التي تأتي ضمن سلسلة من الاجراءات التي تستهدف كرامة الانسان الاردني ولقمة عيشه وتهدد أمنه الاجتماعي والاقتصادي. وقد بادر الحزب بالفعل إلى عقد ندوة يوم الثلاثاء الموافق 6/9/ 2022 ضمت خبراء ومختصين وممثلين عن جمعيات وأحزاب ذات صلة لمناقشة تلك التعديلات، حيث أجمع الحضور على خطورتها وتهديدها للامن الاجتماعي، وانبثق عن تلك الندوة لجنة من كل أطياف العمل الوطني سيتم الاعلان عن نشاطاتها تباعا، وهي مفتوحة لانضمام كل الراغبين في توحيد الجهود من أجل الوصول الى ضمان اجتماعي حقيقي يحمي كل العاملين اليوم وغدا وبعد غد.