د. الخشاشنة يكتب: المجلس الطبي.. إلى أين؟!



كتب العميد الطبيب المتقاعد عيسى الخشاشنة - 

 

لا شكّ أنّ السمعة الطبية التي اكتسبها الأردن عبر عقود مضت شكلت ثابتاً يعتز به.

تلك السمعة الطيبة التي اسس لها المخلصون من أطباء أحبوا الأردن بكافة تفاصيله، وهي ذات السمعة التي باتت تمثل ورقة مركزية بأيدينا في تعزيز مكانتنا والحفاظ عليها محليا ودوليا.

وليس من السلامة الوطنية أن نمسّ عنوان الطب في مملكتنا العزيزة عبر شطحات و قفزات لا هي منطقية و بعيدة عن منطق الأمور.

فهيبة الطبّ في الأردن عنوانها المجلس الطبّي ، ما يضعنا أمام جملة من التساؤلات مالذي يراد حول المجلس الطبي.

و السؤال : ما المسوّغات والتبريرات التي تدفع تجاه تغيير شكل المجلس و مضمونه و غايته الرئيسة التي شكل من أجلها، و حقيقة اقول لا داعي للتبرير و التجميل فالغاية و المقصد من ذلك كله باتت حقيقة معروفة عنوانها الهبوط بالمستوى الطبي الذي نعرفه و نعتز به لمستويات بدائية تسودها الفوضى والتخبط.

ومن البدهي ذكره أن مجلس النواب مطالبٌ في كل موقف أن ينحاز لمصلحة مهنة الطب حتى لو خالف توجّهات الحكومة وقوانينها المطروحة.

وحين ننظر مثلاً في مواد مشروع قانون المجلس الطبي الأردني لسنة 2022 المطروح بين أيدي مجلس النواب ، فإننا نصطدم بالبنود المدرجة في المادة ١٧ ، والتي تنسف مسألة الكفاءة وتقزّم الأهداف المنشودة من التطوير والتحديث ، فكيف يمكن أن نلغي الامتحان المطلوب من الأطباء ، ونتغوّل على صلاحيات المجلس الطبي لنفقده رسالته ، وكيف يمكن أن نستوعب أن تكون الوزارة هي الناظم لمسيرة الطب التعليمية والتقييمية في ظل وجود المجلس الطبي المسؤول الأساس عن ذلك والمُناط به كل التفاصيل التي من شأنها حمايةمهنة الطب والارتقاء بها ، لا سيما أن عمل وزارة الصحة مرهونٌ بتوجيهات المجلس الطبي ، ومثلها وزارة التعليم العالي التي تضع تعليماتها وفق قانون المجلس الطبي الذي يعد المرجع الأعلى لذلك.

وفي هذا السياق لا نستطيع الاستغناء عن أية كفاءة تدخل البلاد وترفد هذا القطاع بالخبرة والتطوير ، ولكن على أن يتم ذلك من خلال مزاولة مهنة تُعطى لهم ، بعد مصادقة النعليم العالي على شهاداتهم وفق اختصاصاتهم ، وبالتالي نتجنّب التدخّل في عمل المجلس الطبي واختصاصه واستقلاله في قراره وحيثيات عمله .

وبحكم خبرتي الشخصية رئيساً سابقاً للجنة الشؤون الصحية في مجلس النواب فإنني أحذّر من المصادقة على القانون الجديد دون إعادة النظر في ذلك ، تحت مظلة وطنية يتشارك فيها كل الجهات والأشخاص الفاعلين والمتخصصين في القطاع الطبي .

وإن تمت المصادقة على ما سبق فإننا سندخل في منعطفٍ خطير ومنحنى ينحدر بعشوائية دون ضوابط علمية رصينة تصبّ في صالح حفظ تلك المكتسبات الغالية في القطاع الطبي العتيد الذي عهدناه.


* الكاتب رئيس لجنة الصحة والبيئة في مجلس النواب الثامن عشر، ورئيس لجنة امتحان البورد الاردني في اختصاص الاطفال