خبراء يدعون إلى إعادة النظر بالتأمين الصحي المقترح من الضمان الاجتماعي



شدد خبراء في مجال الحمايات والتأمين الصحي بضرورة إعادة النظر بصيغة التأمين الصحي المطروحة حاليا في تعديلات قانون الضمان الاجتماعي لعام 2022، وفتح حوار شامل يضم الجهات ذات العلاقة كافة، لتطويره بصورة عادلة ومستدامة.
وطالبوا بضرورة تأمين تمويل التأمين بشكل عادل بين الأطراف ذات العلاقة، وضمان استدامته مستقبلا من خلال التنسيق بين المؤسسات ذات العلاقة وبخاصة وزارة الصحة والخدمات الطبية الملكية.

جاء ذلك خلال جلسة عقدها مركز الفينيق للدراسات الاقتصادية والمعلوماتية بالتعاون مع مؤسسة فريدريش إيبرت الألمانية، أمس الإثنين، بعنوان "نحو تأمين صحي مستدام في الأردن".

وقال مدير مركز الفينيق أحمد عوض إن الصيغة المطروحة حاليا غير عادلة وغير مستدامة، إذ سيتحمل كلفة الشمول بالتأمين الصحي العمال أنفسهم فقط دون غيرهم بنسبة 5 بالمئة من أجورهم.

كما أن إضافة مادة في مشروع القانون تُعطي الصلاحية لمجلس إدارة الضمان بإيقاف التأمين الصحي متى شاءت يدلل على عدم استدامته مستقبلا، وفق عوض الذي شدد على ضرورة عدم تطبيقه إلا بعد إعادة النظر بصيغته المطروحة حاليا.

وبين عوض أنه وبالرغم من وجود تعديلات إيجابية في مشروع القانون، إلا أنها تُرفق مع تعديلات تراجعية كبرى والتي لا يمكن غض النظر عنها لما لها من تداعيات خطيرة على المجتمع الأردني واستقراره.

من جانبه، قال الدكتور لوكا بيليرانو المستشار الإقليمي للضمان الاجتماعي في منظمة العمل الدولية إن التأمين الصحي الاجتماعي هو مفهوم راسخ في القانون الدولي، ومتجذر في منظومة حقوق الإنسان في الصحة والضمان الاجتماعي، وأداة حقوقية تساهم في تحقيق أهداف الحماية الاجتماعية والتغطية الصحية الشاملة.

وبين بيليرانو أن هناك ركائز يجب العمل عليها لتحقيق التغطية الفعالة للحماية الصحية، تتمثل في شمولية التطبيق على الجميع، وأن يحظى الجميع بفرصة عادلة لتغطية احتياجاتهم الصحية الكاملة والتضامن في التمويل.

أما الدكتور عبد الرزاق الشافعي الخبير في التأمينات الصحية، فأشار الى مجموعة من العوامل التي يجب أن تؤخذ بعين الاعتبار عند تطبيق التأمين الصحي وتتمثل في طبيعة وحجم الخدمات الصحية المقدمة في الأردن، المؤشرات الديمغرافية والصحية، المؤشرات الاقتصادية، تمويل التأمين الصحي، وغيرها من الأمور التي تدخل ضمن إطار المنظومة الصحية في الأردن.

وقال الناطق باسم المؤسسة العامة للضمان الاجتماعي شامان المجالي إن التأمين الصحي ورد مرارا في تعديلات القانون السابقة، مؤكدا أنه آن الأوان لتطبيقه لشمول من ليس لديهم تأمينا صحيا أكان مدنيا أو عسكريا.

وبين المجالي أن هذا التأمين يستهدف العاملين في القطاع الخاص الذين يعملون في منشآت لا توفر لهم تأمين صحي، إضافة إلى المتقاعدين ممن ليس لديهم تأمين صحي.

وأشار إلى أن إيرادات هذا التأمين ستأتي من أجور العمال بنسبة 5 بالمئة و40 بالمئة من اشتراكات تأمين إصابات العمل، إضافة إلى الفوائد والغرامات.

إلى ذلك، قال دكتور يوسف زوانة الخبير في الاقتصاد الصحي إن هناك تشوهات واختلالات كبيرة في التمويل الصحي في الأردن تُدلل على عدم استدامته مستقبلا.

وبين زوانة أن حصة الفرد من الإنفاق الصحي في الأردن أقل بكثير من المتوسط العالمي والدول ذات الدخل المتوسط، في حين أن نسبة الإنفاق الجاري والذي يشمل جميع أنواع الإنفاق على الصحة من الناتج المحلي الإجمالي أعلى من المتوسط العالمي.

إذ تبلغ حصة الفرد في الأردن نحو 340 دولار مقابل 880 دولار في المتوسط العالمي و500 دولار في الدول ذات الدخل المتوسط، وفق زوانة.

وأشار زوانة إلى أن مصادر التمويل الصحي في الأردن تأتي من جيب المريض بنسبة 30 بالمئة و16 بالمئة من التأمين الصحي الاختياري في القطاع الخاص ونحو 50 بالمئة من التأمين الحكومي والإلزامي، ورأى أن جيب المريض والتأمين الاختياري هم أسوأ مصادر التمويل الموجودة في الأردن.

وأشار زوانه أن مقترح الضمان الحالي يتعارض مع الخطط الصحية والوطنية ولا يساهم في خفض نسب التمويل من جيب المريض، ويزيد من فوضوية القطاع الصحي وتفاوت العدالة بين الأردنيين. وأنه يفتقد القدرة على الاستدامة المالية، ورأى أنه لا يوجد ضمانة مالية من الحكومة ولا من مؤسسة الضمان، وتقتصر تغطيته على العلاج في المستشفيات فقط، ولا يُحدد حزمة منافع واضحة.

ورأى الدكتور زيد حمزة وزير صحة أسبق، أنه من غير العادل تحميل كلفة الاشتراك بالتأمين الصحي على العامل فقط خلافا لطريقة توزيع الاشتراكات في الدول الأخرى المماثلة للأردن، والتي تُقسم على العمال وأصحاب العمل والحكومة بالتساوي.
واستغرب حمزة من إجراءات مؤسسة الضمان بتحميل العمال 1 بالمئة لغايات العلاج من مرض السرطان، وأكد أن العلاج من هذا النوع من الأمراض مجانيا وفق القوانين الأردنية.

وطالب المشاركون في الجلسة بضرورة إعادة النظر بصيغة التأمين الصحة المطروحة في تعديلات قانون الضمان، وتعزيزه بما يضمن العدالة والكفاءة العالية والاستدامة.