عن انهيار مبنى اللويبدة.. الاسباب وآلية العلاج



في البداية رحم الله ضحايا الانهيار والشفاء العاجل للمصابين. إنهيار المباني القديمة أو أجزاء منها، موضوع قديم يتجدد مع كل حادثة إنهيار و يتم تسليط الضوء عليه والخروج بتوصيات ولكن للاسف إما أن تكون توصيات منقوصة أو أن لا يتم التعامل معها بجدية مما يؤدي لتكرار مثل هذه الحوادث.

سأقوم بعرض تحليلي مهني وفني لأسباب هذه الحوادث في الجزء الاول من حديثي واقدم بعض المقترحات لتجنب تكرار مثل هذه الحوادث، وفي الجزء الاخير من كلامي سأتطرق لإجراءات الجهات المعنية في مثل تلك الحالات وكيف يمكن تعديل هذه الإجراءات لتجنب حدوث مثل هذه الحوادث.

أولا: حوادث إنهيار المباني إما أن يكون إنهيارا جزئيا كتساقط بعض أجزاء السطح الإنشائية كالعقدات أو الأجزاء غير الإنشائية كتساقط قطع من قصارة او ودهان السقف، في معظم هذه الحوادث والتي تكرر سماعنا عنها في البيوت والمدارس القديمة يكون السبب المباشر هو تعرض هذه الأسقف لتسريب المياه والرطوبة الناتج عن ضعف العزل المائي للسطح، مع تكرر هذه الظاهرة وعلى مدى سنين عدة يؤثر على قوة الباطون الذي يتشقق نبيجة مرور الماء فيه وتعرضه للتجمد في فصل الشتاء ومن ثم الذوبان والذي يؤدي لزيادة حجم وانتشار هذه الشقوق وبالتالي ضعف الباطون، بالإضافة إلى صدأ الحديد وتآكله نتيجة تعرضه للماء. هذا السبب يؤدي إلى إنهيار جزئي بأسقف الطوابق الأخيرة. هذه الظاهرة منتشرة في أغلب المباني القديمة وعلاجها وترميمها له عدة طرق تبدأ بعزل السقف جيدا لمنع تسرب المياه من خلاله وإصلاح الضرر الحاصل على السقف وترميمه، هذه الإجراءات قد تكون غير مكلفة بالعادة وتعتمد على حجم الضرر الحاصل ، والجدير بالذكر هنا أنه عند تشخيص الحالة مبكرا وحلها أول بأول تكون الكلفة والضرر أقل.

الحالة الثانية وهي الانهيار الكلي للمبنى والناتج عن عدة عوامل نذكر منها اولا، إجراء بعض التعديلات على الطوابق السفلية عن طريق إزالة بعض الجدران والتي بالغالب في نظام البناء القديم تكون حاملة مما يؤدي إلي خلل في النظام الانشائي وانهيار المبنى بشكل كامل ومفاجيء، في هذه الحالة يجب عدم القيام بأي أعمال صيانة أو تعديل على المباني القديمة من غير استشارة مهندس انشائي مختص لتجنب إزالة أي جزء انشائي حامل، وهنا يجب عمل حملات توعية المواطنين أصحاب البيوت القديمة بأهمية الاستشارة قبل البدء بأي أعمال صيانة أو تعديلات في بيوتهم و إن لزم الأمر إجبارهم على إصدار إذن مسبق لعمل هذا التعديل ووجوب القيام به تحت إشراف هندسي. السبب الثاني للإنهيار الكلي للمباني هو قيام بناء جديد بجانب البناء قديم وبشكل ملاصق ، حيث أن البناء الجديد في أغلب الأحيان يحتوي على طابق تسوية أو أكثر لتأمين مواقف السيارات ، الحفر المباشر والملاصق للمبنى القديم و دون إجراء تدعيم لجوانب الحرفية يؤدي إلى كشف جوانب وأسفل الاساسات للمبنى القديم القائم وبالتالي انهياره بالكامل.

بالعودة للمبنى الذي انهار بالكامل بالأمس، في أغلب الظن أن السبب الأول وهو إجراء تعديلات في الطابق الارضي دون استشارة مهندس انشائي مختص والتي أدى إلى التأثير المباشر في النظام الانشائي الحامل هو السبب الرئيسي لانهيار المبنى، وهو ما أفاد به سكان في المبنى وشهود عيان، استبعاد السبب الثاني وهو إنشاء المبنى الجديد أتى نتيجة وجود قطعة أرض تفصل هذا المبنى عن المبنى القديم المنهار ومرور فترة زمنية على انشائه، فلو كان له أثر كان ظهر في المراحل الأولى لإنشاء المبنى الجديد .

عودة إلى الاجراءات المتبعة من الجهات المعنية في مثل هذه الحالات، ومن واقع تجربة شخصية ، أمانة عمان لا تقوم بواجبها الفني تجاه المباني الآيلة للسقوط وتكتفي بالاجراء الإداري وهو إخلاء المبنى والطلب من صاحبه تقديم تقرير فني من مكتب معتمد لآلية التدعيم بحيث يتحمل المكتب المسؤولية كاملة عن سلامة المبنى ويتكلف المواطن أتعاب الصيانة والمكتب واستإجار مسكن مؤقت لحين السماح له بالعودة إلى بيته.

هنا اقترح أن يتم التعاون بين نقابة المهندسين والأمانة بحيث تقوم النقابة وبشكل مجاني من خلال لجانها الفنية أو المكاتب المتطوعة بتقديم الاستشارة الفنية وتقوم الأمانة بتقديم قرض حسن ميسر للمالك للقيام بأعمال التدعيم مما يخفف من العبء المادي على أصحاب هذه البيوت والتي يسكنها بالغالب ذوو الدخل المحدود.

في هذا الجانب ايضا، قيام فرق متخصصة من النقابة والأمانة بتحديد الاماكن والمباني القديمة والتي بحاجة إلى تدعيم بشكل دوري يخفف من تكرار هذه الحوادث.

فيما يخص إجراءات الحفر للمباني المنوي إقامتها فالحق يقال أن كل من الأمانة والنقابة ومن خلال إجراءاتها في مثل هذه الحالات هي قائمة بواجبها وان حدث إنهيار نتيجة لذلك في أغلب الأحيان يكون نتيجة عدم التزام المقاول بتنفيذ إجراءات التدعيم قبل الحفر والتي توصي بها النقابة و الأمانة وتتابعها بشكل دوري.