الأردن : ضياء المصلح.. شاب يتقن فن الفيلوغرافيا بالفطرة

"في الدنيا أشخاصا يجري في دمائهم الفن وهم لا يشعرون”، مقولة تنطبق في مضمونها على الشاب الأردني ضياء المصلح، الذي وجد نفسه رغم عدم وجود خبرة سابقة، يتقن الرسم بالخيوط والمسامير، وهو ما يطلق عليه "فن الفيلوغرافيا”.

المصلح (23 عاما)، يعيش مع ذويه في محافظة إربد شمال الأردن، وما زال طالبا بتخصص التصميم الغرافيكي في أحد المعاهد الخاصة، لكنه رسام وفنان تشكيلي بالفطرة.

لا ينتمي الشاب الأردني إلى أي مدرسة فنية، ويصف نفسه بـ”الهاوي”، إلا أن من يطالع لوحاته وتصاميمه، تتولد لديه قناعة بأنها مزيج من الفن والرسم، وصاحبها يملك مهارة الصنع.

تتحقق الموهبة عندما يكون من يتمتع بها قادرا على الجمع بين فنون مختلفة، وهذه حال المصلح، فرغم أنه لا يجيد فنّ التعبير عن ذاته بالكلمات، فإن أعماله نطقت بذلك نيابة عنه.

مراسل الأناضول التقى الشاب العشريني في منزل والده في إحدى ضواحي إربد، واستمع منه إلى مراحل تطوره بالرسم، وصولا إلى إتقانه الفن ذاته بالخيوط والمسامير، حتى أصبحت هذه ميزته الخاصة.

** موهبة وإتقان "بالفطرة”
قال المصلح: "بدأت الرسم عام 2016 من تلقاء نفسي ولم يعلمني أحد، وبدأت بلوحات البورتريه، مستخدمًا أقلام الفحم والباستيل، وكنت أعرض لوحاتي على مواقع التواصل الاجتماعي”.

وأضاف: "لاقت أعمالي إعجاب الكثيرين، وبدأوا بالعام ذاته يطلبون مني رسم صورهم وإرسالها لهم، وكنت أرسم 5 لوحات بالأسبوع، وهو عدد لا بأس به، خاصة أنني لا أملك خبرات سابقة”.

وتابع: "شعرت بعد ذلك بضرورة تطوير نفسي، لأنتقل إلى الرسم على الألواح الخشبية باستخدام مادة الأكريليك، وكان إنتاجي ما يزيد على مئة لوحة شهريا، ثم تحوّلت إلى الفن التشكيلي والتصميم الحِرفي”.

وأكمل حديثه: "عام 2018، طلب منّي أحدهم لوحة على الخشب ليقدمها هدية، وأراد أن تكون مميزة بحرف اسم صاحبها، بحيث يكون بشكل بارز”.

وأردف: "فاستعملت المسامير الصغيرة، وشعرت أن الحرف يحتاج إلى المزيد لتمييزه، فاستخدمت الخيوط الصوفية، لأكتشف أنني أمام فن جديد يسمى الفيلوغرافيا، وأنطلق معه متمسكا أيضا بما أجيده من فنون أخرى”.

** دقة بالتنفيذ
وفي توضيح للخطوات التي يتّبعها، قال المصلح: "أرسم أي لوحة على ورقة، وأثبتها على لوح خشبي يتناسب مع حجمها”.

واستطرد: "بعد ذلك، أدق المسامير على الأطراف الخارجية للرسمة، ثم أزيل الورقة الأساسية، لأبدأ تشبيك الخيوط بين المسامير بطريقة ما أشعر بأنها الفن الحقيقي، لأن كل لوحة تحتاج إلى كمية معينة من الخيوط، وبمسافة مناسبة بين المسامير”.

وبيّن المصلح أن "هناك لوحات لا تحتاج إلى كمية كبيرة من الخيوط لتتحقق جماليّتها، فيما بعضها الآخر يقتضي ذلك، لتكون النتيجة صورة مطابقة للواقع”.

ورأى أن "الجميل والمميز في هذا الفن هو القدرة على تشكيل أي لوحة بالمسامير والخيوط، ولكنها تزداد إتقانًا عندما تكون للمعالم والمجسّمات والجمادات، وفي بعض الأحيان أحاول في صور الأشخاص، ولكن لا تُطابق الواقع”.

** "مصدر رزق”
ولم ينكر الشاب الأردني أنه توجه إلى الرسم لتأمين مصدر رزق، لكنه أكد في الوقت ذاته أنه وجد محبين وعشاقا لما يقوم به، ليصل من خلاله إلى مئات الزبائن، على حد قوله.

وعن مقدار إنتاجه أوضح أنه "يعتمد على الطلب وحجم اللوحة وشكلها وطبيعتها، ولكنه لا يزيد على ثلاث لوحات باليوم الواحد؛ لأن العمل يحتاج إلى دقة عالية وهو متعِب جداً”.

ولفت إلى أن "الأسعار في متناول الجميع، وتراوح بين 5 و20 دينارا أردنيا (7 و28 دولارا)، وأنا لست طامحا في ثروة وإنما تأمين احتياجاتي اليومية والتمكن من إنهاء دراستي على خير، خاصة وأن ما أستخدمه في الرسم مواد بسيطة لا تكلفني الكثير”.

واختتم بالقول: "من خلال مقدرتي على إتقان هذا الفن، تمكنت من تأمين فرصة عمل لي من المنزل، وهذا ما يحتاجه أي شاب بعمري، وقد شاركت من خلاله في العديد من المعارض المحلية”.

وتعود نشأة الفيلوغرافيا إلى القرن الماضي، ويعتبر أحد فروع الرسم، وفيها يتم استخدام الخيوط والمسامير بدلا من الأقلام والأوراق، وتُثبّت المسامير على قطعة خشب ومن ثم تتم مشابكة الخيوط بالمسامير لإنتاج اللوحة المطلوبة.

ويعتبر هذا الفن من الفنون الصعبة، لأنه يحتاج إلى دقة بتثبيت المسامير في المكان المطلوب.-(الاناضول)