اقتصاديات الانفاق العسكري
تعتبر الولابات المتحدة الأمريكية الاولى على العالم في مجال الإنفاق العسكري بمبلغ يصل إلى 750 مليار دولار لعام 2021 ، وتبتعد عنها الصين كثيراً وتاتي في المرتبة الثانية بمبلغ 237 مليار دولار ، والهند بمبلغ 61 مليار ، والمملكة المتحدة بمبلغ 55 مليار دولار . الملفت للنظر أن الكيان ينفق نحو 20 مليار دولار في المرتبة 15 عالمياً ، والإمارات العربية المتحدة بمبلغ 22.75 مليار دولار . ومجمل الإنفاق العسكري العالمي لعام 2021 وصل إلى 1.93 تريليون دولار . بلغت حصة الولايات المتحدة الأمريكية 39% من مجمل هذا الإنفاق .
وفقاً للتحليل السابق ، هل يوجد علاقة بين عدد السكان والإنفاق العسكري ، وهل يوجد علاقة بين حجم النمو الاقتصادي والإنفاق العسكري . إن تحليل الأرقام المتاحة يشير إلى أن الصين والهند تشكلان معاً 36.19% من عدد سكان العالم ، ويبلغ الإنفاق العسكري لديهما نحو 15.4% من مجمله حول العالم .الدول الأوروبية الأكبر حجماً ( بريطانيا، فرنسا ، وايطاليا) انفقت نحو 124.4 مليار دولار أو ما نسبته 6.5% من مجمل الانفاق العالمي، وهي أقل من حصة الصين لوحدها بنسبة 50% ، وضعف حصة الهند في الإنفاق العسكري. مع وجود فوارق في عدد السكان ، شكلت الدول الثلاثة مجتمعة نسبة 13.4% مقارنة بعدد السكان في الصين ، و نحو 13.9% بالنسبة لعدد السكان في الهند .
ماذا أعني بالتحليل السابق؟ ، الدول الأكبر حجماً وفقاً لعدد السكان هي الأقل انفاقا في الجانب العسكري وأقصد هنا الصين والهند ، بحسب معرفتي فهي تعمل على تخصيص مواردها المالية نحو مجالات تنموية أكثر انتاجية ، ولا يوجد لديها أطماع استعمارية عدا الولايات المتحدة التي تغزو العالم وتحتل الدول . على الرغم من ذلك ، سجلت الهند والصين انجازات كبيرة ولافتة في مجالات التقنية والتكنولوجيا . ووصلت إلى غزو الفضاء والاكتشافات والأقمار الصناعية، ولديها جيوش نظامية تدافع عن مكتسباتها الاقتصادية والحضارية . نتفق أن الولايات المتحدة دولة استعمارية من الطراز الرفيع ، لذلك نجد أنها تنفق بسخاء في الجانب العسكري لتمويل أطماعها التوسعية حول العالم ، فلا يخلو منها بر أو بحر او جو . بالعموم أقدر وأبرر أن الدول المتقدمة والمتفوقة اقتصاديا وحضارياً تهتم بالانفاق العسكري للحفاظ على وجودها الاقتصادي ، والحفاظ على مكانتها الدولية والسياسية ، وتعزيز قدرتها على تقاسم الكعكة السياسية ، وتشكيل الاتجاهات والآراء حول العالم .
بحسب مؤشرات قوة الجيوش في العالم ، فإن بعض الدول التي حصلت على مراتب متاخرة في الإنفاق العسكري، حازت على مراتب متقدمة في قوة جيوشها مثل روسيا التي جاءت ثانية في القوة ولكنها ثامناً في معدل الإنفاق (48 مليار) ، و مصر تاسعاً في القوة ولكنها في المرتبة 26 في حجم الإنفاق (11. مليار دولار ) . تركيا التي جاءت في المرتبة 11 في قوة جيشها ولكنها في 18 في الإنفاق العالمي . الكيان في المرتبة 18 عالمياً في القوة و في المرتبة 15 في حجم الإنفاق العالمي.
في النهاية ، أرغب القول أن بعض الدول العربية المتعثرة اقتصادياً والمنهكة سياسياً تتكبد مبالغ مالية لدعم جيوشها ، فمثلاً لبنان ينفق 2.5 مليار وهو في المرتبة 68 عالمياً ، وسوريا تنفق 1.8 مليار وهي في المرتبة 75 ، والعراق ينفق مبلغ 1.47 ويأتي في المرتبة 76 . الأردن أيضاً ينفق عسكرياً نحو 2.6 مليار دولار تضعه في المرتبة 66 عالمياً ، وفي ظل اتفاقيات السلام وخطابات النوايا السلمية مع أهم الأعداء ، لم يعد هناك حاجة ماسة للمزيد من الإنقاق ، وفي ظل حالة الفقر المالي التي تعيشها الدول النامية او الضعيفة ، وقلة برامج النمو الاقتصادي ، وضعف فرص الخروج من شبح الإفلاس ، وشح فرص الحصول على رؤوس الاموال الأجنبية . لماذا لا يتم التفكير بإعادة استثمار هذه المبالغ في التنمية الاقتصادية الحقيقية ، وتشييد المزيد من المصانع والشركات والجامعات والمستشفيات على حساب التسلح في زمن السلم والاستسلام.