كان تأسيس دولة الأندلس، واستمرارها زهاء الثمانية قرون، نعمة كبيرة لمعظم أمم الأرض.

لكن، كيف ذلك، ولماذا ؟!

مع أواخر عهد العرب في الأندلس- الذي انتهى في العام 1492م- بدأ الأيبيريون( وهم: الأسبان والبرتغاليون)، بالبحث عن طرق بديلة لطرق التجارة التي كان العرب والمسلمين يسيطرون عليها، أنذاك، بشكل تام.

ما أن خرج العرب بشكل نهائي من الأندلس، حتى تكثفت وتركزت تلك العمليات التي أطلقوا عليها: "حملات الكشوف الجغرافية"، بقيادة اشخاص أطلقوا عليهم، كَذِبًا- وأطلقت عليهم، جهلا، مناهجنا- وصف: مستكشفين !!!، بينما هم في الحقيقة والواقع ليسوا إلا زُمر من القتلة الإرهابيين، واللصوص النهابين؛ أمثال المجرم الأكبر( الأمير هنري الملاح)، و(كرستوفر كولومبس)، و(برثلومي دياز)، و(فاسكو دي جاما)، و(ماجلان).

بعد أن نجحوا في الوصول إلى أقصى جنوب إفريقيا، التي أطلقوا عليها اسم: رأس الرجاء الصالح، باتت كل آفاق الشرق وجنوب الشرق، مشرعة أمامهم، بعد أن كانت جميع طرق الوصول إليهما تمر، حصرا، عبر أراضي العرب والمسلمين.

بعد ذلك شقوا طريقهم، من ذلك الرأس البائس، عبر المحيط الهندي، إلى الهند، والأرخبيل الاندونيسي، ثم إلى أوقيانوسيا( استراليا وماحولها)، وصولا إلى المحيط الهادي، حيث الفلبين التي استعمروها وغيروا، قسرا، ديانة أهلها، ومن هناك إلى أجزاء من الصين، التي ظلوا في بعض أجزائها حتى العام ١٩٩٧. وكانوا قبل ذلك قد وصلوا إلى القارتين اللتين أطلقوا عليهما: أميركا الشمالية، وأميركا الجنوبية.

مماسبق، تبدو الصورة واضحة في أن الذين وضعوا أسس أكبر وأعتى عملية إبادة ونهب شهدها تاريخ البشرية، هم الايبيريون ( الاسبان والبرتغاليون)

لنطلق دول الغرب، من أقصى جنوبه، إلى أقصى شماله، في سباق محموم متجرد، تماما، من كل معنىً إنساني، وعلى أسس فلسفية مادية تقوم على فكرة تفوق العرق الأبيض، في احتلال ما بلغته أرجلهم من أراضٍ، واجتثاث، أو استعباد، ماعليها من شعوب، ونهب ماعليها، وفيها، من ثروات.

فكان أن أُبيد معظم أهل أميركا الشمالية، والكثير من أهل شقيقتها الجنوبية، وتم نهب ثروات كل منهما، في سياق غزو إحلالي( كولونيالي) لكل منهما.

أما الهند(والتي كانت تضم الهند الحالية، وباكستان، وبنغلادش، ونيبال) فقد أذاقهم الأوروبييون( الإنجليز تحديدا) كل صنوف القهر والنهب والإستعباد، فيما تناوب على الأرخبيل الاندونيسي( إندونيسيا الحالية، ووسنغافورة وماليزيا وبروناي) شذاذ الآفاق من أسبان ثم هولنديين، ففتكوا بجزرهم( التي كانت تسمى جزر التوابل)، وأهلها، وأذاقوهم كل صنوف القهر والنهب والإستعباد .

تلك هي نبذة، وهي كنقطة من بحر؛ بحر جرائمهم، وإرهابهم، وَعُرْيَهم الأخلاقي، الذي لازال على حاله حتى يومنا هذا؛ لم يتغير فيه شيء، إلا الأقنعة المزيفة الكاذبة التي غلفوا بها وجوههم التي تفيض عجرفة وحقدا وكراهية.

فلله در العرب الذين ما أن أفلت الأيبيريين من قبضتهم، حتى فاض قيح الإستعمار الغربي، صوب جهات الأرض الأربع.