خبراء ينتقدون تعديلات الضمان: استعجال غير مبرر.. وتماهي مع توجيهات صندوق النقد



مالك عبيدات- انتقد نقابيون وخبراء في مجال الضمان الاجتماعي التعديلات المتكررة على قانون الضمان الاجتماعي خلال السنوات الأخيرة، وبشكل يؤثر على الاستقرار التشريعي لمؤسسة الضمان الاجتماعي وترابط القانون والتشريعات الناظمة لعملها.

وقال الخبراء لـ الاردن24 إن الأسباب الموجبة للتعديلات -بحسب ما جرى الترويج له من قبل المؤسسة- تمّ تجاوزها من خلال تعديلات القانون عام 2014 برفع سن التقاعد المبكر من (45-50) عاما، وهذا كان كافيا، ثمّ جرى إلغاء التقاعد المبكر أيضا بطريقة غير مباشرة في تعديلات القانون للعام 2019.

ولفتوا إلى أن المؤسسة تعاقب (1.3) مليون مشترك بذريعة أن هناك أشخاص تم رفع رواتبهم سابقا بشكل غير منطقي، وعدد أولئك الأشخاص ربما لا يتجاوز (10) أشخاص، وقد أُجريت تعديلات على القانون لا تسمح بتكرار ذلك الخطأ.

وأشاروا إلى أن تعديلات قانون الضمان عام 2014 تضمّنت رفع الاشتراك بنسبة (3%) بهدف تفعيل التأمين الصحي دون أن يحدث شيء من ذلك.

السواعير: هناك استعجال غير مبرر بتعديل قانون الضمان

وفي السياق، قال الخبير في شؤون الضمان والعمال، رئيس لجنة العمل النيابية لعدة دورات في المجلس السابع عشر المهندس عدنان السواعير العجارمة، إن قانون الضمان شهد تعديلا في العام 2014 وقد كان في حينها رئيسا للجنة العمل النيابية، مشددا على أن تكرار تعديل قانون الضمان الاجتماعي سيفقده تماسكه التشريعي، بالاضافة إلى فقدان الثقة بموضوع التعديلات باعتبارها ليست في مكانها.

وانتقد السواعير "مظاهر الاستعجال بتعديل القانون، ومحاولات تسويق تلك التعديلات من خلال طرح الرواتب المتدنية ثمّ الذهاب لتعديل (47) مادة"، مؤكدا أن إعادة النظر بالحسبة التقاعدية غير منصف.

وأضاف السواعير لـ الاردن24 أن مؤسسة الضمان سبق وتعهدت بتنفيذ مشروع التأمين الصحي، لكن شيئا من ذلك لم يحدث، كما أنها قامت برفع سنّ التقاعد في قانون عام 2014، ولا ضرورة لتعديله من جديد، وفي حال اضطرت لتعديله فيجب أن يكون ذلك تدريجيا.

واختتم السواعير حديثه بالقول: "هناك سرعة واستعجال في تعديل ما جرى تعديله سابقا، ولا ضرورة للتعديلات الجديدة باستثناء رفع الحدّ الأدنى للراتب التقاعدي فهو ضرورة بالاضافة لبعض المواد البسيطة الأخرى".

المجالي: لا يجوز معاقبة (1.3) مليون مشترك بالضمان من أجل (10) أشخاص

من جانبه، أكد عضو التجمع المهني النقابي العمالي، المهندس شرف المجالي، رفضه التعديلات المطروحة في ظلّ عدم وجود دراسة اكتوارية جرت التعديلات على أساسها، وهي مبنية على دراسة أجريت عام 2006 أوصت بإلغاء التقاعد المبكر، مشيرا إلى أن تعديلات عام 2014 عالجت هذه المشكلة، كما أن تعديلات عام 2019 ألغت التقاعد المبكر بشكل عملي.

واستهجن المجالي تسويق التعديلات من خلال ذكر أن بعض الأشخاص يتقاضون رواتب تقاعدية مرتفعة جدا، قائلا لـ الاردن24: "لا يجوز معاقبة (1.3) مليون مشترك من أجل (10) أشخاص يتقاضون رواتب تقاعدية عالية، خاصة وأن تلك المشكلة حُلّت سابقا".

وأضاف المجالي أن التامين الصحي أُقرّ في تعديلات القانون عام 2014، وبناء عليه تم رفع نسبة الاشتراك (3%)، على أن يتم العمل به مطلع عام (2015)، غير أن المؤسسة لم تقم بذلك، وظلّ الملفّ يراوح مكانه، لافتا في ذات السياق إلى أن "التأمين الصحي المقترح لا يغطي المشتركين ذوي الأمراض المزمنة ولا العيادات الخاصة، وتم حصره بالمستشفيات الخاصة".

وانتقد المجالي التعديلات المتكررة على القانون، قائلا إننا لم نعد نشهد استقرار التشريع منذ عام 2006 ثمّ عام 2009، والقانون المؤقت عام 2010، وتم اجراء تعديلات عام 2014 ثمّ عام 2019، والآن 2022، وهذا يدلّ على عدم الاستقرار التشريعي.

وختم المجالي مداخلته بالقول: "حتى اللحظة لا يوجد أية تفاصيل حول المواد التي تمّ تعديلها، وهي عبارة عن تسريبات، والمؤسسة تراوغ بإعطاء المعلومات والدراسة الاكتوارية لتفنيد الأسباب الموجبة للقانون".

عربيات: تعديلات الضمان متسقة مع توجيهات صندوق النقد الدولي

وقال مؤسس الجمعية الأردنية لمتقاعدي الضمان الاجتماعي، محمد عربيات: عندما نتحدث عن إدخال تعديلات على قانون الضمان الاجتماعي، فلا بدّ من البحث عن الأسباب غير المعلنة لإجراء التعديلات، وأعتقد أنه مع بدء جائحة كورونا تمّ تفعيل قانون الدفاع توطئة لاستخدام أموال الضمان الاجتماعي بغير ما نصّ عليه القانون، وخاصة المادة رقم (19/ب) منه، فصدرت الكثير من أوامر الدفاع، وجرى الإعلان عن أرقام متفاوتة بقيمة ما تم انفاقه من أموال الضمان الاجتماعي على برامج تحت مسميات مختلفة.

وأضاف عربيات لـ الاردن24: تصريحات مسؤولي الضمان الاجتماعي كانت متضاربة وكشفت الكثير من الخفايا، وللأسف ما جرى الاعلان عنه انحصر بـ(11) مادة من أصل (47) مادة خضعت للتعديل من اجمالي مواد القانون الأصلي البالغة (112) مادة، مشيرا إلى أن التعديلات تتسق مع تصريحات مندوبة صندوق النقد الدولي مونتيسيرات بالاريس في شهر حزيران من عام 2021، والتي ذكرت فيها ضرورة إتخاذ إجراءات اصلاحية سريعة ورفع سن التقاعد وتقليل حوافز التقاعد المبكر.

وشدد عربيات على أن التعديلات المطروحة خطيرة جدا، وسيكون لها أثر سلبي على السلم الاجتماعي، لافتا إلى أن قانون الضمان أصبح مشوّها لكثرة المراكز القانونية التي استحدثتها تعديلات سابقة والتعديلات المنوي إدخالها على القانون، وهذا يتنافى مع النص الدستوري "الأردنيون أمام القانون سواء"، مما يستدعي قيام الحكومة بردّ القانون لمؤسسة الضمان الاجتماعي وتصويب التشوهات الموجودة بالقانون، لتنسجم مع النص الدستوري "الأردنيون أمام القانون سواء"، وأن يكون ذلك من خلال حوار موسع مع المختصين والخبراء بالضمان بكافة المواقع المختلفة، و النقابات المختلفة، وضرورة أن تقوم المؤسسة بتقديم أسباب مقنعة للتعديل والكشف عن الدراسات الاكتوارية التي صرحت عنها بأكثر من مناسبة.