مأساة ملعب كانجوروهان في إندونيسيا.. تضامن واسع مع أسر الضحايا ودعوات لإصلاحات شاملة
يتمنى عبد العزيز مفتي أن تكون فاجعة ملعب كانجوروهان آخر مآسي كرة القدم في إندونيسيا، وكل ما يطلبه من الحكومة والمنتديات الرياضية وجميع الجهات المعنية في بلاده أخذ العبرة مما حدث وضمان عدم تكراره.
فقد فُجع بابنه كورنياوان، ذي الـ17 ربيعا، الذي كان طالبا في المعهد الديني الذي يديره والده، ويقول مفتي إن ابنه ذهب مبكرا ليحجز مقعده على مدرجات الملعب، وكان منتشيا كغيره من الشباب في مباراة أريما مع فريق سورابايا، ومع انتهاء المباراة بخسارة فريقه 2-3، سارع بالنزول إلى ساحة الملعب لمواساة لاعبي أريما الذين خسروا مباراة الدوري الأولى على أرضهم.
كان الشيخ عبد العزيز من أوائل من بُلغوا بوفاة أولادهم في الهرج الذي أعقب مباراة الأول من أكتوبر/تشرين الأول الجاري، ويضيف -في حديثه للجزيرة نت- أن ابنه كان مغرما بكرة القدم ويشجع نادي أريما، ويحرص على حضور جميع المباريات التي تقام على ملعب النادي في كانجوورهان بمحافظة مالانغ في إقليم جاوا الشرقية.
يُقدَّر عدد الأطفال الذين فقدو حياتهم بفاجعة الأول من أكتوبر/تشرين الأول، والذين تتراوح أعمارهم بين 3 و17 عاما، بأكثر من 30 طفلا، حسب تصريحات وزارة الصحة، في حين بلغ مجموع الضحايا 131 قتيلا ونحو 400 جريح.
تسارع الأحداث
أمام بوابة ملعب كانجوروهان حيث النصب التذكاري لنادي أريما، تبادلت السيدة سباناه سلسلبيلا التعازي مع صديقات لها، وقد عمّ الحزن المكان، وتضافرت شهادات ذوي الضحايا ممن كانوا من بين المشجعين على أن أجواء المرح كانت تعم الملعب في أثناء المباراة، وأن غالبية من كانوا على المدرجات مشجعو نادي أريما.
ويؤكد يوسيا سوريا ويدودو ومعه سلسبيلا -وكلاهما شاهد عيان- أن تدهور الأحداث بدأ بنزول آلاف المشجعين من المدرجات إلى ساحة الملعب لمواساة لاعبي فريقهم بخسارة المباراة، فأساءت الشرطة فهم نوايا المشجعين وتحركت لوقف تدفقهم إلى أرض الملعب، وإثر اشتباكات بالأيادي ووقوع ضحايا حلت فوضى عارمة، وأغلقت أبواب الملعب لمنع انتشار الفوضى خارجه، وتسبب استعمال الشرطة للغازات المسيلة للدموع في حالة هلع أدت إلى التدافع والموت إما اختناقا أو دهسا تحت الأقدام.
وتبادلت الشرطة ونادي أريما الاتهامات بالمسؤولية عن الفوضى وما أعقبها من تدافع اختناق بالغازات المسيلة للدموع، ففي حين تقول الشرطة إنها لجأت إلى إطلاق الغازات المسيلة للدموع لوقف العنف بعد مقتل عدد من الأشخاص، بينهم اثنان من عناصرها، فإن إدارة النادي تتهم الشرطة بإطلاق قذائف الغاز المدمع من دون داع، وهو ما يحظره الاتحاد العالمي لكرة القدم (فيفا).
تضامن وتحقيق
اتسعت حملات التضامن مع أسر الضحايا لتمتد إلى جميع أنحاء إندونيسيا، بمن فيهم مشجعو الفريق المنافس في مدينة سورابايا المجاورة في إقليم جاوا الشرقية، وأمر الرئيس جوكو ويدودو بتشكيل لجنة تحقيق موسعة برئاسة وزير تنسيق الشؤون السياسية والأمنية والقانونية محفوظ محمد، وطالبها بتقديم تقريرها النهائي قبل نهاية أكتوبر/تشرين الأول الجاري.
كما أعلنت عدة هيئات عزمها القيام بتحقيق منفصل، مثل لجنة حقوق الإنسان الوطنية والاتحاد الإندونيسي لكرة القدم ونادي مشجعي فريق أريما، لكن قائد الشرطة الإندونيسية سارع إلى إقالة قائد شرطة كانجوروهان و9 ضباط آخرين، بينما أعلن الاتحاد الإندونيسي لكرة القدم قائمة عقوبات بحق نادي أريما، وهو ما اعتبر تحميلا للمسؤولية للطرفين (الشرطة والنادي) قبل انتهاء التحقيق.
وقد فضلت حاكمة إقليم جاوا الشرقية خفيفة أندار باراوانساه عدم الدخول في تفاصيل التحقيقات، وقالت -في حديثها للجزيرة نت- إن أولوياتها تتركز على تضميد الجراح ومواساة أسر الضحايا، ودعت جميع المؤسسات الحكومية والأهلية إلى التعاون لمساعدة الأسر المنكوبة على تجاوز المحنة.
من جهته، قال الرئيس الإندونيسي جوكو ويدودو، الذي زار الملعب والجرحى في المستشفيات وواسى أسر الضحايا، إن السبب الرئيسي لارتفاع أعداد الضحايا هو إغلاق بوابات الملعب، وأمر بإجراء مراجعة شاملة لأوضاع ملاعب كرة القدم في جميع أنحاء إندونيسيا، بهدف إجراء إصلاحات شاملة تحول دون تكرار الفاجعة.
وتحاول جاكرتا تفادي أي عقوبات قد يفرضها الاتحاد العالمي لكرة القدم الفيفا تحول دون استضافة إندونيسيا بطولة كأس العالم لكرة القدم تحت 20 سنة المقرر إقامتها العام المقبل، وذلك بعد تصريحات الفيفا التي أشار فيها إلى القصور الذي انتاب الملاعب الإندونيسية وضعف الإجراءات الأمنية والإدارية، لكن الرئيس ويدودو قال إنه تحدث إلى رئيس الفيفا وإنه يترك القرار النهائي للفيفا.