مكرمة ابناء العسكريين.. 42 عاما على ذكرى مكرمة أنارت بيوت الأردنيين




الجيش العربي الأردني هو ، ركيزة البناء الأساسية في الدولة الأردنية ، وهو حامي حدودها الأمين ، والانتساب إليه حلم الأردنيين منذ الصغر، ولأبناء العسكر الحق في التعليم، والسكن المناسب، والمياه النظيفة، والرعاية الصحّية الجيدة وأخيرا وليس آخرا العيش الكريم .

من هنا جاءت المكرمة الملكية. من قبل صانع المكارم وباني الأردن المغفور ، له بإذن الله جلالة الملك الحسين رحمه الله ، في تخصيص ( 20% ) من المقاعد الدراسية في الجامعات الأردنية الحكومية لأبناء العاملين والمتقاعدين من القوات المسلحة والأجهزة الأمنية . وقد صدرت الإرادة الملكية السامية عام ( 1980م ) من القرن الماضي.

لا اعرف كيف نسيت أن اكتب عن هذه المكرمة، علما أني قمت بإجراء تحقيقات صحافية عن مديرية الثقافة العسكرية. والخدمات الطبية الملكية مع مديرها الطبيب مناف باشا حجازي ، وسميتهم أصحاب الأوائل الطبية . ومدير المؤسسة الاستهلاكية العسكرية ( جمال باشا القيسي) ، وآمر كلية الحرب الملكية الأردنية (احمد باشا العميان)، التي أصبحت فيما بعد كلية الدفاع الوطني الملكية الأردنية . وجامعه مؤتة ( الجناح العسكري ) جمال باشا القيسي ) . التي أصبح اسمها فيما بعد الهيئة الوطنية لإزالة الألغام .

وسافرت مع رئيس هيئة الأركان محمد باشا الملكاوي إلى أفغانستان (نسر 1) برفقة مدير الخدمات الطبية مناف باشا حجازي، معالي رياض باشا ابو كركي، المرحوم محمد ماجد العيطان رحمه الله، د. محمد باشا العبادي، وعدنان باشا عبيدات مدير التوجيه المعنوي، وكان كابتن طائرة سلاح الجو الملكي الأردني (محمد باشا القرعان)، حيث حطت الطائرة في مزار شريف.

هناك رأيت (فرح ودموع العسكر) أبناء الخدمات الطبية، في المستشفى الميداني العسكري، لقد كانت طائرة سلاح الجو الملكي الأردني، أول طائرة أردنية وعربية ، تهبط على أرض ذلك المطار.

وكان مدير المستشفى الميداني العسكري اللواء الطبيب عبد العزيز الزيادات ، وقائد قوة الحماية من القوات الخاصة الأردنية نسر/1 أفغانستان ، اللواء الركن المظلي المتقاعد ، الدكتور عدنان احمد العبادي . وفي اليوم الثاني زرنا قندهار.

وبعدها زرت العراق (الفلوجه) وما أدراك ما الفلوجة حيث المستشفى الميداني العسكري، في إثر تعرض المستشفى العسكري الميداني الأردني إلى نيران القوات الأميركية في مدينة الفلوجة العراقية، ردا على هجوم مسلحين عراقيين بالقرب من المستشفى، ما أدى إلى وقوع اشتباكات مع قوات الحماية الخاصة في المستشفى . واستشهد ضابط صف وجرح أربعة عسكريين آخرين.

هناك لم أجد مناما لي إلا في بيت الله (المسجد) حيث فيه رأيت مكان اختراق طلقات مدافع الـ (40) ملم الأمريكية وشممت رائحة بارودها. في حينها مكثت أسبوعا أتلمس وضع العسكر وأهالي الفلوجه قبل تدميرها، زرت مدينة الفلوجه وتجولت في أسواقها ومؤسساتها ومراكز شرطتها وأهلها الكرماء الذين قاموا بالواجب لجميع مرتب المستشفى. وفي الفلوجه تعرفت مِن قرب إلى الصديق الطبيب صلاح باشا هلسه . حيث كان يكتب ( الوصفات الطبية) للمرضى العراقيين. لقد كان المستشفى يضم تخصصات متكاملة، أقسام الجراحة العامة، الباطنية ،النسائية والتوليد، التخدير والأشعة والأطفال والأسنان، ويوفر العلاجات وأدوية الأمراض المزمنة كالسكري والضغط والقلب ، وحليب الأطفال . وكان المستشفى يتمتع بسمعة طيبة بين أبناء الشعب العراقي.

ويعتبر المستشفى العسكري الأردني في الفلوجة من أهم المستشفيات المتنقلة ، هكذا هم الأردنيون دائما رسل محبة وسلام، همم عالية ونخوة وشهامة والطاهي عمودهم.

وذا يوم هاجم الصحافي المصري (محمد هيكل) الأردن قائلا: ماذا قدم الأردن إلى فلسطين، اتصلت مع الأخ (محمد باشا الرقاد) مدير التوجيه المعنوي، حيث كانت الخطوط معه مفتوحة ليل نهار، وطلبت منه تسليط الضوء على تضحيات الجيش العربي في فلسطين . فكان رده ، احضر كتابا معك من الجريدة وسأمنحك الموافقة ـ وأنت جالس عندي في مكتبي تشرب القهوة. وفعلا كان لي ذاك ، وقد كان المرحوم خالد جميل الصرايرة رئيس هيئة الأركان رحمه الله.

وتم تسهيل مهمتي وقابلت مدير شئون الأفراد، الذي كلف الاخ (محمود باشا المناصير) بفتح سجل شهداء القوات المسلحة، ووضعه تحت تصرفي. في ذلك التحقيق والرد على (هيكل) طالبت بإطلاق أسماء شهداء القوات المسلحة على الشوارع في عمان والمدن الأردنية . وكانت الاستجابة والمتابعة من قبل القوات المسلحة عبر تنفيذها على ارض الواقع، هذا غيض.

وعند الحديث عن التوجيه المعنوي لا بد لي أن اذكر بكل احترام وتقدير من خدم في التوجيه أيام الزمن الجميل وتربطني معهم علاقة أخوية، مع حفظ الألقاب (عدنان عبيدات، احمد عيد المصاروة، محمد الرقاد أبو مشعل، عدنان الكيلاني، قاسم الدروع، خزيم الخالدي، جميل القاضي، حسن أبو زيد، مازن منصور كريشان، عوده شديفات واحمد محيسن، سليمان الطعاني، قاسم محمد صالح . ومصطفى الدباغ ، عذرا ممن لم اذكر اسمه.

وهنا استرجع ذكرياتي مع صديقي ( دخل الله السيايده ) ( الطباخ ) في سلاح المدفعية المَلِكي ، من مرتبات المدفعية التاسعة ، هاوزر 155 ملم . بعد كل وجبة رشقات مدفعية ترميها المدفعية على العدو خلف الشريعة ، وتنفجر بآليات وأفراد جيش العدو كان الناطق العسكري (يُصَرِّح ) بما يلي : قامت قواتنا بضرب أهداف للعدو في شمال أريحا ، وقد شوهدت النيران تشتعل، موقعة خسائر فادحة فيها .

كان ذلك في حرب الاستنزاف مع العدو الصهيوني، حين كنا نسهر مع (تركي نصار في الميدان) نفرح ، نُكيّف وهو ينقلنا في جولات ميكرفون الاذاعة الأردنية في الوحدات العسكرية . مع الأبطال في الميدان.

الطاهي البطل (دخل الله) كان يعد الطعام لجميع مرتبات المدفعية، من (الضابط) صاحب (البُسطار الأحمر) إلى الجندي الذي يُلمِّع شعاره بسائل (البراسو) ذي اللون الأصفر، في استراحة المحارب بعد القصف المدفعي كان يعد الشاي، للنشامى، في أثناء تساقط قنابل العدو على يسار ويمين موقع المدفعية، وهذا عسكريا يسمى (قصف معاكس) يقوم فيه العدو، من مكان آخر غير الذي تم تدميره، والمدفعية ( السادسة ) تطلق قذائفها على مصدر النيران فتخرسه وهكذا . ومن هنا تعرف قيمة وأهمية طاهي الجيش . فالطاهي العسكري شريان حياة العسكر والعمود الفِقَري وهو شريان وعصب الحياة العسكرية في الحرب والسلم ، وهو وما يصنعه لهم هو ( سلاحهم ووقودهم ) الذي يمدهم بالقوة.

والكل يتودد (للطاهي) حتى يضع له قطعة لحم معتبرة . فالجيش يحرص على وجود طهاة مهرة بين صفوفه ، ويمنحهم جميع الامتيازات من رتب عسكرية كمثل الذي يقف خلف المدفع والرشاش والطيار الذي يحمي سماء الأردن .

عندما يكون إبريق الشاي لا يكفي للعسكر، يكون (القدر) بديلا عنه، و(السفر طاس) بديلا عن الصحن الصيني . وقطعة خبز الجيش ، بديلا عن رغيف الشراك أو الطابون ، وكم هو لذيذ ببسكويت( ج،ع ) . والأرزاق المرزومة ، فكل الاحترام والتقدير لجميع طهاة الجيش العربي ، عاملين ومتقاعدين .

وتسمع العسكر على صوت المدافع يحدون :

هلا بخالد هلا بصلاح الدين
هلا بالمعاني قاهر أعادينا
تناخى شباب الكرك ومعان
والشوبك مع فرسان الطفيله
طوقوها من معان للجوف
ومن الكرك لحدود الطفيله.

لقد استفاد من مكرمة المغفور له بإذن الله الملك الحسين طيب الله ثراه ، ما يزيد على (100 ) ألف طالب وطالبه من أبناء القوات المسلحة العاملين والمتقاعدين والأجهزة الأمنية. عبر (42 ) من انطلاق مسيرة المكرمة الملكية السامية المباركة.

لهذا فاني اقترح على أصحاب القرار، في القيادة العامة للقوات المسلحة الأردنية، إقامة احتفال باليوبيل الذهبي ، تخليدا لمكرمة المغفور له الملك الحسين رحمه الله.

راجيا إلى إعادة النظر في رواتب العسكر عاملين ومتقاعدين لان رواتبهم تآكلت، فاني أتوجه إلى سيدنا جلالة الملك عبد الله حفظه الله بان يحظى منتسبو جيشنا بمكرمة ملكية بزيادة رواتبهم . لأن المكارم الهاشمية تعلم أولادنا حب الوطن والجيش والأجهزة الأمنية بكل صنوفها وتشكيلاتها ووحداتها ، وهم مشروعات للجهاد والاستشهاد من اجل الأردن أرضا وإنسانا وقيادة هاشمية مظفرة ، وتبقى الراية ترفرف عاليا تشيع سكينة الأمن والأمان والاطمئنان في كل مكان بفضل تضحيات أبطال باسلو الجيش العربي الأردني ، ودعم الهاشميين لهم .

غدا سنكون تحت التراب، وتبقى مكرمة المغفور له بإذن الله الملك الحسين طيب الله ثراه بتدريس أبناء العسكريين، جيشا وأجهزة أمنية ضباطا وجنودا وطهاة راسخة رسوخ جبالنا وعالية مثل هامات الرجال في الميادين..