لمواجهة أردوغان في الانتخابات.. من هم المتنافسون على مرشح "الطاولة السداسية" للمعارضة التركية؟

 


"يا سيد كمال، إما أن ترشح نفسك للانتخابات الرئاسية أو أن تعلنوا مرشحكم" عبارة كررها الرئيس التركي رجب طيب أردوغان كثيرا منذ إعلانه الترشح رسميا عن تحالف الجمهور في الانتخابات المقرر إجراؤها في يونيو/حزيران المقبل، مخاطبا بها زعيم حزب الشعب الجمهوري المعارض كمال كليجدار أوغلو الذي لا يخفي تطلعه للترشح عن تحالف المعارضة، وهو ما يواجه رفضا قويا.

ولم يتمكن تحالف "الطاولة السداسية" المعارض حتى اللحظة من إعلان مرشحه التوافقي، الأمر الذي يعزز الغموض بشأن نتائج الانتخابات وطبيعة المنافسة التي تنتظر الرئيس الحالي.

ورغم أن تحالف المعارضة أعلن في 23 أغسطس/آب الماضي أنه سيقدم مرشحا توافقيا -بعد أن كان ذلك محل شك- فإنه لم يخطُ بعد الخطوة التالية لتعيين اسم المرشح المحتمل، فيما تتداول أوساط المعارضة والإعلام التركية أسماء عدد من المرشحين المحتملين عن التحالف المعارض.

كليجدار أوغلو
كمال كليجدار أوغلو (76 عاما) هو رئيس حزب الشعب الجمهوري أكبر أحزاب المعارضة منذ عام 2010، سبق أن شغل عدة مناصب حكومية كان أهمها إدارة مؤسسة الضمان الاجتماعي، لكنه غادر المؤسسات الحكومية عام 1999 وأصبح نائبا عن مدينة إسطنبول منذ 2002.

اتبع في السنوات الأخيرة نهجا جديدا على حزب الشعب من خلال عقد تحالفات سياسية شملت أحزابا من التيار الإسلامي، وصولا إلى اقتراحه سن قانون يضمن حق المحجبات في ارتداء الحجاب، وبعث رسائل متعددة تدعو إلى الصفح والمسامحة عن "أخطاء الماضي".

ورغم تمسك كليجدار أوغلو بمحاولة إقناع شركائه في المعارضة ليكون مرشحهم التوافقي فإنه لا يحظى بتأييد أي من حلفائه، وبرزت بين الفينة والأخرى تصدعات في التحالف نتيجة إصراره هذا، فبينما صدرت تصريحات من مسؤولين في الحزب تحذر من انهيار التحالف إذا لم يترشح عنه كليجدار أوغلو نبهت رئيسة حزب "الجيد" ميرال أكشنار إلى أن "تحالف الستة ليس كاتبا للعدل"، في إشارة إلى أنها ترفض أن يتقلص دور التحالف المعارض إلى مجرد التصديق على رغبة كليجدار أوغلو بالترشح.

إمام أوغلو
يعد أكرم إمام أوغلو (52 عاما) رئيس بلدية إسطنبول الكبرى ومدرس الرياضات السابق وعضو حزب الشعب الجمهوري أحد أكثر الأسماء تداولا في أروقة المعارضة بوصفه أحد المرشحين التوافقيين المحتملين عن تحالف الستة.

شغل إمام أوغلو منصب رئيس بلدية حي بيليك دوزو في إسطنبول قبل منصبه الحالي الذي فاز به إثر انتخابات 2019 المحلية، والتي تغلب فيها على بن علي يلدرم مرشح حزب العدالة والتنمية الحاكم.

يعد رئيس بلدية إسطنبول أحد المرشحين المفضلين لميرال أكشنار، وتعرض إمام أوغلو لانتقادات واسعة من قبل الإعلام الموالي للحكومة وإعلام المعارضة على حد سواء بسبب سوء إدارته لعدد من الكوارث والأزمات التي شهدتها المدينة مؤخرا.

منصور ياواش
شغل المحامي منصور ياواش (67 عاما) رئيس بلدية أنقرة وعضو حزب الشعب الجمهوري في السابق منصب رئيس بلدية حي بيبازاري في العاصمة التركية، يُطرح اسمه من قبل حزب "الجيد" بموازاة اسم إمام أوغلو بوصفه مرشحا محتملا وبديلا مقبولا له، وربما مفضلا عليه.

وكما هو حال إمام أوغلو لا يحظى ياواش بتأييد حزبه ليكون المرشح التوافقي للمعارضة، ولا يتمتع بفرص أكبر من زميله إمام أوغلو، كما ظهرت باستمرار سجالات بين أعضاء من حزبي الشعب والجيد بشأن إمكانية ترشيح ياواش، إلا أن تصريح كل من إمام أوغلو وياواش بأنهما يقفان بجانب كليجدار أوغلو بعد مطالبة الأخير أعضاء حزبه في اجتماع بإزمير بإظهار دعمهم له بشكل صريح وضع حدا للتكهنات.

علي باباجان
بدأ علي باباجان (55 عاما) رئيس حزب الديمقراطية والتقدم حياته السياسية عام 2002 بوصفه أحد مؤسسي حزب "العدالة والتنمية"، شغل العديد من المناصب الرفيعة في حكومات الحزب، أهمها نائب رئيس الوزراء ووزير الخارجية ووزير الاقتصاد، ويعزى إليه الفضل بالمشاركة في تحقيق الطفرة الاقتصادية بين عامي 2004 و2010.

غادر باباجان الحزب عام 2020، وأسس حزبه الجديد "الديمقراطية والتقدم" في العام نفسه برفقة عدد من المسؤولين السابقين في حكومات العدالة والتنمية.

أعلن حزب الديمقراطية والتقدم سابقا أنه سيخوض الانتخابات العامة باسمه وشعاره الخاص، وأنه سيقدم مرشحه للانتخابات الرئاسية ما لم يتم الاتفاق على مرشح مشترك ضمن الطاولة السداسية، وهو ما حُمل على أنه فتح للباب أمام خيار تقدم باباجان نفسه للترشح في مواجهة أردوغان.

داود أوغلو
بدأ أحمد داود أوغلو (63 عاما) حياته السياسية كأكاديمي متخصص في العلوم السياسية، قبل أن ينضم إلى حزب العدالة والتنمية ويتبوأ بعد ذلك أرفع المناصب، أهمها وزير الخارجية -إذ عرف بسياسة "صفر مشاكل"- ورئيس الوزراء.

استقال من رئاسة الوزراء عام 2016 على خلفية تصاعد خلافاته مع رئيس الجمهورية، وغادر الحزب رسميا عام 2019، قبل أن يؤسس في العام نفسه "حزب المستقبل".

يقدم داود أوغلو نفسه كمنافس قوي لأردوغان، إلا أنه لم يصرح برغبة معلنة بأن يكون مرشحا توافقيا لأحزاب المعارضة، لكن اسمه يبقى مطروحا بجانب اسم باباجان كونهما ينتميان إلى التيار المحافظ، وهو ما يجعل حظوظهما في التغلب على أردوغان أو على الأقل اضطراره إلى الذهاب لجولة ثانية أكبر من مرشحي حزب الشعب الجمهوري العلماني.

ما سمات المرشح القادر على منافسة أردوغان؟
يقول رئيس مركز دراسات الشرق الأوسط (أورسام) البروفيسور أحمد أويصال إن المعارضة تواجه تحديا كبيرا لكسب الأغلبية، لأن معظم المجتمع التركي محافظ فيما القسم الأكبر منها من العلمانيين، واعتبر أن "مرشح المعارضة يجب أن يكون محافظا" لكي يتمتع بفرصة ما للفوز في الانتخابات.

وأضاف أويصال للجزيرة نت أن كليجدار أوغلو حاول أن يملأ هذه "الفجوة" مرتين في السابق، مذكرا بترشيح أكمل الدين إحسان أوغلو في مواجهة أردوغان عام 2014، وتتمثل المرة الثانية بإطلاق كليجدار أوغلو "حملة إستراتيجية لاستقطاب الجمهور المحافظ" من خلال خطابه التصالحي معه، بحسب رئيس مركز "أورسام".

وبالإضافة إلى كونه محافظا ترى رئيسة مكتب جريدة "ديلي صباح" في أنقرة ديلارا أرسلان أن على المرشح التوافقي للمعارضة أن يتمتع بشخصية "تعطي الأولوية للمصالح الوطنية، لأن الشعب التركي شعب قومي للغاية".

وأضافت أرسلان للجزيرة نت أنه "لا ينبغي أن يكون مرشح المعارضة الشخص الذي يقول حسنا لكل ما يقوله الغرب، بل يجب أن يكون قادرا أيضا على إقامة علاقات مع أجزاء أخرى من العالم".

احتمال آخر في حال استمرار الإخفاق
وبشأن أسباب إخفاق أحزاب المعارضة في "الطاولة السداسية" بالتوصل إلى مرشح مشترك حتى الآن، ترجع الصحفية التركية ذلك إلى أنه "لا توجد روابط أيديولوجية أو فكرية قوية تجمع هذه الأحزاب معا".

وبحسب أرسلان، فإن أقوى حزب في التحالف هو بلا شك حزب الشعب الجمهوري، لكن حتى أغلبية ناخبيه يعتقدون أن كليجدار أوغلو لا يتمتع بصفات كافية ليكون مرشحا، مما يؤدي مرة أخرى إلى صعوبات في تسمية مرشح.

وفي ظل إخفاق المعارضة في التوافق على مرشح مشترك يبرز احتمال آخر قد يكون حلا أخيرا، إذ يعتقد أويصال أنه من المحتمل أن تذهب المعارضة إلى خيار تقديم كل حزب مرشحه المستقل، بحيث يتم الاتفاق في الجولة الثانية على المرشح الذي يتمكن من التأهل.

واستدرك أويصال بأن الخطورة في هذا الخيار تكمن في أن أردوغان قد يفوز من الجولة الأولى، كنتيجة لحملات الحكومة مؤخرا في تقديم الدعم للأسر، وإنجازاتها داخليا وخارجيا، ولا سيما في ما يتعلق بحرب أوكرانيا.

وختم قائلا "نفسيا، في الأزمات والحروب تتمسك الجماهير عادة بالقادة الأقوياء".


(الجزيرة)