مسؤولون أم تجار؟ وزراء يخالفون الدستور بامتلاكهم شركات تجارية!



محمود الشرعان - مع مرور التعديل الخامس على الحكومة الأردنية، برئاسة بشر الخصاونة، والذي شمل 10 وزارات ليست سياديةً، رصد رصيف22، مخالفات دستوريةً في اشتراك وزراء في شركات تجارية محلّية.

التعديل الحكومي تضمّن خروج 6 وزراء، وإدخال 5 منهم 4 جدد ووزير سابق، فيما تم إدخال 3 نساء على الفريق الوزاري، ليرتفع بذلك عددهن في الفريق الحكومي إلى 5.

حظر دستوري

مع كل تعديل أو تغيير حكومي، تُطرح تساؤلات حول ملكية الوزراء لشركات تجارية في القطاع الخاص، في ظل حظر دستوري يمنع الوزير من الاشتراك في أي عمل تجاري أو مالي، بما يشمل المساهمة في أي شركة، سواء شركات المساهمة العامة أو الخاصة أو الاكتتاب بالأسهم عند التأسيس أو عند شرائها لاحقاً.

تنص المادة 44 من الدستور الأردني، على أنه "لا يجوز للوزير أن يشتري شيئاً من أملاك الحكومة، ولو كان ذلك في المزاد العلني، كما لا يجوز له، في أثناء وزارته، أن يكون عضواً في مجلس إدارة شركة ما، أو أن يشترك في أي عمل تجاري أو مالي، أو أن يتقاضى راتباً من أي شركة".

رصيف22، رصد مخالفة خمسة وزراء من أصل 27 وزيراً، للمادة الدستورية التي تحظر عليهم الدخول في أي شراكة تجارية أو مالية.

وزير البيئة

كشفت سجلات دائرة مراقبة الشركات، أن وزير البيئة، معاوية الردايدة، شريك في شركة ثلاثية الأبعاد للصناعات الإنشائية، ذات مسؤولية محدودة، بحصة مالية قُدّرت بـ3،750 ديناراً أردنياً (5،285 دولاراً أمريكياً).

وتتضمن أعمال الشركة التجارية، التي وصل رأسمالها إلى 50 ألف دينار، صناعه ألواح العزل من البولسترين، وصيانة المنشآت الخرسانية، واقتراض الأموال اللازمة لها من البنوك، وصناعة خامات الحديد.

وزيرة الاستثمار

أما وزيرة الاستثمار الجديدة، خلود السقاف، فقد بيّنت السجلات الرسمية، أنها مساهمة في شركة المترابطة للاستثمار (قائمة) مساهمةً خاصةً ومحدودةً، بحصة مالية قدرها 625 ديناراً أردنياً (880 دولاراً).

وصل رأس مال الشركة إلى 240 ألف دينار أردني (338 ألف دولار)، وتتضمن أعمالها وكالات براءات الاختراع، وتملّك علامات تجارية، وإدارة ومتابعة الأمور التي ستؤول إلى الشركة من بنك الإنماء الصناعي، وشراء الأسهم والسندات في سوق عمان المالي، تحقيقاً لغايات الشركة، وتملك الأموال المنقولة وغير المنقولة لقيام الشركة بأعمالها شريطة عدم الاتّجار بها.

وزير المياه والري

سجلات دائرة مراقبة الشركات، أظهرت أن وزير المياه والري، محمد النجار، شريك في شركة بناة الغد التجارية، بحصة مالية بلغت 14 ألف دينار أردني (19 ألف دولار)، ووصل رأسمالها الحالي إلى نحو 6،297،990 مليون دينار أردني (8 ملايين دولار).

وزير السياحة والآثار العامة

وكشفت السجلات الحكومية، أن وزير السياحة والآثار العامة، نايف الفايز، شريك ومؤسس في شركة القسطل الاستثمارية، بمساهمة خاصة ومحدودة، من خلال حصة بلغت 5 آلاف دينار (7 آلاف دولار)، فيما وصل رأسمال الشركة إلى 50 ألف دينار (70 ألف دولار).

تتضمن أعمال شركة القسطل، ممارسة الأعمال التجارية، والمساهمة في شركات أخرى، واستثمار أموال الشركة في المجالات العقارية، وتمثيل الشركات المحلية والأجنبية، وإدارة وتطوير المشاريع العقارية، وغيرها من الأعمال.

وزير الزراعة

أما وزير الزراعة، خالد الحنيفات، فكشفت سجلات دائرة مراقبة الشركات، أنه شريك في شركة جميل الدعاسين وشريكه، بحصة مالية بلغت 50 ألف دينار (70 ألف دولار).

بلغ رأسمال الشركة 200 ألف دينار أردني (281 ألف دولار)، وتتلخص أعمالها في المقاولات الإنشائية واستيراد ما يلزم لتنفيذ غاياتها.

مخالفة دستورية وغياب للثقة الشعبية

يقول أستاذ القانون الدستوري، ليث نصراوين، إنه يحظر على الوزير، وبمجرد توليه منصبه، بموجب أحكام المادة 44 من الدستور، شراء أو استئجار شيء من أملاك الحكومة، ولو كان ذلك في المزاد العلني، كما لا يجوز له في أثناء وزارته أن يكون عضواً في مجلس إدارة شركة ما، أو أن يشترك في أي عمل تجاري أو مالي، أو أن يتقاضى راتباً من أي شركة.

يشدد نصراوين، خلال حديثه إلى رصيف22، على أن المحكمة الدستورية أصدرت قرارها حول المادة 44 من الدستور، والذي يحظر على الوزير شراء أي أسهم او حصص في الشركات التجارية بعد توليه الوزارة، لأنه لا يجوز أن يشارك الوزير في أي أعمال تجارية.

من جهته، يؤكد النائب الأردني، محمد السعودي، أن بقاء الوزير مساهماً أو شريكاً في أي شركة تجارية، مخالفة دستورية واضحة، وعليه تصويب وضعه قبل استلامه الحقيبة الوزارية، وفي حال استمراره في الوزارة والشركة، فيُعدّ الأمر مخالفةً دستوريةً تضرب صحة "توزيره".

توسّع المخالفات الدستورية السابقة، نجم عنه انعدام الثقة الشعبية بالحكومة الحالية، إذ أظهر استطلاع رأي أجراه مركز الدراسات الإستراتيجية في الجامعة الأردنية (حكومية)، في بداية تشرين الأول/ أكتوبر الحالي، أي بعد مرور عامين على تشكيل حكومة بشر الخصاونة، أن 68% من الأردنيين لا يثقون برئيس الوزراء، مقابل 32% يثقون به، فيما يرى 80% من المواطنين أن الأمور تسير في الاتجاه السلبي.

وبيّن الاستطلاع أن 77% من الأردنيين، لا يثقون بفريق حكومة الخصاونة، وأن الحكومة لم تنجح في تنفيذ 19 بنداً من أصل 22، تم تكليفها بالعمل عليها، فيما يعتقد 11% فقط من الأردنيين أن الحكومة نجحت في توفير فرص عمل.

تكررت المخالفات الدستورية السابقة في الحكومات المتعاقبة، إلا أن الوزراء كانوا يسارعون إلى تصويب أوضاعهم القانونية في الشركات، عبر التنازل عن حصصهم، ويعودون لها بعد استقالتهم من الحكومة، غير أننا هذه المرة نجد أن الوزراء يستمرون في مخالفة الدستور، بشكل واضح.


(رصيف22)