طرق الرمثا تسبب ازدحامات في محلات التصليح.. ومواطنون يبادرون لرقعها

 


 محمود الشبول - يجتاز محمود الكفيري المدخل الذي يفصل بين قرية الطرة وقرية الشجرة في لواء الرمثا شمال عمان. يعدل مقود السيارة تارة إلى اليمين وتارة إلى اليسار محاولا تجنب الحفر التي تنتشر على امتداد الشارع. لا تنجح محاولاته دائما فبعض الحفر لا سبيل إلى الخلاص منها.

معاناة على الطريق
الكفيري يملك مطعما للتواصي المنزلية في قرية الشجرة في لواء الرمثا. واعتاد أن يوصل الوجبات المعدة في محله إلى السكان في منطقته والمناطق المجاورة. يتفقد الكفيري إطارات سيارته قبل كل جولة تحسبا لأي خلل قد يحل بها بين كل جولة وأخرى.
يبدي الكفيري استياءه من الحفر المنتشرة في الطرق، يقول: " الطرق في حالة تردي او يرثى لها، يعني بجوز من أربع سنين ما اتصلحتش مطبات، حفر، عدم صيانة، في طرق مش مزفتة، يعني شي كثير على السيارات."
لا تعاني بلدة الشجرة وحدها من تردي حالة الطرق ووجود الحفر فيها، فحال الطرق في باقي بلدات سهل حوران شبيهة، يكفي أن تنطلق بسيارتك في جولة داخل شوارعها لتدرك هذا الأمر.
 
يتجنب مستخدمو الطريق الرئيسي وسط بلدة الشجرة الحفر المنتشرة على طول الطريق
تكشف قصة البيانات هذه عن تردي حال الطرق في بلدية سهل حوران الواقعة في لواء الرمثا، في ظل تراجع مخصصات صيانة الطرقات في السنوات الماضية. تضم البلدية أربع مناطق هي الشجرة، والطرة والذنيبة وعمراوة، حيث يقطن ثلث سكان اللواء.
يُظهر تحليل موازنة بلدية سهل حوران للأعوام الأخيرة (2018 - 2021) تراجعًا في الإنفاق على صيانة الشوارع بنحو 70 في المائة، في حين انخفض الإنفاق على فتح وتعبيد الشوارع وإنشاء الخلطات الإسفلتية في البلدية إلى الُعشر تقريبًا.
ليست الحفر والمطبات والطرق الرملية الشواهد الوحيدة على رداءة الطرق، فمنذ اقتنى الكفيري سيارته قبل خمسة أعوام، أصبح زبونا دائما لورش تصليح السيارات؛ فلا يكاد يصلح السيارة أو يبدل إطاراتها حتى يعود إلى ورشة التصليح من جديد.


يقول الكفيري " أنا بغير كل سنة، سنة ونص الإطارات كاملة، هذول الإطارات الي عندي غيرتهم قبل شهر، صرت رايح على البنشرجي ثلاث مرات"
حال الكفيري لا يختلف كثيرا عن حال آخرين من سكان البلدة ممن يزورون المدينة الصناعية وورش التصليح بشكل متكرر.
تكشف استبانة أعدت في سياق عمل القصة عن قيام العشرات من سكان بلدية سهل حوران بزيارة الورش لتصليح وصيانة إطار المركبة ثلاث مرات شهريًا على الأقل، حسب نتائج الاستبانة التي شملت أكثر من ستين شخصًا.
يملك أحمد النبهان (26 عاما) ورشة لتصليح السيارات قرب المدخل الرئيسي للبلدة. يجلس النبهان متكئا على مقعده يراقب حركة العاملين في الورشة التي افتتحها مؤخرا.
يستقبل النبهان يوميا في ورشته نحو 10 سيارات بسبب كسر في "الجنط"، بالإضافة إلى إصلاح إطارات المركبات. مؤكدا أن الحفر في الشوارع تتسبب بتلك الكسور وبانفجار الإطارات.
لا يقتصر الضرر الذي تلحقه الحفر ورداءة الطرق على الإطارات، بل يطال الهيئة الأمامية وينتقل إلى أجزاء أخرى من المركبة، بحسب النبهان.
 
 

حلول مؤقتة
التردي في حالة الطرق دفع محمد صميعات إلى ترقيع أحد الشوارع، حيث قهوته القريبة من دوار البريد الممتلئ بالحفر.
توجه الصميعات في الشهور الماضية إلى البلدية بعد معاناة طويلة مع الحفر الموجودة أمام محله، إلا أن الرد جاء بعدم وجود مخصصات مالية لصيانة الطرق، كان ذلك في الفترة الانتقالية بين المجلس القديم والمجلس الجديد.
يعزو الصميعات وجود الحفر إلى عدم تأسيس بنية تحتية ملائمة للطرق مثل توفير عبارات المياه التي تمنع تلف الشوارع وتآكل الاسفلت "الزفتة". يقول وهو يشير إلى الشارع:" هون مياه البلد كلها بتنزل… فعلًا الناس بدهم زوارق حتى يتعدوا المنطقة."
 
بادر الصميعات إلى إيجاد حل مؤقت لتقليل تضرر المركبات في الشارع حيث يقع محله

 
لجأ آخرون إلى أساليب بسيطة لتغطية الحفر بهدف التقليل من الضرر الذي يلحق بالمركبات


بالإضافة إلى القهوة التي يديرها، يعمل الصميعات فنيَّ أعمال صيانة. أخذ بزمام المبادرة وقرر أن يقوم بترقيع الشارع بنفسه، إذ تكفل بتوفير المواد المطلوبة والأيدي العاملة اللازمة لذلك. كما زودته البلدية بما يتوفر لديها من رمل.

يُدرك الصميعات أن ما قام به قدم حلا مؤقتا أسعف أهل المنطقة في الشتاء الماضي، لكن لا أحد يعلم كم سيمضي قبل أن يعود الشارع إلى سابق عهده.
 

تحديات مالية وإجراءات متأخرة
توضح المدير التنفيذي لبلدية سهل حوران ممتاز العنزي أن البلدية كانت تواجه مشكلة مواصفات فتح وتعبيد الشوارع التي تشترطها وزارة الإدارة المحلية، فهي غير ملائمة لطبيعة التربة في منطقة سهل حواران التي تتميز بكونها تربة حمراء تمتد إلى عمق قد يصل إلى مترين، حسب ما أشارت.
وتؤكد المدير التنفيذي أنه لا بد من تحسين التربة قبل وضع الأساس للخلطات الاسفلتية لتجنب حدوث هبوط في الشوارع لاحقًا، مشيرةً إلى أن البلدية قامت قبل نحو ثلاثة أعوام بتعديل مواصفات التنفيذ بعد موافقة الوزارة لمعالجة هذا الأمر.
من جانب آخر أشارت العنزي إلى أن تأخر تصديق الموازنة يتسبب بتعطيل تنفيذ المشاريع الجديدة المتعلقة بالبينة التحتية، " موازنة 2021 بشهر 11 تصدقت، وببعتوا تعليمات بداية السنة الاقتصار على المصاريف التشغيلية، يعني عطاءات، مشاريع ما في تبلش فيها"، تقول العنزي.
 
 
لا تبدو القيادة سهلة في بلدة الشجرة إذ تحاصَرُ المركبات بالحفر أثناء مسيرها

أما رئيس بلدية سهل حوران علي الشبول فيؤكد أن وزارة الإدارة المحلية رفعت مخصصات تعبيد الشوارع لبلدية سهل حوران بنحو 50 ألف دينار للعام الجاري بناء على طلب مجلس البلدية، ومع ذلك فإن تأخر تصديق الموازنة يتسبب بتعطيل تنفيذ المشاريع." نحن الآن في شهر خمسة ولغاية الآن الموازنة لم تصدق" يقول الشبول.
ُأجريت المقابلات في شهر أيار/ مايو 2022، وبدأت بلدية سهل حوران أواخر شهر حزيران/ يونيو 2022 بترقيع الحفر في طرق رئيسية منها الشارع الرئيسي لبلدة الشجرة ومنطقة دوار خالد ذياب ومنطقة دوار ضيف الله الصالح، في حين تنتظر طرقا أخرى إصلاحا لا يعرف له موعد.
أما محمود الكفيري فلا يزال يقوم بجولاته بين قرى بلدية سهل حوران وأطرافها، يحاول عبثا أن يتجنب الحفر المنتشرة هنا وهناك. ورغم أنه لم يهنأ بعد بإطارات سيارته التي استبدلها منذ شهر تقريبا، عاد أدراجه إلى ورشة التصليح ليشرع بإصلاح الإطارات من جديد.
أنتجت هذه القصة بالتعاون مع أريج (ضمن مشروع 100 واط المدعوم من سفارة مملكة هولندا)