الصراع مع المرض
وتئن الشجرة من رحيل غصنها، فلم تعد حبات الدواء تجدي لها نفعا، فازداد الألم حتى لجأ الأطباء إلى بتر أحد أطرافها، حينها كنت في قاعة الانتظار في صمت رهيب يسود المكان، فشعور الخوف ينتابني في كل لحظة تمر من الوقت، حتى خرج علينا الطبيب وهو يبشرنا بأنه تم بتر الساق بنجاح ولكن عليكم التوقيع وأخذ هذا العضو إلى المشرحة لتتم عليه مراسم الدفن.
هذا كله والمريضة على علم بما يدور من حولها من أحداث فقد تمت العملية أمامها لأن البنج كان موضع قدمها فكانت الستائر هي الشيء الوحيد الذي يفصل بينها وبينهم فكل ما يمر من بين أيدهم ما هو إلا روتينهم اليومي، حتى أصبحت تلك المشاهد التي تدمي قلوبنا أمر عادي بالنسبة لهم، لأنهم أجبروا على التحمل والصبر تحت كل هذه الضغوطات النفسية.
شعورهم بالمسؤولية أنهم أطباء ليس بالأمر السهل في تعاملهم مع المواقف الصعبة، إلا أنه ورغما عني مازلت غير مستوعبة لكل هذا الألم فقد باتت كل الأفكار تضرب في رأسي فكلما وضعته على وسادة النوم يأخذني هذا الخيال إلى مقبرتي التي وضع فيها هذا الجزء من جسدي، وأنا ما زلت على قيد الحياة أسأل نفسي في كل ليلة ما حالك أيها الطرف المبتور ؟ فأنا ما زلت هنا أصارع المرض وحدي.
أما أنت فماذا فعلت بي، بعدما هجرتني وهربت من سجني فتركته يضيق بي فما بالك ولم تصبر حتى نمضي سويا، فانا مثلك قد ضاق بي سجن الحياة فما عاد سائر الجسد يقوى وأبصرت بقلبي كم هي قاسية تلك الحياة حتى ذرفت دموع عيني ولكن من غير جدوى الكل من حولي يواسيني ولا أرى منهم من يواسي وحدة الظلمة.
عن مرضى السكري أتحدث فما يصيب المسلم نصب وصب ولا هم ولا حزن ولا أذى ولا غم حتى الشوكة التي يشاكها إلا وكفر الله بها من خطاياه.