بنوك تستقوي على المقترضين وعلى المركزي التدخل!
أين رقابة البنك المركزي الأردني على سياسات الإقراض في البنوك؟ وهل يجوز للبنوك رفع أسعار الفائدة على القروض القائمة بفائدة ثابتة ؟ وهل تخالف مصارفنا قرار محكمة التمييز بهذا الخصوص؟
أسئلة كثيرة تجول في خاطر كثير من الأردنيين وخصوصا أصحاب القروض العقارية التي رفعت المصارف الفائدة عليهم لتصل إلى 9 % في إجراء مباغت سيكون له تداعيات خطيرة على سوق الإسكان ، ويمكن أن يزيد من حالات التخلف عن السداد.
للأسف، تنتهج بعض البنوك المحلية سياسة "الاستقواء" على صغار المقترضين برفعها المتواصل للفائدة على مرأى ومسمع البنك المركزي، الذي يتغنى بانخفاض معدل التضخم إلى 4.1 % في المملكة مقابل مستويات تتجاوز 8% في الدول الغربية.
"المركزي الأردني" يتناسى أن الدورة الاقتصادية في الأردن ومستويات الدين وهياكل الإنتاج لدينا مختلفة تماما عن الاقتصادات الكبرى، ويبدو أن مخاوف الدورة التي تشكل هاجسا للقائمين على سياساتنا النقدية يمكن أن تؤدي إلى ركود اقتصادي حتى بعد ثناء ومراجعات صندوق النقد الدولي التي نعلم كيف يتم صياغتها بعبارات مغلفة بالإصلاحات ونهج اقتصاد السوق.
رغم أن مجاراة مجلس الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي في رفع الفائدة ضرورة لكن ليست بالمستويات نفسها التي تصبح طاردة للاستثمار، فحسب البيانات الرسمية للبنك المركزي الأردني يبلغ سعر الفائدة الرئيسي 6 % ، فيما يصل سعر إعادة الخصم 7% ، في المقابل تبلغ أسعار الفائدة في الولايات المتحدة بعد سلسلة الارتفاعات الأخيرة نحو 4 %.
اللافت أن صناع السياسة النقدية في مجلس الفيدرالي الأمريكي يدرسون حاليا تقنين رفع الفائدة في الفترة المقبلة حتى لا يؤدي ارتفاع الأسعار إلى ركود حاد وشلل في سوق الرهن العقاري أمام بنوكنا فتتفنن في زيادتها.
أمام هذه المعطيات على البنك المركزي الأردني قراءة المشهد جيدا لتلافي أزمة رهن عقاري في البلاد، فهناك انكماش في قطاع الاعمال بفعل نقص السيولة وارتفاع تكاليف الإقراض والرهون العقارية. وهنا يؤكد مختصون أن ارتفاع تكاليف التمويل لشراء الشقق السكنية أدى إلى تراجع حركة تداول العقارات ، إذ انخفضت حركة بيع العقارات منذ بداية العام الجاري 7% ، وهبطت مبيعات الشقق 3 %،فيما هوت مبيعات الأراضي 9% .
هذا المشهد يستدعي تدخلا رسميا لوقف تغول البنوك على المواطن ، لأن الاستمرار في زيادات الفائدة ستسوقنا إلى نتائج لا يحمد عقباها ، حيث تظهر التقارير أن أسعار الشقق السكنية زادت بين 10 إلى 15% خلال العام الجاري لوحده ، كما زادت أسعار مدخلات البناء نتيجة ارتفاع تكاليف الاستيراد والتمويل العقاري في آن واحد.
وبالعودة إلى رفع البنوك الفائدة على القروض القائمة هناك قرار صادر عن محكمة التمييز قبل قرابة عامين يؤكد أن أسعار الفائدة الجديدة في حال رفعها من البنك المركزي تسري على العقود الجديدة المنظمة بعد صدورها.
وبشأن العمليات والعقود التي تسبق رفع سعر الفائدة، قالت المحكمة وقتها إن "العبرة تكون لما تم الاتفاق عليه عند التعاقد".
وهنا اقتبس من المنشور حرفيا "لا يستطيع البنك الدائن بإرادته المنفردة رفع نسبة الفائدة عن النسبة المتفق عليها عند إبرام العقد في ظل صدور قرار جديد من البنك المركزي برفع نسبة الفائدة".
وأعطت المادة 43 من القانون رقم 19 لسنة 1979 المعدل لقانون البنك المركزي الأردني سلطة إصدار الأوامر في تحديد الحد الأدنى والأعلى لمعدلات الفوائد دون التقيد بأحكام أي تشريع آخر بحدود مقدار الفوائد، وهنا لنفترض أن أسعار الفائدة هبطت إلى مستويات متدنية هل ستقوم بنوكنا العتيدة بتخفيض نسبة الفائدة بالسرعة نفسها التي زادتها على صغار المقترضين.
وحتى لا تذهب خطوات الحكومة في تحفيز سوق الاسكان هدرا بعد أن خفضت أخيرا رسوم بيع العقار ،علينا التفكير مليا باستثناء القروض السكنية من ارتفاعات الفائدة التي يجب أن لا تعامل معاملة القروض التجارية ، وذلك لبعدها الاجتماعي وشمولها شرائح واسعة من المجتمع.
هناك قروض سكنية مترتبة على الأفراد لصالح البنوك الأردنية تتجاوز 4.5 مليار دينار ، وإذا ما حسبت الزيادات الجديدة في أسعار الفائدة على تكلفة الإقراض فالمبلغ حتما سيفوق 5 مليارات دينار حتما.
نحن أمام بنوك تملي سياساتها بقوة القانون والأنظمة على المقترض المغلوب على أمره والذي لا يدري من أين تأتيه الضربة من ارتفاعات أسعار قوته اليومي من سلع أساسية أو من ارتفاع أسعار الملبس والمسكن!!!