الشهيد "مبارك".. وحيد أمه تاركًا سريره وحقيبته

بعد 70 يومًا من احتجاز جثمانه لدى سلطات الاحتلال؛ حانت لحظة الوداع الأخيرة، حيث تم تسجية الفتى هيثم مبارك على سريره، للمرة الأخيرة.

بالأحضان والقبلات والحزن المرير، تسارع والدته كفاح لرؤية نجلها ووداعه قبل تشييعه؛ فهيثم ولدها الوحيد، بعد انفصالها عن زوجها أثناء حملها به.

"الله يرحمك.. الله يرضى عليك.. سامحني إن قصرت معاك.. الله ينور قبرك.. ما رح أقدر أتخلى عنك". بهذه العبارات ودّعت الأم نجلها (17 عامًا) قبل دفنه في قريته أبو فلاح شمال رام الله.

فمنزل والدة الشهيد في بلدة بيتونيا، لم يعد يعج بأصدقاء هيثم ولا بسهرات الامتحانات الدراسية، وأصبحت والدته وحيدة، فلا مؤنس لها سوى سريره وحقيبته.

أما نصر مبارك، أحد أقارب الشهيد، يروي لـ"صفا" تفاصيل حياة الشهيد ولحظات استشهاده قائلاً: "كان هيثم يعيش حياة طبيعية ومجتهد في مدرسته، وكان يطمح لدراسة الهندسة".

ويلفت مبارك إلى أن هيثم كان شديد الحب والإخلاص لوالدته، فيما كانت حياته محصورة بينها وزملائه بالمدرسة.

ويبين أنه وقبل يوم من استشهاده عاد من المدرسة وتناول طعام الغداء برفقة والدته، وفي المساء غادر المنزل كما في كل مرة، وذهب برفقة أصدقائه وعادة ما يعود قبل منتصف الليل.

ويكمل قائلا: "تفقدت والدته غرفته دون وجوده حتى ساعة متأخرة من الليل وسارعت بالبحث عنه، وعند مشاهدتها رسالة منه: "يمّا سامحيني انا طالع على شغله وادعيلي وبتمنّى ما تزعلي عليّ انطلقت مسرعة إلى المستشفى، وأخذت تسأل الطواقم الطبية عن وصول جريح أو شهيد.

ويضيف: "في ساعات الصباح اتصل بي ضابط في الارتباط الفلسطيني وسألني عن فتى اسمه هيثم، دون تحديد هويته، وعاود ضباط الارتباط الاتصال بالاحتلال للسماح برؤيته دون جدوى، ومع مرور الوقت أرسل الاحتلال صورة وأبلغ بنقله إلى مركز أبو كبير واحتجاز جثمانه.

ويقول مبارك: "زعم الاحتلال أن هيثم هاجم حاجزًا للجنود قرب قرية بيتين شرق رام الله وتم إطلاق النار عليه واستشهاده.

ويرى مبارك أن احتجاز جثمان الشهيد بهذه الصورة لفتى في السابعة عشرة، هو تنكيل آخر بوالدته التي لم تنم منذ استشهاده.

صفا