لماذا يجب ترشيد السحب من صندوق التعطل لغايات التعليم والعلاج..؟!

 

كتب موسى الصبيحي - في انحراف واضح عن مسار وغايات تأمين التعطل عن العمل، تم إضافة منفعة السحب من الرصيد الإدخاري للمؤمّن عليهم في حساب التعطل لغايات التعليم والعلاج من خلال إضافة الفقرة "ج" الى المادة "52" من قانون الضمان ضمن التعديلات التي أُدخِلت على القانون سنة 2019، والتي بموجبها أجاز القانون للمؤمّن عليه الأردني فقط التقدم لمؤسسة الضمان بطلب سحب الرصيد المتراكم في حسابه الادخاري أو أي جزء منه لغايات تعليم أبنائه في مؤسسات التعليم العالي أو التعليم المهني أو لغايات تغطية نفقات المعالجة الطبية له أو لأي من أفراد عائلته وذلك وفقاً لتعليمات يصدرها مجلس إدارة المؤسسة.

وتتضمن الشروط التي حدّدتها التعليمات الصادرة بهذا الخصوص أن يتوفر للمؤمن عليه الأردني رصيد في هذا الحساب لا يقل عن 300 دينار من خلال عمله في القطاع الخاص خلال الفترة من مطلع أيلول 2011، وهو تاريخ تطبيق تأمين التعطل عن العمل وما بعد هذا التاريخ، حيث يغطي التأمين كافة المؤمن عليهم العاملين في منشآت القطاع الخاص فقط، وأن يرفق ما يثبت أن أياً من أبنائه على مقاعد الدراسة سواء في مستوى التعليم العالي أو التعليم المهني إذا كان السحب لغايات تعليم الأبناء، أما إذا كان السحب لغايات العلاج فيُكتفى بإقرار في نموذج طلب السحب الإلكتروني بأن هذا السحب هو لغايات العلاج.

وبموجب التعليمات فإن أي مؤمن عليه سحب من رصيده الإدخاري في حساب التعطل لأي من الغايتين المذكورتين يستطيع أن يسحب مرة أخرى بعد مرور 36 اشتراكاً جديداً في تأمين التعطل عن العمل، وهكذا حيث يحق له السحب لأي مرة قادمة وفقاً لهذا الشرط سواء للغاية نفسها التي سحب منها في المرة السابقة أو للغاية الثانية.

ولا تكمن المشكلة في هذا الموضوع فقط في الانحراف عن غايات تأمين التعطل عن العمل، وما كان ينبغي الحفاظ عليه من دور مهم لهذا التأمين في حماية المتعطّل وتأمينه بجزء من الدخل ريثما يلتحق بفرصة عمل جديدة ويستأنف اشتراكه بالضمان، ولكن المشكلة الأكبر تجلّت في أن المؤسسة شرعت بالصرف دون أي تحقق من السبب والغاية بصورة دقيقة، واعتمدت على مجرد إقرار المؤمّن عليه في طلب سحب الرصيد بأنه لغاية التعليم أو العلاج، دون تقديم إثباتات بذلك، وهو انحراف عن التعليمات الصادرة بذلك..

ما سمعته اليوم أن المؤسسة اتخذت قراراً بإيقاف الصرف من الأرصدة الادّخارية للمؤمن عليهم لغايات التعليم والعلاج من أجل مراجعة الموضوع وتقويمه، وهو قرار في الاتجاه الصحيح وعلى جانب كبير من الأهمية، فإعادة مراجعة التجربة وتقويمها، هي السبيل لإعادة الحيوية لصندوق التعطل الذي أثقلته برامج الضمان خلال سنوات الجائحة. كما أن المؤمّن عليهم المشتركين بهذا التأمين في أمسّ الحاجة إلى رفع قيمة مدخراتهم التراكمية في الصندوق، وتوفيرها وادّخارها لأي فترات تعطّل عن العمل مستقبلاً، والاستفادة من ريع استثمار أرصدتهم، وتمكينهم من الحصول على كامل ما تراكم لهم فيها مع ريعه الاستثماري عندما يخرجون من النظام التأميني بشكل نهائي، وليس سحبها وصرفها لغايات استهلاكية قبل ذلك ودون توفر ضمانات التحقق من أن المبالغ المسحوبة ذهبت فعلاً لغايات تعليم أبناء المؤمّن عليه أو دفع تكاليف ونفقات علاج أي من أفراد عائلته..!

الموضوع برمّته أيها السادة بحاجة إلى مراجعة وإعادة دراسة تعليماته بما يحقق الترشيد في عمليات الصرف والتحقق الكامل من توفر أسبابه، ويخفف من حدّة الانحراف عن غايات تأمين التعطل عن العمل، وهذا ما ينفع المؤمّن عليهم على المدى المتوسط والطويل، ويحافظ على ملاءة الصندوق وكفاءة دوره اجتماعياً واقتصادياً.