لماذا لم تقدم الدول مساعداتها للمستحقين خلال الجائحة من صناديق الضمان ؟

 

كتب موسى الصبيحي - في تقرير لمنظمة العمل الدولية صدر في أيلول/سبتمبر 2020 بعنوان (مد نطاق الحماية الاجتماعية للعاملين في الاقتصاد غير المنظم في ظل جائحة فيروس كورونا المستجد: استجابات وسياسات دولية)، تم الإشارة إلى أن العاملين في الاقتصاد غير المنظّم هم أكثر الفئات تأثراً بالأزمة الاقتصادية الناتجة عن الجائحة، حيث يعمل الكثير من العاملين في الاقتصاد غير المنظم في الخطوط الأمامية لضمان استمرار الحياة أثناء الوباء، ويتعرضون للمخاطر الصحية، ومع ذلك فهم غالباً ما يكونوا غير مستهدفين للسياسات الاقتصادية والاجتماعية بالرغم من هذه المساهمات القيمة، ويواجه العديد من العاملين في الاقتصاد غير المنظم مشكلة الاختيار بين العمل أو فقدان دخلهم ولذلك فإنهم يضطرون للعمل حتى في حالة المرض من أجل الاستمرار في دفع نفقات طعامهم ونفقاتهم الأساسية، وهذا الأمر لا يعرّض صحتهم للخطر فحسب، بل يقوّض تدابير الصحة العامة الوقائية المتخذة للحد من انتشار الفيروس.

ويواجه العاملون في الاقتصاد غير المنظم أيضاً مخاطر صحية عالية، بما في ذلك أولئك الذين يجب أن يستمروا في العمل، سواء في الأماكن العامة مثل الباعة المتجولين وسائقي سيارات الأجرة، أو في أي مكان آخر مثل العاملين المنزليين، وحتى لو توقفوا عن العمل بسبب الإغلاق، فهناك العديد من العاملين وعائلاتهم في المناطق الحضرية يعيشون أوضاعاً صعبة.

ويشير التقرير إلى أن أزمة فيروس كورونا تتطلب دعماً كافياً وسريعاً للعاملين في الاقتصاد غير المنظم وأسرهم لا سيّما النساء والأطفال الذين يواجهون أكبر مخاطر الصعوبات الاقتصادية. 

وأنه على الرغم من أن العديد من الدول قد وضعت تدابير واسعة لدعم الدخل ممولة من الإيرادات الحكومية العامة كسياسات استجابة لفيروس كورونا المستجد، إلا أن الدول التي لديها خطط حماية اجتماعية سواء أكانت قائمة على الاشتراكات أو غير قائمة على الاشتراكات كانت مجهّزة بشكل أفضل لتسهيل البدء السريع والفعال في الاستجابة، وذلك بفضل الآليات الإدارية والتنفيذية القائمة، حيث سمح ذلك بتوجيه دعم الدخل للعاملين المتضررين في الاقتصاد غير المنظم وأسرهم ممن هم بأمسّ الحاجة إليه من خلال البرامج والخطط القائمة مثل الرواتب التقاعدية واستحقاقات الأطفال أو الأسرة وخطط حماية الصحة الاجتماعية وبرامج المساعدة الاجتماعية. 

كما قامت الدول بزيادة المزايا ودفع التعويضات وتخفيف شروط الأهلية ومد نطاق الشمول لتشمل أولئك الذين كانوا مستبعدين في السابق، ومن الأمثلة على ذلك: أن تايلند زادت من كفاية ومدة استحقاقات التعطل التي يقدمها الضمان الاجتماعي بما في ذلك للعاملين لحسابهم الخاص المشمولين بالمادة (40) من قانون الضمان الاجتماعي، كما قامت المغرب بتقديم إعانة شهرية للعاملين في الاقتصاد غير المنظم من برنامج المساعدة الطبية (RAMED)، وذلك بناءً على حجم الأسرة، بالإضافة إلى تقديم دعم الدخل للعاملين في الاقتصاد غير المنظم الذين ليس لديهم بطاقة (RAMED) الصحية.

 أما جزر البهاما فقد قدّمت استحقاقات التعطل إلى العاملين في الاقتصاد غير المنظم الذين يشاركون في تنمية المهارات والتدريب. 

وقامت الأرجنتين بتقديم إعانة نقدية لمرة واحدة للعاملين المنزليين وللعاملين لحسابهم الخاص من خلال قنوات مؤسسة الضمان الاجتماعي الوطنية المسؤولة عن تقديم استحقاقات الأسر. 

كما قدّمت البيرو وكوستاريكا إعانة نقدية طارئة للعاملين لحسابهم الخاص الذين فقدوا وظائفهم او الذين يعملون بعدد ساعات عمل مخفّضة، والغالبية العظمى من هذا الدعم والمساعدات قُدّمت بتمويل من خزائن الدول وليس من أموال صناديق التقاعد والضمان الاجتماعي.

تجارب فريدة ناجحة حافظت على خصوصية وحصانة أموال الضمان وكان يجب أن تُحتذَى من قِبَلنا.

 فما جرى لدينا في الأردن من ميل واعتماد على مؤسسة الضمان وإفراط في الإنفاق من أموالها خلال الجائحة يصعب فهمه ولا يمكن قبوله.!