مسلسل "النزوة".. استنساخ الدراما الأجنبية يتواصل

ملل وتطويل ومحتوى جريء لدرجة استفزازية، كانت تلك بعض الانتقادات التي وجهها النقاد والمشاهدون لصانعي مسلسل "النزوة" الذي يُعرض حاليا على منصة "شاهد" وينتظر متابعوه عرض الحلقات النهائية خلال أيام.

ومع ذلك، استطاع المسلسل أن يشغل المرتبة الأولى ضمن الأعمال العشرة الأكثر مشاهدة على المنصة في مصر، خاصة بعد طرح المطربة السورية، لينا شاماميان، تتر المسلسل الذي شَدَت فيه بصوتها (يا غصن شايل) على قناتها الرسمية على يوتيوب وجميع صفحات التواصل الاجتماعي الرسمية الخاصة بها.

 

 

مآخذ على مسلسل "النزوة"

مسلسل "النزوة" عمل درامي قصير من 15 حلقة، بطولة خالد النبوي، وعائشة بن أحمد، وعمر الشناوي، وسالي شاهين، ومراد مكرم، وعمرو صالح، ومن إخراج أمير رمسيس.

العمل مُقتبس عن المسلسل الأميركي "العلاقة" (The Affair) الذي استمر على مدار 5 مواسم بداية من 2014 وحتى 2019. وتناول جريمة قتل يُتّهم بها أكثر من طرف، وخلال التحقيقات نتعرّف على الحبكة بأثر رجعي.

إذ نشهد علاقة شائكة تنشأ بالصدفة بين شخص وامرأة ناضجين، يترتّب عليها الكثير من التعقيدات التي تطال الجميع. وهو ما يستعرضه العمل مُسلطا الضوء على قصص الحب وما يجري بها إذا ما أصاب أحد طرفيها الفتور، أو حدث بين الزوجين صدع من الصعب تجاوزه.

حقق المسلسل الأصلي "ذا آفير" (The Affair) نجاحا ملحوظا حتى أنه فاز بـ 3 جوائز "غولدن غلوب" (أفضل مسلسل وأفضل ممثلة وأفضل ممثلة مساعدة) وترشّح لجائزة "إيمي" كما منحه الجمهور تقييما بلغ 7.9 على موقع "آي إم دي بي" (IMDb) الفني.

محتوى مُخالف للعادات

هل كان ذلك كافيا لاستنساخ هذا العمل بالدراما العربية؟ وفقا لآراء المتابعين، الإجابة هي لا، فتلك النوعية من الدراما رُبما تناسب المجتمع الأميركي، بمحتواها الجريء، لكنها تُخالف عادات المجتمع العربي الذي لا يستطيع التسامُح مع حبكة قائمة بأكملها على فكرة الخيانة بين رجل وامرأة كلاهما متزوجان ولا يشعران بالذنب من فداحة ما يرتكبانه بحق شريك الحياة.

 

 

 

تكرار بلا هدف

ومع أن مسلسل "النزوة" حظي ببداية شائقة ودراما مثيرة، لكنه سرعان ما وقع في فخ المط الكثير جدا لدرجة الملل لاعتماد السرد الدرامي على حَكي أحداث كل حلقة من زاويتين، الأولى تخص البطل والثانية للبطلة.

الغريب أن فرق الأحداث بين وجهتي النظر يكاد لا يُذكر أو على الأقل لا يتجاوز تماما بعض التفاصيل الهامشية غير المؤثرة بالأحداث، مما يجعل التقنية المستخدمة غير مُجدية أو ضرورية، على عكس المسلسل الأجنبي الذي جاءت فيه الفروقات بين الروايتين ثرية ومؤثرة دراميا.

كانت تلك السقطة الفنية الأولى التي خيّبت أمل المشاهدين وأفقدتهم شغفهم بما يشاهدون، وإن كانت تلك الطريقة بالسرد غير تقليدية وتعكس حقيقة مهمة تُفيد بأن لكل فرد طريقته الخاصة برؤية ما يدور حوله، والتفاصيل التي يختار أن تعلق بذاكرته وكيف يُترجم ما خلفها، حتى ولو كان الجميع يعايشون الموقف نفسه بذات اللحظة.

 

 

بين الإفلاس والقص واللصق

أما عن مستوى التمثيل في العمل، فقد أجاد النجم المصري خالد النبوي دوره -بحدود- فهو لم يترك العنان لنفسه خلال الأداء، ولكن عابه تشابه سمات شخصيته مع الأدوار التي قدمها بالدراما مؤخرا، آخرها مسلسل "راجعين يا هوى" الذي عُرض في رمضان الماضي، حيث الرجل التلقائي، صاحب الكاريزما، الشهم، والمُحب للبساطة دون تكلُّف.

في حين أخفقت الممثلة التونسية عائشة بن أحمد بدورها، رغم أنه أكثر أدوار العمل تعقيدا وثقلا، نظرا لتمتعه بعدة أبعاد ومستويات إنسانية كان من الممكن أن تستغلها لإظهار موهبتها.

على مستوى الإخراج والتصوير، جاء العمل فقيرا أيضا رغم أن الأماكن التي تجري بها الأحداث جذابة للعين وغنية بالتفاصيل. كما جاء مُفلسا على مستوى الموسيقى التصويرية، حيث قام المُوسِيقي تامر كروان باستنساخ موسيقاه التي سبق وقدمها خلال التحفة الدرامية "ذات" عام 2013.

 

هل تفشل النهاية أيضا؟

جدير بالذكر أن المسلسل الأميركي الأصلي مُكوّن من عدة مواسم، وبالتالي فنحن لا نعرف حتى الآن إذا ما كانت نسخته العربية ستحذو حذو نظيرتها الأجنبية أم أن صانعيه قرروا إنهاء القصة خلال موسم واحد؟ وهو على الأغلب الحل الأقل احتمالا لأن عدد الحلقات المتبقية قليل، والأحداث أكثر شبها بما آل إليه الموسم الأول فقط في مسلسل (The Affair).

الأمر الذي يُعتبر ميزة وعيبا، ميزة لأنه سيصبح أمام أصحاب العمل محاولة التحسين من جودته وتلافي سلبياته الموسم الثاني، وعيبا لأنه ورغم استغراق مخرجه عاما كاملا لتنفيذه، خرج بهذا المستوى الفني المتواضع، مما يجعله لا يستحق فرصة جديدة من شأنها أن تمتد على مدار 4 مواسم قادمة.

تماس مع الواقع يثير رعب المصريات

رغم كل ما سبق ذكره، مازال يحق لمن أحب العمل الاستمرار بمتابعته وترشيحه لآخرين، فهناك من يهتمون بالقصة أو ظهور نجومهم المفضلين على الشاشة ولو على حساب العيوب الفنية.

وبعيدا عن السلبيات وردود الأفعال المتفاوتة تجاه العمل، استطاع المسلسل إثارة حالة من الجدل -وجب التركيز عليها ومناقشتها بجدية- بسبب رد فعل البطل/الأب بعد علمه بفساد ابنته المراهقة، إذ حاول هو والأم علاج الموقف بحكمة دون إلحاق أي أذى بالابنة، إذ بدت المشكلة أنها ليس لكون ابنتهما تورطت، بقدر ما كانت أزمتهم في كونها مراهقة صغيرة!

فلماذا لا يهتم صانعو الدراما بتقديم محتوى عن فكرة أصيلة ومعاصرة، والأهم مصيرية كتلك عوضا عما يقومون به من اقتباسات ساذجة؟

المصدر:الجزيرة+مواقع التواصل الاجتماعي