"جماعات الهيكل" تواصل حشدها.. مواصلات مجانية لزيادة مقتحمي الأقصى بـ"الحانوكا"

شرعت "جماعات الهيكل" المزعوم بالترويج لحملات النقل المجاني لمقتحمي المسجد الأقصى المبارك، خلال ما يسمى "عيد الأنوار/الحانوكا" التهويدي، الذي يبدأ في 18 كانون أول/ ديسمبر الجاري.

وتواصل الجماعات المتطرفة حشد أنصارها من المستوطنين لتنفيذ اقتحامات واسعة ومركزية للمسجد الأقصى خلال العيد اليهودي، والذي يستمر لمدة ثمانية أيام، وسط محاولات لإشعال شمعدان "الحانوكا" داخل المسجد.

وتطلع تلك الجماعات إلى نقل طقوس إشعال الشمعدان للأقصى في أقرب وقت ممكن، إذ يحمل هذا العيد التوراتي معنىً مختلفًا بوصفه يستذكر "تدشين المعبد الثاني" المزعوم، وبالتالي يستحضر أوهام "تدشين المعبد الثالث" مكان المسجد، وهو الهدف الإجمالي الذي يعمل لتحقيقه اليمين الإسرائيلي بمختلف مكوناته.

تغيير الواقع

المختص في شؤون القدس ناصر الهدمي يتوقع أن تمر مدينة القدس، وفلسطين خلال الفترة المقبلة بمرحلة يمكن تسميتها بالانتقالية، تحاول فيها حكومة الاحتلال الجديدة بكل ما تضم من أحزاب عنصرية وشخصيات متطرفة، فرض أجندتها الجديدة عبر مزيد من التطرف والاعتداء على المسجد الأقصى وتدنيسه، وربما الإجرام بحق الشعب الفلسطيني.

ويقول الهدمي في حديث لوكالة "ًصفا": إن "هذه المرحلة تريدها حكومة الاحتلال حتى ترى ردة فعل الشعب الفلسطيني على هذا الإجرام والاعتداء على المسجد الأقصى، والثمن الباهظ الذي ستدفعه فيما لو أقدمت على ذلك، لكن هي ستضطر للقيام بذلك، لتلبية رغبات الناخبين الإسرائيليين".

ويشير إلى أن نسبة الناخبين المتطرفين في المجتمع الإسرائيلي في ازدياد مستمر، وهذا ما شاهدنا في آخر استطلاع أظهر أن" ما نسبته 55% من المجتمع الإسرائيلي تُؤيد قتل الفلسطيني الذي نفذ عملية وتم تحييده حتى لو لم يُشكل خطرًا على جنود الاحتلال".

و"هذا ما يُعبر على مدى الوحشية التي يتصف بها المجتمع الإسرائيلي، والتطرف والحقد الشديدين اتجاه الشعب الفلسطيني، لذلك سلطات الاحتلال تسابق الزمن اليوم من أجل تغيير الواقع في المسجد الأقصى".

ويلفت إلى أن "الموسم الأخير من الأعياد اليهودية في مدينة القدس فشل في تحقيق أهدافه بشأن الأقصى، إذا ما قورن بالخطوات الدراماتيكية التي نفذتها سلطات الاحتلال خلال الأعياد السابقة، كما فشلت جماعات الهيكل في تنفيذ وعوداتها بتنظيم طوفان من الاقتحامات، وإحداث تغيير جذري في الأقصى".

تصعيد غير مسبوق

لذلك يرى أن "إيتمار بن غفير توعد بتغيير الواقع القائم في الأقصى، وهذا ما نتوقعه، لكنه لن ينجح في ذلك، نتيجة لما نشاهده اليوم في الضفة الغربية من حالة غليان تسود الشارع الفلسطيني، ونحن على أعتاب انفجار كبير، سيؤدي لفقدان سلطات الاحتلال كثير من الواقع الذي صنعته خلال سنوات أوسلو".

ويضيف "نحن على أعتاب موجة تصعيد وعدوان خطير وغير مسبوق على المسجد الأقصى، لكنه لن يستمر كثيرًا، ولن يُغير الواقع في المسجد المبارك، الذي يشكل بؤرة الصراع ومفجر الثورة".

ويؤكد أن الضفة الغربية على أُهبة الاستعداد، و "هي في حالة واضح جدًا أنها قادمة نحو الانفجار، مما سيؤدي إلى منع الاحتلال من تنفيذ تهديداته بحق الأقصى".

وأما المختص في شؤون القدس زياد إبحيص فيرى أن "عيد الحانوكا يكتسب بعدين مركبين، كونه استعراضًا للتفوق القومي اليهودي على العدو، وارتباطه بالمسجد الأقصى الذي يستهدفه اليمين الصهيوني اليوم بأجندة إحلال ديني تتطلع لإزالته من الوجود، ولتأسيس المعبد الثالث المزعوم مكانه وعلى كامل مساحته".

ومنذ عام 2017، نقلت "جماعات المعبد" المتطرفة احتفالاتها في هذا العيد العبري من ساحة البراق إلى ساحة الغزالي أمام باب الأسباط، وباتت تشعل الشمعدان ملاصقًا لباب الأسباط في كل ليلة، متطلعة إلى يوم قريب تتمكن فيه من فرض إشعال الشمعدان داخل المسجد الأقصى بأي شكلٍ من الأشكال، وفق إبحيص.

ويوضح أن تلك الجماعات باتت تنتشر في رقصاتها واحتفالاتها الليلية على جميع أبواب المسجد ليلًا، كما حاول أعضاؤها في عام 2021، أن يشعلوا مجسمًا تعويضيًا للشمعدان في داخل الأقصى، وهو ما يتوقع أن يتكرر ويتصاعد هذا العام.

مواجهة شاملة

ويضيف أن هذا التصعيد في العدوان على الأقصى هذا العام يمكن أن يتجاوز كل الحدود السابقة، مستفيدًا من تطورين مهمين لصالحها في الشهور الماضية:

الأول: التكتيك الذي طورته "جماعات المعبد" في العام الماضي باستباق كل اقتحام مركزي باجتماعٍ مع قيادة شرطة الاحتلال بمختلف مستوياتها للمطالبة بتوسيع مساحة عدوان المستوطنين المقتحمين خلال الاقتحام.

وتابع إبحيص أن "هذا ما كان يُثمر احتضانًا أكبر من شرطة الاحتلال لهؤلاء المقتحمين، وغضًا للطرف عن اعتداءات تعلن رسميًا أنها ترفضها إلا أنها تتعاون ضمنيًا في تمريرها مثل نفخ البوق في الأقصى، وإدخال ثمار العرش إليه".

والتطور الثاني-وفقًا لإبحيص- الاتفاق الذي سيُعين بموجبه إيتمار بن غفير وزيرًا لـ"الأمن القومي" الإسرائيلي بصلاحيات موسعة، في مقدمتها إشرافه على قواعد اقتحام المسجد الأقصى، وقد قادت زوجته الأربعاء الماضي، الاجتماع التحضيري لعدوان "الأنوار العبري" مع شرطة الاحتلال.

وتشير إعلانات "جماعات المعبد" إلى تعهدات غير مسبوقة من شرطة الاحتلال بزيادة أعداد المقتحمين ومدة الاقتحام، ومنح حرية التجول وأداء الطقوس للمقتحمين طوال مدة اقتحامهم للأقصى.

ويرى إبحيص أن العدوان الإسرائيلي على المسجد الأقصى متصاعد وماضٍ إلى سقوف غير مسبوقة، باحتضانٍ وتبنٍّ رسمي إسرائيلي غير مسبوق، ما يجعل كل عيد ديني أو قيمي يتحول إلى موسم عدوان وتصعيد، وهو ما يجعل المواجهة الشاملة انطلاقًا من الأقصى أمرًا لا مفر منه.