عمار مفلح.. قصة الكف الذي لاطم المخرز

بدم بارد وعلى مرأى العالم أقدم جندي إسرائيلي على إعدام الشاب عمار حمدي مفلح (23 عامًا) في جريمة وثقتها الكاميرات وشاهدها الملايين بكل تفاصيلها وبكل ما فيها من إجرام إسرائيلي وشجاعة فلسطينية.

واستشهد عمار وهو يدافع عن كرامته وكرامة شعبه التي حاول مستوطن وجندي محتل سلبها.

مساء الجمعة توجه مفلح الذي يسكن بلدة أوصرين جنوب نابلس، إلى بلدة حوارة لإحضار الدواء لوالده المريض، لكنه لم يعد بالدواء، بل سبقه نعيه وظل جسده محتجزا لدى الاحتلال.

شهود عيان أكدوا أنه وأثناء قطعه الشارع في حوارة، تعرض لمحاولة دهس من مستوطن، وعلى إثرها، وقع شجار بينه وبين المستوطن الذي أكمل اعتداءه بإطلاق النار عليه وأصابه بكتفه.

وهنا وصل أحد جنود الاحتلال وأمسك برأس عمار بقوة محاولاُ اعتقاله واقتياده للجيب العسكري، فيما حاول بعض المواطنين تخليصه من أيدي الجندي.

استطاع عمار أن يحرر رأسه من قبضة الجندي وأخذ يلطم بكفّه رأس ذلك الجندي ووجهه، وتمكن من إسقاط بندقيته التي حاول الاعتداء عليه بها، فاستل الجندي مسدسه وأعدم عمار ميدانيا ومن مسافة الصفر.

حمدي مفلح، والد الشهيد عمار، كان يبكي بحرقة وهو يتساءل عن "الجُرم" الذي ارتكبه ابنه بالدفاع عن نفسه ليتم إعدامه ميدانيًا.

وقال لوكالة "صفا": "عمار كان يدافع عن نفسه، وبدلاً من معاقبة المستوطن المعتدي تم إطلاق النار على ابني وقتله".

وبقدر الألم الذي تركه مشهد إعدام عمار، إلا أن مقاومته للجندي كانت مبعثًا للفخر لعائلته وللشعب الفلسطيني.

ويضيف والده: "أرفع رأسي عاليًا وافتخر بابني، فما كان له أن يقبل باعتقاله بطريقة مذلة، وقاوم بكل ما أوتي من قوة".

ولم تكن شجاعته في واجهة المستوطن والجندي مفاجئة لمن يعرفه؛ فهو أسير سابق اعتقل مرتان أولاهما بعمر ثلاثة عشر عامًا، وكان أصغر أسير من نابلس، وأمضى عامين.

كما كان دائم الحضور في معركة الدفاع عن جبل العرمة وجبل صبيح ببلدة بيتا، وأصيب عدة مرات بالرصاص الحي والمطاطي خلال المواجهات مع الاحتلال عند مدخل البلدة.

كما يعرفه أهالي حوارة بأنه أحد الشبان الذين نشطوا في الشهور الماضية برفع الأعلام الفلسطينية على أعمدة الكهرباء في الشارع الرئيس متحديا المستوطنين وجنود الاحتلال.

وهو شقيق الأسير سامر مفلح المعتقل منذ عام 2020، وهو محكوم بالسّجن لمدة ثلاث سنوات وشارف على إنهاء مدة اعتقاله.

وبتصفح حسابه الخاص على فيسبوك لا يخفى تأثره بالشهداء من خلال عشرات المنشورات التي يتغنى فيها بالمقاومة، وصوره وهو يقرأ الفاتحة عند أضرحة شهداء عرين الأسود.

وبكلمات مخنوقة بالدموع، قالت والدته: "عمار نور عيني.. هو المميز بين أولادي، بقدرش أعيش بدونه".

وكشفت عن عشقه للشهادة وتمنيه لها منذ سنوات، مبينة أنه ومنذ استشهاد صديقه جمال دويكات وهو لا يفوّت فرصة لمواجهة الاحتلال.

وعبرت عن افتخارها بشجاعة ابنها، قائلة "عمار صاحب شخصية قوية، وهم حاولوا استفزازه فدافع عن نفسه واستشهد".

وتؤكد أن الاحتلال يمارس إجرامه كل يوم ولا يحتاج لمبرر ليقتل الإنسان الفلسطيني.