ارتفاع مديونيات الأردنيين وسط تراجع مستويات المعيشة

واصلت مديونية الأفراد لدى البنوك في الأردن ارتفاعها بنهاية العام الماضي، لتصل إلى 11.8 مليار دينار (16.64 مليار دولار) مقابل 10.9 مليارات دينار في نهاية 2020، بزيادة بلغت نسبتها 8.6%، الأمر الذي أرجعه محللون ماليون إلى تراجع مستويات المعيشة وعدم قدرة الكثيرين على توفير الاحتياجات الأساسية، فضلاً عن تراكم تداعيات جائحة كورونا.

وأظهرت بيانات صادرة عن البنك المركزي  ، أنّ عدد المقترضين الأفراد من البنوك بلغ حوالى 1.22 مليون مقترض في 2021 مقابل 1.17 مليون مقترض في العام السابق عليه، بزيادة 4.3%.

وأشار "المركزي" إلى أنّ مديونية الأفراد سجلت ارتفاعاً متوالياً منذ عام 2017، حيث بلغت حينها 9.45 مليارات دينار، لافتاً إلى أن ارتفاع المديونية خلال العامين الماضيين لا يمثل نمواً فعلياً، لكونه ناتجاً من تأجيل البنوك سداد مديونيات العملاء المتضررين من جائحة كورونا وتداعياتها.

وقد رتبت العديد من البنوك رسوماً وفوائد إضافية لقاء تأجيل أقساط عملائها خلال العامين الماضيين بخلاف ما أُعلن لدى اتخاذ قرار تأجيل الأقساط، وفق متعاملين ومحللين ماليين.

وبخصوص توزيع المقترضين حسب النوع الاجتماعي، فقد بلغ عدد المقترضين الذكور حوالى 992 ألف شخص يشكلون ما نسبته 81.6% من إجمالي المقترضين الأفراد، فيما بلغ عدد الإناث حوالى 224 ألف مقترضة يشكلن 18.4%.

ورغم ارتفاع أسعار الفائدة المصرفية في الأردن، تشكل البنوك ملاذاً للمواطنين للاقتراض لتلبية حاجات أساسية في ضوء ارتفاع نسبة الفقر وتآكل الدخول وتدني الرواتب والأجور، يقابلها ارتفاع في الأسعار وكلف المعيشة بشكل عام.

 وقال الخبير في القطاع المالي علاء ديرانية  إنّ ارتفاع مديونية الأفراد يأتي انعكاساً لتراجع مستويات المعيشية وعدم قدرة الأفراد على توفير الاحتياجات الأساسية كالسكن واقتناء السيارات الخاصة والإنفاق على التعليم والجوانب الشخصية. وأضاف ديرانية أنّ ارتفاع أسعار الفائدة لم يحل دون توجه الأفراد للاقتراض، بخاصة في العامين الماضيين اللذين شهدا ظهور وباء كورونا وما نجم عنه من تداعيات على الاقتصاد ومعيشة الأشخاص، ما اضطر كثيرين إلى مزيد من الاقتراض من المصارف وغيرها.

وتابع قائلاً إنّ مختلف القطاعات التجارية تعاني أيضاً من ارتفاع أسعار الفائدة وغالبية التجار يعتمدون على التسهيلات الائتمانية لتسيير أعمالهم، مشيراً إلى الأعباء التي لحقت بهم بسبب الوباء وكذلك ارتفاع أجور الشحن عالمياً.

ويأتي تقرير البنك المركزي المتضمن المتغيرات التي طرأت على مديونية الأفراد العام الماضي بالتزامن مع تجدد المطالبات بتمديد قرار منع حبس المدين الذي يفترض أن ينتهي العمل به نهاية ديسمبر/ كانون الأول الجاري، حيث اتخذته الحكومة خلال جائحة كورونا لتخفيف الأعباء عن كاهل المقترضين والحد من الآثار السلبية التي نتجت من الوباء.

وأجرت الحكومة تعديلات على قانون التنفيذ القضائي جرى بموجبها التوسع في حالات عدم الحبس، خاصة المدين الذي تقلّ ديونه عن 5 آلاف دينار.

وتجاوز عدد المطلوبين للقضاء في حالات تعثر مالي 153 ألفاً حتى ديسمبر/ كانون الجاري الحالي، وفق البيانات الرسمية، بينما هناك أعداد كبيرة لم يجرِ حصرها، خاصة الذين تقل ديونهم عن 5 آلاف دينار والمتعلقة بمطالبات بدل الإيجار والقضايا العمالية.

وبحسب محللين ماليين، فإن إجمالي مديونية الأفراد أعلى بكثير من المترتبة للبنوك، فهناك ديون أخرى لمحلات تجارية ومنشآت مختلفة وقروض بصفة شخصية من الغير.

وبالنسبة إلى توزيع الأفراد حسب أسعار الفائدة الثابتة أو المتغيرة، فقد بلغ عدد الأفراد المقترضين من البنوك على أساس أسعار فائدة ثابتة 763 ألف مقترض يشكلون ما نسبته 61.7% من إجمالي عدد المقترضين، فيما بلغ عدد الأفراد المقترضين من البنوك على أساس أسعار فائدة متغيرة 473 ألف مقترض يشكلون ما نسبته 38.3%.

 
وتعتبر نسبة العبء الشهري لمديونية الأفراد إلى دخلهم، التي تقاس بقيمة الأقساط والفوائد الشهرية التي يدفعها المقترض نسبة إلى دخله الشهري المنتظم من أهم النسب التي تقيس مخاطر مديونية الأفراد على البنوك وعلى الأفراد أنفسهم، حيث إن لارتفاع هذه النسبة أثاراً سلبية على الاستقرار المالي والاقتصادي، وتؤدي إلى تراجع قدرة الأفراد على السداد، ما يزيد من حالات التعثر. كذلك إن ارتفاع النسبة يضعف قدرة الأفراد على الإنفاق والاستهلاك، ما يؤثر سلباً بالنمو الاقتصادي.

ووفق البنك المركزي، بلغت نسبة العبء الشهري لمديونية الأفراد عام 2021 45.1%، بسبب انخفاض دخل الأفراد إثر تداعيات كورونا.

ودعا "المركزي" البنوك التي ترتفع النسبة لديها عن 50% لإعادة النظر بهذه النسبة لتقليل أي مخاطر قد تنتج من استمرار ارتفاع مديونية الأفراد.

وبحسب البيانات، فإن أكبر حصة من الديون تعود إلى القروض السكنية التي شكلت حوالى 39.9% من قروض الأفراد في نهاية العام الماضي، مقابل 41.1% في نهاية 2020، تليها السلف الشخصية التي شكلت 35.1% من إجمالي القروض، والقروض الاستهلاكية، ومنها شراء السيارات 13.1%.

وبلغ متوسط الأجر الشهري للأردنيين، وفق البيانات الصادرة عن دائرة الإحصاءات العامة الحكومية 543 ديناراً (765.6 دولار) للعاملين في القطاعين العام والخاص.

وكان البنك الدولي قد قدر في تقرير حديث وصول نسبة من يعيشون تحت خط الفقر المدقع في الأردن إلى 27% خلال 2021، حيث يعيش هؤلاء على أقل من 1.3 دينار يومياً.

ووفقاً لتصنيف البنك الدولي يأتي الأردن من بين 8 اقتصادات نامية في المنطقة التي تظهر فيها بشكل أكبر معدلات الفقر بين السكان هذا العام نتيجة التأثيرات السلبية لكورونا.

(العربي الجديد)