طارق السويدان: الدعاة الجدد فقدوا تأثيرهم على الشباب وبعضهم انهارت مصداقيته بسبب مواقفه

أقر الداعية الإسلامي الدكتور طارق السويدان -الذي حل ضيفا على برنامج "موازين"- بتراجع تأثير الدعاة الجدد على الشباب العربي وانخفاض ثقة الناس في بعضهم بشكل كبير، وذلك بسبب مواقفهم المؤيدة للأنظمة العربية.

وقال إن انتشار وتأثير الدعاة الجدد -وهي ظاهرة برزت أواخر تسعينيات القرن الماضي- كان واسعا وكبيرا قبل حوالي 15 عامًا، لأن الإعلام كان مفتوحا لهم، لكن خلال السنوات الأخيرة حصل التضييق عليهم من طرف الأنظمة الحاكمة التي أصبحت تخشى من أي توعية سياسية وفكرية وحضارية، رغم أن الدعاة الجدد لا يهدفون إلى إحداث الانقلاب على هذه الأنظمة.

وبالإضافة إلى تراجع تأثيرهم، فقد انخفضت ثقة الناس في بعض الدعاة الجدد إلى الحضيض، وفقدوا مصداقيتهم بعد أن أظهروا مواقفهم الحقيقية. في حين أن بعض الدعاة ارتفعت ثقة الناس بهم، حسب ما أضاف السويدان الذي خلص إلى أن من اصطف مع الأنظمة الدكتاتورية هو مَن فقد مصداقيته.

ووفق الداعية الإسلامي، فقد أسهم بعض الدعاة الجدد في صناعة الربيع العربي، ويقول إنه شخصيا كان يتحدث كثيرا عن الحرية والتغيير وعن دور القيادة الجيدة والقيادة السيئة وغيرها، وإن مواقفه ظلت ثابتة قبل وأثناء وبعد الانتفاضات العربية، وكان خياره دوما هو خيار الوقوف مع الشعوب لا مع الأنظمة، وإنه ضد 5 أشياء: ضد الاستبداد السياسي، وضد الفساد المالي، وضد شيوخ السلاطين الذين يؤصّلون للدكتاتورية، وضد أي تدخل أجنبي في بلاد العرب والمسلمين، وإنه عدو لدود للصهيونية.

وشدد السويدان على أن الدعاة الجدد لم يغيّروا مواقفهم من الثورات العربية، ومن كان معها فقد بقي كذلك، ومن كان مع الأنظمة فقد بقي مصطفا إلى جانبها، ومن ليس له وضوح في القيم، اختلت مواقفه وكانت له رِجل هنا ورِجل هناك.

وجاء في تقرير بثه برنامج "موازين" أن بعض الدعاة الجدد ساروا مع موجة الربيع العربي في أوج ذروتها ثم انقلبوا متنكرين لمواقف سابقة لهم. فمثلا عمرو خالد تفاعل مع ثورة الشباب بكل حماس وساندها، منتقدا نظام الرئيس الأسبق حسني مبارك، لكنه تخلى عن كل مواقفه السابقة. وطارق السويدان نفسه كان قد أعلن دعمه للثورات العربية ثم تراجع، متحدثا عن نكسة الربيع العربي بأنه يعارض الثورات العربية لأنها تؤدي إلى الخراب والتدمير، وكذلك الأمر بالنسبة لمعز مسعود ومصطفى حسني، حيث دعما الثورات ثم تراجعا عن موقفيهما. بينما حافظ الداعية علي الجفري على مواقفه الداعمة للأنظمة منذ البداية.

الدعاة التقليديون يفتقدون لفن الإلقاء
وحول علاقة هؤلاء الدعاة بالأنظمة، أوضح الباحث في شؤون الحركات الإسلامية، هشام جعفر في مداخلته لبرنامج "موازين" أن ظاهرة الدعاة الجدد عانت من ما أطلق عليها حالات التسيّس المبكر، رغم أنها كانت تبدو ظاهرة منزوعة السياسة، مؤكدا أن الانتفاضات العربية أظهرت المستور في هذه الظاهرة، حيث انخرط رموز ودعاة في العمل السياسي بشكل مباشر أو غير مباشر، وأصبحوا جزءا من الاستقطابات والصراعات السياسية. والأخطر في الأمر كان في مدى قدرة هؤلاء الدعاة على التعبير على القيم التي أظهرتها الانتفاضات العربية مثل قيمة الحرية والعدالة والحضور النسائي الطاغي.

ورفض الداعية الإسلامي أن تكون ظاهرة الدعاة الجدد التي هو جزء منها قد وظفت من طرف الأنظمة العربية، وتحدث عن نفسه قائلا إنه لم تكن هناك أي اتفاقات بينه وبين أي حكومات لا عربية ولا أجنبية، ولم يمارس دوره عبر منابر الأنظمة، وحتى الطرح الذي يقدمه هو نابع من اهتمامات الشعوب والمجتمعات العربية والإسلامية.

ونفس الرأي أبداه الباحث في شؤون الحركات الإسلامية في مداخلته بقوله إن الأنظمة سمحت للدعاة الجدد بالنشاط من أجل منع التطرف ومنع تحول حالة هؤلاء الدعاة من التدين لصالح جماعة الإخوان المسلمين، مستبعدا وجود اتفاق واضح ومرسوم بين الطرفين.

وفي سياق آخر، أثنى السويدان على التقنيات التي يستخدمها الدعاة الجدد في مخاطبة والتواصل مع الشباب، وقال إن دورها كان رئيسيا في إقبال الناس، حيث ظهر المصري عمرو خالد بشكل مختلف عن المألوف وكذلك الكويتي محمد العوضي وغيرهما، وكانوا يتميزون في فن الإلقاء. في حين أن الدعاة والعلماء التقليديين يفتقدون لفن الإلقاء وشكلهم غير محبب للناس، ولا يراعون تغيرات الحياة، بالإضافة إلى أن بعضهم منبطحون مع الأنظمة، بدليل أنه بعد حدوث الردة على الربيع العربي اصطف هؤلاء مع الطغاة، حسب قول الداعية الإسلامي.

يذكر أن السويدان هو أيضا مؤسس مشروع التغيير الحضاري ومدرب محترف في مجالات الإدارة والقيادة، ورئيس مجلس إدارة مجموعة شركات الإبداع.

المصدر : الجزيرة