تصالح المحتجون مع الوطن فالدم لا يساوي الكاز


ستُطاردك كُل المرات التي كان عليك أن تصمت فيها وتكلمت.― تولستوي… اكتب في الشأن العام وفي التعليم… وفي ما مر من أيام عصيبة… اجتاحني مشهد الوطن… بين مواطن يخرج ليعبر عن ضيقه وحاله… وبين حكومة لا تعرف إلا جيبه لتصلح الميزانية...وبين نواب يتسامرون على أوجاع الوطن… وبين من قلبه على الوطن وبين من قلب الوطن عليه… وبين أحزاب عتيقة وجديدة لا تتقن إلا فن البيانات الإنشائية العرمرمية… وبين جهات داخلية وخارجية تتربص بالوطن سوءاً… وبين مسحج متعامي عن كل ما يدور ليحجز دوراً في يانصيب المناصب والتنفيعات… وبين غاضب… قلبه على الوطن…وبين قابض على عشق الوطن يرقب المشهد من سريره، وتوج المشهد باستشهاد مجموعة من أبناء الوطن منتسبي أجهزتنا الأمنية رحمهم الله، وفي خضم المشهد… تستمع ..تراقب… تتحسر…وتريد أن تكتب وتعبر فلا تعرف من أين تبدأ… خاصة إذا كنت لا تمتهن التسحيج ولا النفاق… وبذات الوقت لا تجيد المدح والردح… وفي ذهنك يحضر الوطن عابقاً مضمخاً بالدم والوجع والدحنون والشيح واالريحان والقيصوم… تريده الأجمل تريده الأبهى رغم عبث العابثين والفاسدين ومؤامرات شرقية وغربية تنهش جسد الوطن…فيصح فينا قول رسولنا صلى الله عليه وسلم(ستأتى فتن على امتي كقطع الليل المظلم يصبح الحليم فيها حيران فيصبح فيها الرجل مؤمنا و يمسى كافرا ويصبح الرجل كافرا ويمسى مؤمنا يبيع دينه بعرض من الدنيا)....!.

الأردنيون طيبون… مثقفون… عاطفيون… كرماء… فيهم من الصفات الحسنة الكثير الكثير بشهادة الغريب والقريب ..وبذات الوقت غيرت بعضهم الدنيا… فأصبحوا عبادً لفسادهم ومصلحتهم…وهم مسؤولون ومواطنون… فالفساد ليس وسماً للحكومات فقط….!

المقولة لتلستوي التي تصدرت ما أكتب…تنازع الكاتب ذاته، هي او عكسها… فإذا تكلمت ونقدت… ستوصم بالمعارضة وعدم الموالاة… وقد يمتد الإتهام للتحريض… وإذا صمتت ولم تقل ما يجب أن يقال… فيلاحقك وخز الضمير… وفوق هذا وذاك… سيقول لك البعض ما حد بيقرأ… (طبل عن طرمان)....هذا الصباح استجمعت قلمي… وأردت أن أوصل رسالة لكل الغرماء في الوطن… تصالحوا مع الوطن… كيف؟
الحكومة؛ ستقنعوا الجميع إذا بدأتم بأنفسكم… لا يصح أن تطلب من الناس الصبر على الجوع وأنت متخم بالمناسف وما لذ وطاب، مستوى البذخ الحكومي لا يتناسب مع وضعنا الإقتصادي، الفساد والتعيينات بالواسطة والمحسوبية والرواتب الفلكية( ماركة جنرال متورز ..والشركات العالمية والأمريكية ما بتزبط عندنا) والتي يراها المواطن كل ذات منصب، لتنتزع الثقة بين المواطن والحكومة، الضرائب وجيب المواطن (المهترئ والمشقق) ليس الطريق الصحيح لبناء الميزانيات… بعيدا عن نظرية المؤامرة والردح الإعلامي… بضع مشاريع انتاجية وطنية ستصلح الحال… اركنوا لخبراء الإقتصاد الحقيقيين… ولتجارب دول نهضت من العدم وستصبح أموركم سمن على عسل مع الشعب.

الشعب: أعانكم الله… منكم المعدم الذي لا يجد قوت يومه أو لباس اطفاله ومصروفهم… ومنكم من لديه المال الكثير… جمعه بالحلال… والبعض بالحرام… فهلا دفعتم ببعض من مالكم المكدس في البنوك والعقارات والشركات لأهلكم ولوطنكم..! وساعدتم في تحمل المسؤولية..!، نقطة أخرى الكثير منا يعيش حياة إستهلاكية… ونسينا الأرض والزراعة والإنتاج ولو على مستوى العائلة… علينا ان نغير أنماط حياتنا لتتناسب مع وضعنا.

الفسدة: بلدنا مبتلى بمجموعة كبيرة من الفاسدين… مالياً وإدارياً وسياسياً وأخلاقياً… وللأسف بعضهم أو جلهم يتصدر المشهد والقرار…في قطاعنا العام والخاص… ولن اقول الكثير هنا… مسؤولية الدولة والنظام أن تحد من وجودهم بالإصلاح والعقاب إن أمكن أو التحييد والإخفاء إن لزم…واسترجاع كل ما أخذ بغير حق لخزانة الدولة… هم من يضع العصي في العجلة… وينهكون الزرع والضرع ويتسببون بتراجعنا ومعاناتنا ليحافظوا على مكتسباتهم الرديئة.

الخلاصة في اردننا الذي نحب…( حلو أو مر هذا وطني وأنا أهواه) لن يتساوى الدم مع الكاز… ولهذا يؤثر شعبنا الطيب الوطن على ذاته وجوع أولاده… ولو احتج أو أعتصم أو أضرب… يراوده الخجل ذات عنف أو نقطة دم أو صيحة أم شهيد… فيأتي على نفسه ويعود لبيته… يمارس حب الوطن وإنكار الذات… وتجرع كل ضروب قلة الحيلة والطفر وضيق الحال… لأن وعيه الذاتي… يحسبها صح… فيترك حسبة الكاز… ويتشبث بالدم والأمن والوطن… فالوطن أولى أن نتصالح عليه ومن أجله… ولكن على الحكومة أن تقدر ذلك…وتفعل شيئاً ننتظره… فالجمعات المشمشية لا تأتي كل حين… والمتربصين لا يأبهون بالدم والخراب… فهو هدفهم… نريده وطناً يتسع للجميع…وأن نضع (عود زعرور في عين كل حاقد)…حمى الله الأردن.