بثالث أكبر إنفاق عسكري.. اليابان "تستفز" الدب الروسي

 


في تطور يشي برفع منسوب التوتر في شرق آسيا وجنوبها، اتهمت روسيا اليابان، الخميس، بالتخلي عن سياستها السلمية المستمرة منذ عقود والاتجاه نحو "العسكرة الجامحة"، وذلك تعقيبا على خطة دفاعية بقيمة 320 مليار دولار أعلنها رئيس الوزراء، فوميو كيشيدا، الأسبوع الماضي.

وقالت وزارة الخارجية الروسية في بيان: "من الواضح أن طوكيو شرعت في مسار تعزيز قوتها العسكرية بصورة غير مسبوقة، بما في ذلك امتلاك القدرة على توجيه ضربات" .

وذكرت روسيا أن مثل هذا التحرك "سيثير حتما تحديات أمنية جديدة وسيؤدي إلى تصاعد التوتر في منطقة آسيا والمحيط الهادي".

ترحيب أميركي

وكان البيت الأبيض قد رحب بالخطة اليابانية الجديدة، معتبرا أن السياسة الدفاعية الجديدة ستسمح بـ"تعزيز وتحديث" التحالف العسكري بين طوكيو وواشنطن.

في غضون ذلك، ينبه متابعون إلى أن فتح باب اعتماد الميزانيات العسكرية الضخمة حول العالم، سيسهم في تأجيج ملفات وقضايا خلافية كامنة لكنها قابلة للاشتعال في أي لحظة، كما هو حال أرخبيل جزر الكوريل المتنازع عليه بين اليابان وروسي.

وتشير التحذيرات إلى أن دخول دول كاليابان وألمانيا لنادي سباقات التسلح، سيزيد من مساحات التوتر والتأزم بعد نحو 8 عقود من إنتهاء الحرب العالمية الثانية، ونأي البلدين بنفسيهما عن خيارات العسكرة.

ويجادل آخرون بأن من حق اليابان الاحتياط وتعزيز قدراتها الدفاعية والردعية، في ظل استقطابات ومناخات دولية متفجرة، ولا سيما بعد الحرب الروسية الأوكرانية، كما أن خطتها الدفاعية الجديدة تحظى بدعم حلفائها الغربيين وفي مقدمهم الولايات المتحدة.

تأجيج النزاعات

يقول الباحث والخبير الروسي في العلاقات الدولية تيمور دويدار، في حديث مع موقع "سكاي نيوز عربية"، أن روسيا والصين قلقتان منذ سنوات من التصعيد والمزاحمة الأميركيين في شرق آسيا وخاصة في بحر اليابان وبحر الصين الجنوبي، من خلال القوى الحليفة لواشنطن مثل اليابان وكوريا الجنوبية، وهو ما يقود لزعزعة استقرار المنطقة وتأجيج الحساسيات، خاصة في بؤر توتر تقليدية مثل شبه الجزيرة الكورية وفي أرخبيل الكوريل.

وهكذا فالوضع يزداد تعقيدا مع هذا الرفع المهول للميزانية العسكرية اليابانية، لا سيما في ظل عدم وجود معاهدة سلام رسمية بين روسيا واليابان منذ انتهاء الحرب العالمية الثانية، بسبب عقدة الخلاف حول جزر الكوريل، وهي قضية زادت تأزما مع اندلاع الأزمة الأوكرانية.

تسريع التقارب الروسي الصيني

اليابان تعمل الآن على إطلاق سباق تسلح جديد في منطقة شرق آسيا وجنوبها، وهو ما يهدد الأمن القومي الروسي، بحسب مراقبين، وموسكو ستعتبر ما يحدث بمثابة حصار لها شرقا وغربا، وهو ما سيساهم طبعا في تسريع التقارب الروسي الصيني في وجه المحور الأميركي الياباني.

بدوره، قال الخبير العسكري والأمني الدكتور محمد صالح الحربي، في حديث مع موقع "سكاي نيوز عربية"، إن الزيادة الهائلة في الانفاق العسكري لليابان أمر غير مسبوق ومثير للتساؤل، حيث باتت تحتل المرتبة الثالثة عالميا متقدمة بذلك على دول مثل روسيا والهند، "وهكذا فنحن أمام سباقات تسلح مفتوحة وخاصة بين الدول التي لديها قضايا خلافية مزمنة وشائكة فيما بينها، كما هو حال قضية جزر الكوريل والخلاف عليها بين طوكيو وموسكو".

وتابع أن ما يزيد خطورة المشهد هو أن دولا مثل ألمانيا واليابان وبعد هزيمتهما في الحرب العالمية الثانية، بدأتا مجددا باعتماد ميزانيات عسكرية ضخمة، وهو مؤشر على استحضار أجواء تصارع القوى العالمية وتنابذها قبل تلك الحرب، التي يتخوف كثيرون من أن ما نشهده من تأزم في العلاقات الدولية ومن صراع روسي غربي وتوتر صيني أميركي، سيضع العالم على عتبة خطر اندلاع حرب عالمية ثالثة".

أبرز ملامح الخطة اليابانية

ستضاعف خطة كيشيدا نفقات الدفاع لنحو 2 بالمئة من الناتج المحلي الإجمالي على مدار 5 سنوات، وستجعل اليابان صاحبة أكبر ثالث إنفاق عسكري في العالم بعد الولايات المتحدة والصين .

تصف الخطة الصين بالتحدي الاستراتيجي الأكبر وغير المسبوق، علاوة على وصف روسيا بكونها مصدر قلق للأمن القومي الياباني، لا سيما في ظل حربها بأوكرانيا .

تعطي التعديلات الجديدة على الاستراتيجية الدفاعية، الحق للقوات اليابانية بشن "ضربات مضادة" على دول تعتبرها معادية، حسب شروط وهي :

- تهديد حتمي لليابان أو لدولة صديقة يقود لتهديد قطعي لليابان.
- عدم وجود وسيلة أخرى لتفادي الضربات التي تعتبر معادية.
- أن يكون الرد بالحد الأدنى المتاح.

وطالما ألقى نزاع عالق بشأن مجموعة جزر في المحيط الهادي استولت عليها قوات سوفيتية من اليابان بنهاية الحرب العالمية الثانية، بظلال بارزة على العلاقات بين طوكيو وموسكو.

وشهدت العلاقات المزيد من التدهور منذ اندلاع حرب أوكرانيا في فبراير الماضي، وما أعقبها من انضمام اليابان لشركائها في مجموعة السبع في فرض عقوبات ضد روسيا.


(سكاي نيوز عربية)