أنا النرجسي..
أنا الذي وقع في غرام بلادٍ لم يراها.. يعيش مرارها ببؤسِ.. ويتمنى لو لم يأتي الأمس.. ليمضي العمر معكوسا.. لو كنتُ مولودا بالغد.. لكان لي نصيب أن أدفن بها اليوم.. ثم احيى بشغف من قام بمجده.. يعزف تراتيل الحياة..
أنا من حظي بالغوص في أرض الرماد.. من رسموا على جدرانهم بالكلمات.. فأغرق في تفاصيل الهذيان؛ من ينقذني من ضجيج نفسي؟
أهرب الى المجهول.. لأسطر خطوطا لمن سيتبعوني في متاهة الحياة.. فأكون دربا ودليلا يحظى ببعض الاهتمام..
أنا من تعرى بالمنسي على ألواح الطين والفخار.. من لا يزال يبحث عن صراع خفي به جروح معاركه بالنسيان.. فيركض خوفا من المواجهة.. يندفع بصوته دون جدوى.. لا ذكريات لي مع الحنين.. لا ذكريات لمن مارسوا لؤمهم في لحظة الغياب؛ من صمتوا هروبا من الواقع الذي يحاصرنا.. ساعات أقف وحدي في زحمة الانتظار.. أتركها تمضي.. وهي تعلم إني أعيش بالأوهام..
انا من أنُسى دون وداع.. كأني لحظة بين شفق البنفسجي والفراق.. وداعا لا يليق بي.. أبحث لوني الضائع.. عن رقصة بالظلام دون داعِ.. عن معلّقة تسرد الواقع.. تبعثرني الافكار.. مضى شهرا وشهران.. أنتظر رسالة تقول بها: كم هي تشتاق؟ فاعيد ترتيب الليل العبثي بشموعِ مصيرها الموت في الصباح..
أنا العابر.. لستُ من هنا أو هناك.. وحدي أنتظر الرحيل.. رماد مبعثر يطير كلما مرت رياح الحنين.. لا حروف الكلمات تحتويني.. ولا الصمت يدركني.. تناقض الخيال مع الواقع.. يعطيها كمال الوصف والصفات..
أنا النرجسي.. بالاساطير وعصري الحجري.. بدائية مفرداتي.. أبحث عن صدى الماضي ليكسر وحدتي ومأساتي على مجرى الماء.. فانتظر الربيع بعد الشتاء.. لعلي أبعث من جديدِ كخرافة من دون أبطال..