العقبة أنموذج حيوي وعصري
حرص جلالة الملك عبدالله الثاني على جعل الأردن بيئة استثمارية جاذبة، وذلك انطلاقا من رؤية جلالته الثاقبة وحرصه الكبير على جعل الأردن أنموذجا حيويا للدولة العصرية، وتبوء مكانة مرموقة على الساحة الدولية، حيث دأب جلالته على التوجيه والمتابعة اتجاه تبسيط الإجراءات المتعلقة بجذب الاستثمارات بمختلف القطاعات على مستوى الدولة.
وما لقاءات جلالته المباشرة بممثلي القطاع الخاص والمستثمرين الأردنيين والعرب والأجانب، إلا مؤشر واضح على اهتمام الدولة الأردنية وجديتها لتهيئة البيئة المناسبة للاستثمار، بما يهيئ البيئة المواتية لتوفير فرص العمل وتحقيق النمو الاقتصادي والتنمية المستدامة التي ستؤثر بالضرورة على حياة المواطن بشكل إيجابي.
وجاء إعلان العقبة منطقة اقتصادية خاصة عام2001 ، ترجمة حقيقية لرؤية جلالته في تحقيق التحول الايجابي في برامج الإصلاح ولاستكمال عناصر البيئة المثالية الحاضنة للاستثمار المتنوع، وشكلت بعدا هاما أمام المستثمرين الذين باتوا يعتبرونها مقصداً لنماء الأعمال وانتعاش السياحة وملاذا آمنا ومنفتحا للأنشطة الاقتصادية لما توفره من سرعة في التنفيذ وعقلية تسعى إلى تجاوز البيروقراطية في الأداء والتجاوب وتلبية المتطلبات للمستثمرين.
وبدخول العقبة الخاصة عاما جديدا بلقاء ملكي سامي برئيس جديد نتمنى له التوفيق والنجاح، كيف لا وهو يرتكز على إرادة وتوجيه ملكي سامي لتحقيق إنطلاقة قوية تعيد للعقبة أنفاسها الطيبة ، فان سقف الطموح اصبح اليوم كبيرا جدا لكي نطلق العنان للأفكار الخلاقة لكي يلمس المواطن والمستثمر وسلسلة الأعمال شيئا مختلفا مع بداية هذا العام الذي بدأه جلالة الملك بلقاء مع الأهل والعزوة في العقبة محافظة ومنطقة اقتصادية ذات أحكام خاصة لكي يستمع إليهم ويدفع بيديه الكريمتين هذا المشروع نحو الأمام ويستمع إلى نبض قلوبهم عن قرب .
ولا شك ان منطقة العقبة الاقتصادية الخاصة رافق مسيرتها إرهاصات ومحطات ووهج، ومحطات أخرى تأرجح فيها الأداء وكدنا ان نصل إلى مرحلة من الإحباط الشديد متكئين على نشوة الإنجاز لسنوات، مضت حملت في طياتها أيضا عظيم المسؤولية عما حدث ويحدث في أروقة سلطة المنطقة الخاصة.
وكي نعظم الفائدة من الاهتمام والدفع القوي من لدن حضرة صاحب الجلالة لمشروع العقبة الخاصة، لتصبح محرك تنموي يلمس آثاره الإيجابية المواطن الأردني أينما كان، وكي لا تذهب مئات الملايين التي أنفقت على المشروع هدرا وبلا نفع، فان الواجب وأمانة المسؤولية تقتضي الإسراع بإعادة تقييم تجربة العقبة من جذورها، بهدف تحييد نقاط الضعف وتعزيز مواطن القوة.
أثبتت التجربة بان الصلاحيات الكاملة تنتزع، ولذلك فان عودة العقبة الخاصة لصلاحياتها امر في غاية الأهمية لتحقيق انطلاقة جديدة وصحيحة، من خلال تفويض مباشر لمعظم الصلاحيات لرئيس السلطة، وإبعاد العقبة كليا عن تنازع الصلاحيات مع أي جهة كانت.
فبعد هذه السنوات من مسيرة العقبة الخاصة يحق لنا ان نطرح جملة من الأسئلة في مقدمتها مدى نسبة الإنجاز الذي تحقق ؟ وهل نجحت الاستثمارات في توظف أبناء المنطقة الوطن؟ وهل تحسنت مستويات معيشة أهل العقبة؟ وهل تدنت معدلات البطالة والفقر ؟ وما مدى إسهام العقبة الخاصة في دفع عجلة الاقتصاد الوطني ؟
ولكي نعزز الثقة بمشروع العقبة الخاصة لا بد لمعالي نايف الفايز وهو الرئيس الجديد لمجلس المفوضين والذي ندعو الله تعالى له بالتوفيق، وقد جاء كخيار استراتيجي يحمل مؤهلات وقدرات تمكنه من تحقيق الهدف، ان يحمل معه سلة الصلاحيات وان يحدد الأهداف ويركز على ترتيب البيت الداخلي لسلطة المنطقة الخاصة ويعيد توضيب معزوفة العمل الجماعي لتحقيق الهدف المنشود، ومن هنا يبدأ النجاح.
العقبة بلا شك كنز اردني ثري بمكنوناته ومكوناته اذا أحسنت إدارته والإفادة منه، ونعترف كغيرنا بانها انطلقت بقوة وحققت على الأرض إنجازات تستحق الإشادة والاحترام، وما يقلقنا هو مواصلة التقدم والإنجاز بالوتيرة والتسارع الذي يتوقعه الجميع، لان العقبة لا ينقصها شيء على الإطلاق ولديها الكثير ما زال غير مستغل .
وختما فان عملية التقييم الشاملة ضرورة ملحة، وبأعلى مستويات المسؤولية والواجب كي تنسجم الرؤية مع الواقع وكي نقطف بحق ثمار تجربة فريدة من نوعها في منطقة خصبة بالعطاء ونزف للوطن عروس البحر الأحمر كأجمل هدية يقدمها القائد لكل الشعب فلا توجد قرية في الاردن الا ولها من يمثلها في العقبة .
لنبني على ما غرسه جلالة الملك ويتابعه سمو ولي العهد