بدنا واحد مقنع يتحندرلها صح!!!
لازلت أذكر حديث أحد رجالات بلدتي بيت يافا في الانتخابات النيابية (عام 1989) وهو يتحدث أمام جمع من أبناء البلد والموازرين لمرشحنا طلال عواد في ذلك الوقت عليه رحمة الله،
قال مُوَجَّه الكلام الى الحملة الإنتخابية ، أنا ما بعرف أسولف زيكم ولا بعرف بالسياسة و الدبلوماسية التي تتحدثون عنها،
ولكن ما سمعته يوم أمس!!! في أحد المقرات الإنتخابية يجب أن لا يمر مرور الكرام!!!
بدنا واحد من المتعلمين صح يشفي غليلنا و(يتحندرلهم ) ويرد عليهم بالعلم والمعرفة والاقناع ويحكي عن مهام مجلس النواب وما هو الفرق بين مرشحهم ومرشحنا أبو عمار...
رغم صغر سني في ذلك الوقت وعدم معرفتي أصلا لماذا قيل هذا الكلام !!!
ولماذا يرمز!!
وما هي الانتخابات أصلا !!!
الا أن كلمة( يتحندرلهم) ما زالت تدق مسامعي!!! وخصوصا عندما أتابع شخص يبحر في كل شيء ويتحندر لكي شيء!!!
بصراحة من منغصات الأمور عند المواطنين و طابع التكرار الممل أن تجد أحدهم يطل علينا على فترات، فيحدثنا تاره بالشأن السياسي مع انه لم يكن ليوم ابن السياسة ولا يجيدها أصلا فيقع بسقطات لا تغتفر ، ويطل بعدها فيتحدث بالشأن بالاقتصادي ،وأخرى بالعسكري فيكتب له الرفض في القلوب دون سبب..
..
وأعمق من ذلك قد يتحول الى شخص توعوي ارشادي حراكي وصي ينطق باسم الجميع فيصبح مذموما حتى من المقربين منه ومن مجاله الذي يحترم....
بصدق يراودني أستفسار وانا اتابع كلام هَؤُلاء ؟؟
هل يمكن لاي شخص أن يكون خبيرا في كل شيء وينجح في ذلك؟؟؟
وأن كان كذلك فمتى عليه ان يتحدث؟؟
ومتى عليه أن يلتزم الصمت؟؟؟ ويدع لغيره مجال للحديث؟؟؟
جميل جدا عندما تمر البلد بأزمة اقتصادية أن يتصدر المشهد أهل الإقتصاد والعلم والمعرفة فيقتنع المواطن بلغة الأرقام والميزانيات لا بلغة المغالطات والحبركات والفبركات ،
وأجمل من ذلك عندما تمر البلد بعارض أمني أو عمل إرهابي أن نطرب لكلام من قدم للوطن بصدق من أبناء العسكر ونفتخر ببطولاتهم فَيَزْدَادُ بداخلنا الانتماء ونرسخ ذلك للأجيال القادمة ،
وجميل كذلك عندما يتعلق الأمر بالشأن الدولي أن تجد وزيرًا صلباً قوياً شجاعاً شرساً يدافع عن الدولة وسلامتها وهيبتها ....
بصدق من خلال متابعتي لواقعنا اليومي : أجد غيابا للقدوات وأهل البيت والاختصاص وخصوصا في وقت المحن ، لا بل كثير منا ملّ تكرار الوجوه وتدوير المناصب وحتى خروجهم على منصات الإعلام بسبب ودون سبب..
هنالك مقوله مُريحة ومُواسيًة أحبها يقينًا من كأن ذات يوم جزء من المشكلة عليه أن لا يتطوع ليكون جزءمن الحل..،
صدقوني أصبح حديث البعض المكرر على الشاشات نوع من روافد منغصات الامورفعندما تتابع برنامج يُبث على أحد القنوات، وتجد رجل الدين يتحدث بالأمر السياسي أو العكس ، والسياسي يتحدث بالامر الاقتصادي والعسكري يتحدث بالامر الاقتصادي، ولاتجد من يتحدث بلغة الإقناع والحجة والبرهان إلا من رحم ربي..تصمت وتقول أصبح المهم في الاستضافة القب الذي يسبق الأسماء والباقي تفاصيل !!!
عندما أراد سيد البشر محمد عليه أفضل الصلاة والسلام بناء الدولة ، وقرر وأن يرسخ لبنيانها مبادئ وثوابت قوية وأسس تنطلق من رسالتها وأهدافها ورؤيتها الى العالم أجمع ..
منح لكل صحابي ما يناسبه من مهام حسب قدرته ومكانته ولم يهمل أحدا...
فجعل من بِلَالٌ بنُ رَبَاح المتعبد المتجرد ، عتيق الصديق ذي الفضل والسماح فكانا يحترم ، فكان بلال أول مؤذن في الإسلام، وجعل من خالد بن الوليد سيفا من سيوف الله لا يستطيع أحد أن يسبقه ويشق غبار فرسه ،ومنح أبي سفيان يوم فَتْحُ مَكَّةَ وكان من الرجال المعدودين الذين يُشار إليهم بالقوة والزعامة وحسن القيادة ما يريح قلبه ويحترم هيبته فاخذ بوصية عمه العباس حين قال له يا رسول الله إن أبا سفيان رجل يحب الفخر والتوجيب ، فلو جعلتَ لَهُ شيئًا فقال سيدنا محمد نعم يا عماه «ومن دخل دار أبي سفيان فهو آمن، وبذلك انزله منزلته كما يحب ويرضى ...
.
اليوم ما أحوجنا الى السير على هذا النهج السليم، ما أحوجنا الى قادة ثقات نقتبس من نهجهم معنى الوطن، لهم في مكانتهم عنوان يحترم ،
ما أحوجنا إلى من يُحدّثنا بصدق القلوب لا بتزييف العقول واستغفالها !!
ما أحوجنا الى بنّاء الدولة تحت عنوان لكل مخلص نصيب ،
ولكي يكبر الوطن بأهله ولا ينتقص أحد أو يشعر بأنه منبوذ يسود بيننا قانون( الشخص بمحله قنطار) ...!!!
اليوم ما أحوجنا الى بيعة صادقة وفتحُ جديد يكون عمادها الثقة والشعور بالاطمئنان والإصلاح ومعالجة البيئة الحاضنة لموجات التردي التي أنتجت أشكالاً من الغلاة والغزاة والطغاة والسماسرة والمحتكرين والمزورين وغاب فيها إحترام الصالحين وتقديرهم ....
رغم ذلك ما احوجني الى تكرار ما زال على هذه الأرض ما يستحق الحياة والحب والعمل والإنجاز بعون الله....