الاعلام اولى بالرعاية والحماية من الحكومة يا رئيس مجلس النواب
كتب أحمد الحراسيس -
صحيح أن أداء مجلس النواب خلال العقدين الأخيرين تراجع حتى بلغ أدنى مستوياته في هذه الدورة، وصحيح أن هذا الأداء البائس قد أوصل الشعب إلى حالة من السلبية دفعته للكفر بكلّ الانتخابات البرلمانية والبلدية وكلّ العملية السياسية، لكنّ هذا لا يتيح للمجلس أن يسلب وسائل الإعلام حريّتها وحقّها في التغطية الصحفية، ولا أن يسلب المواطن حقّه بالمعرفة والاطلاع على كلّ ما يجري في أروقة البرلمان.
اليوم، وعلى نحو غير مفهوم ولا مبرر، أعلن مجلس النواب اغلاق اجتماعات اللجنة المالية لبحث مشروع قانون الموازنة العامة لسنة 2023 أمام وسائل الإعلام، وذلك في خطوة تثير الكثير من علامات الاستفهام والتعجب! فلماذا تُغلق الجلسات؟ ما هو السرّ الذي قد يملكه نائب أو وزير أو مدير ويمكن أن يهدد الاقتصاد الأردني أو الأمن الوطني؟! ما الذي يمكن أن يُقال في اجتماعات اللجنة ولا يريد رئيس اللجنة أو رئيس المجلس ظهوره للعلن واطلاع الرأي العام عليه؟! هل يخشى النواب على سمعتهم وصورتهم أم على صورة الحكومة؟!
قبل ذلك، كان البرلمان قد عقد جلسة ناقشت الاحتجاجات التي شهدتها المملكة مؤخرا، وقد قررت رئاسة المجلس بشكل مفاجئ إغلاق الجلسة عن وسائل الإعلام، في محاولة لتخفيف الضغط على الحكومة والتقليل من حدّة الانتقادات النيابية، فحتما اللغة والممارسات في الغرف المغلقة تختلف عنها في العلن وتحت الأضواء..
في سياق الحديث عن أداء رئيس مجلس النواب والملاحظات عليه، لا بدّ من التأكيد على أن واجب الرئيس ينحصر في ادارة الجلسات وتسييرها ومراقبة الالتزام بالنظام الداخلي وتطبيقه، أما الردّ على المداخلات والتعليق عليها ومحاولة تفنيدها فهذا ليس من واجبه ولا من حقّه، فإذا أراد الصفدي تقديم ملاحظة أو التعليق على مداخلة لزميله فعليه أن يترك كرسيّ الرئاسة لنائبه ويجلس بين زملائه ويطلب الحديث ويقدّم ما يجول في خاطره، وله في أسلافه من رؤساء المجلس أسوة حسنة..
بالأمس، وخلال القراءة الأولى لمشروع قانون الموازنة، حاول النائب فواز الزعبي انتقاد أداء وزير المالية الدكتور محمد العسعس قائلا "الوزير يعرف أنه سيخرج من الحكومة هذه السنة أو التي تليها"، فما كان من الصفدي إلا مقاطعته والردّ مباشرة عليه: "هاي ما بسمحلك فيها .. تحكي عن وزير مقدر ومحترم .. الله يعينه ... جهوده مشكورة بظلّه بالمكتب للساعة 11 بالليل"، وهنا لا ننكر على الصفدي الإشادة بوزير المالية، لكن ليس من على كرسي الرئاسة وردّا على نائب مارس حقّه وواجبه بالانتقاد، فهذا ليس دور الرئيس!
وفي الجلسة الأولى من عمر الدورة الحالية، شكا النواب من انعدام التشاركية بين الحكومة والمجلس، كما شكوا التهميش والتجاهل غير الاعتيادي من قبل المسؤولين الحكوميين بمختلف درجاتهم، إلا أن الصفدي ظلّ يكرر طوال الجلسة بأن التشاركية موجودة وقائمة ويلمح إلى أنها في أفضل مراحلها، قبل أن يعود النائب سالم العمري ليؤكد صراحة أن العلاقة في اسوأ مراحلها بل وأن "تعامل رئيس الوزراء مع النواب اختلف" منذ بداية الدورة العادية ومع قدوم الرئاسة الجديدة!
الأصل بالنواب أن يكونوا الأكثر حرصا على حرية الصحافة، فهي سلطة رقابية كما هو البرلمان، والأجدر بالصفدي أن يكون الأكثر حرصا على الشفافية، سيّما وأن وسائل الإعلام هي حلقة الوصل بين النواب وقواعدهم، والسبيل ليعرف الناس انجازات ممثليهم ومستوى أدائهم، وهي السبيل الوحيد ليعرف أعضاء المجلس اتجاهات الرأي العام وموقف الشعب من المجلس وأدائه.
على الصفدي أن يتلمّس حالة الاستياء العام بين الصحفيين، وأن يثبت حرصه على الشفافية في عمل المجلس، ويثبت استقلالية المجلس، سيّما وأن الحديث يشير إلى أن اغلاق الاجتماعات عن الإعلام جاء بطلب حكومي لم يعترض عليه النواب!