باحث يرجح أنها تعود للحرب العالمية الأولى.. هذا ما كشفته مقبرة جماعية عسكرية في القدس
بمحض الصدفة اكتشف راعي فلسطيني مقبرة عسكرية جماعية تضم رفات 14 شخصا بمنطقة الجبل في "بيت حنينا البلد" الواقعة خلف الجدار العازل بعد سماعه نباح كلاب كثيفا بجوار منزله.
شاهد المزارع تجمهرا للكلاب في الأرض الزراعية وهي تنبش التربة وتُخرج عظاما منها، فاتصل بالشرطة الفلسطينية التي تواصلت بدورها مع رئيس بلدية بيت حنينا محمود النجار.
في حديثه للجزيرة نت قال النجار إنه توجه إلى منطقة الجبل، وهناك شاهد تجمعا للمواطنين مع الشرطة التي بدأت بتجميع الجماجم والعظام وتوثيقها بالصور.
وفي اليوم التالي توجهت الشرطة الفلسطينية وعدد من الباحثين إلى المكان وعملوا في الموقع لساعات، قبل أن يقتحم جيش الاحتلال المنطقة ويمنع استكمال أعمال الحفر والمسح ويغلقها بالشريط الأحمر والأبيض التحذيري.
وأكد النجار أن هذه هي الحادثة الأولى من نوعها في بيت حنينا البلد، لكنه أشار إلى أن بعض كبار السن ممن رحلوا وردت على ألسنتهم قصص عن وجود معسكر للجيش الأردني في منطقة الجبل.
ذخائر وبزات ألمانية وعثمانية
بدوره، شارك الباحث في تاريخ ومعارك الحرب العالمية الأولى في فلسطين خالد عودة الله -الذي ينحدر من بلدة بيت حنينا- في عملية مسح وحفر موقع المقبرة الجماعية العسكرية المكتشفة.
ورجح عودة الله من خلال منشور وصور نشرها على صفحته في فيسبوك أن المقبرة تعود إلى الحرب العالمية الأولى، وأن الهياكل العظمية تعود لجنود عثمانيين أو ألمان، ولا يمكن استبعاد أن تضم رفات جنود بريطانيين أيضا.
ومن العلامات الدالة على الهوية العثمانية الألمانية للجنود -حسب عودة الله- العثور على مشط 5 طلقات لبندقية "ماوزر" بجانب الجثث، بالإضافة إلى أزرار بزة عسكرية ألمانية أو عثمانية بـ3 ثقوب، وخراطيش من عيار 92×57 ملم ماوزر الألمانية العثمانية مصنوعة عام 1915، وصاعق قنبلة القرص اليدوية الألمانية (السلحفاة).
دلائل بريطانية
أما العلامات الدالة على الهوية البريطانية للجنود المدفونين في المقبرة -وفقا للأكاديمي عودة الله- فهي أزرار بزة عسكرية بـ4 ثقوب وخراطيش إنجليزية ومشط ذخيرة بريطانية مصنوعة عام 1917 لبندقية المشاة الرئيسية في الجيش البريطاني "لي إنفيلد"، كما عثر في المقبرة على كرة رصاصية لقذيفة شاربنل المضادة للأفراد، والتي لا يمكن تحديد هويتها.
ولا يمكن -وفقا لعودة الله- الجزم بكون المقبرة تحوي رفات جنود إنجليز، لأنه في كثير من الحالات قام الجنود العثمانيون بارتداء زي جنود الإنجليز القتلى بعد اهتراء بدلاتهم العسكرية العثمانية.
وبشأن التاريخ الدقيق لمقتل الجنود هناك احتمالان، الأول: بالقصف المدفعي خلال محاولة الإنجليز الأولى قطع طريق القدس نابلس في منتصف نوفمبر/تشرين ثاني عام 1917، والآخر: خلال الهجوم المضاد العثماني الألماني بداية ديسمبر/كانون الأول 1917 بعد احتلال القدس من قبل الإنجليز يوم الثامن من الشهر ذاته.
فريق أردني يفحص ويتابع
وبعد ساعات من اكتشاف المقبرة العسكرية أصدرت القيادة العامة للقوات المسلحة الأردنية- الجيش العربي بيانا جاء فيه أن القوات المسلحة وبالتنسيق مع وزارة الخارجية وشؤون المغتربين تتابع خبر العثور على 15 رفاتا يعتقد أنها تعود لجنود أردنيين استشهدوا في بلدة بيت "حنينا التحتا" شمال مدينة القدس خلال المعارك التي خاضها الجيش العربي في حرب يونيو/حزيران 1967.
وأكد مصدر عسكري مسؤول في القوات المسلحة الأردنية أنه تم إرسال فريق عسكري بالتنسيق مع الجهات المعنية لإجراء الفحوصات اللازمة لمعرفة هوية الرفات، إلا أنه من المبكر الحكم على هويتها لأسباب فنية وطبية تتطلب المزيد من الفحوصات المخبرية، مع الإشارة إلى أن نتائج أي فحوصات أو جهود تبين هوية الرفات سيتم الإعلان عنها لاحقا.
الطب العدلي: نفحص الرفات
بدورها، باشرت النيابة العامة الفلسطينية إجراءات التحقيق، فيما بدأت الشرطة إجراءات البحث والتحري في الواقعة.
وفي خبر نشر على الموقع الإلكتروني للشرطة الفلسطينية ذكر الناطق الإعلامي باسم الشرطة العقيد لؤي ارزيقات أن النيابة أمرت بإحالة الرفات إلى معهد الطب العدلي لاستكمال الإجراءات اللازمة حيال ذلك.
ووفقا لمعهد الأبحاث التطبيقية- القدس (أريج)، فإن بيت حنينا البلد صنفت أراضيها "ب" و"ج" وتقدر مساحتها بـ4187 دونما، منها 1629 قابلة للزراعة و250 أراضٍ سكنية.
ويقدر عدد السكان بـ1700 نسمة، وفقا لرئيس البلدية محمود النجار الذي ختم حديثه للجزيرة نت بالقول إن الحوض الذي اكتشفت فيه المقبرة الجماعية رقمه "13" ويقع في منطقة الجبل، وغير بعيد عن قطعة الأرض التي زرعت فيها 300 شجرة زيتون تكريما لروح مراسلة الجزيرة الراحلة شيرين أبو عاقلة.