كانت تعلم .. تفاصيل جديدة عن ملكة العملات المشفرة المختفية منذ سنوات

 
"في غضون عامين، لن يتحدث أحد عن البيتكوين بعد الآن"، هكذا قالت روجا إغناتوفا التي وصفت نفسها بأنها "ملكة العملات المشفرة في عام 2016، قبل أن تختفي تماما عن الأنظار في أكتوبر 2017، بعد أن جمعت ما يقرب من 4 مليارات دولار من عملة "وان كوين".

ومنذ اختفاءها، أدرج مكتب التحقيقات الفيدرالي الأميركي، إغناتوفا (42 عاما)، الألمانية البلغارية، ضمن قائمة أكثر 10 مطلوبين في العالم بتهمة الاحتيال، لتصبح المرأة الوحيدة حاليا في القائمة، كما أنها واحدة من أكثر المطلوبين في أوروبا.

 
وفي بيان أصدره الشهر الماضي، قال كبير المدعين العامين في نيويورك، داميان ويليامز، إن "إغناتوفا وشركاءها خدعوا ضحايا لم يشكوا في وعدهم بتحقيق أرباح، وأن "وان كوين" سيكون "قاتل بيتكوين".

وأضاف: "في الواقع، كانت عملة وان كوين عديمة القيمة تماما، واختلقوا الأكاذيب لحث الناس في جميع أنحاء العالم على التخلي عن أموالهم التي حصلوا عليها بشق الأنفس".

وتقول وثائق المحكمة إن إغناتوفا كانت تعلم أن الأمر "خدعة" منذ البداية، مشيرة على أن هذا موثق برسائل بريد إلكترونية مع شريكها كارل سيباستيان غرينوود.

ففي رسالة تعود إلى عام 2014، اعترفت إغناتوفا بأن هذه العملة ليست "عملا نظيفا أو حتى أفخر به".

ووصف شريكها المؤسس لهذه العملة، كارل سيباستيان غرينوود، العملاء بأنهم "أغبياء" و"مجانين"، في رسالة إلكترونية لشقيق إغناتوفا الذي شارك في عملية الاحتيال، كشفت أنهما كانا يعلمان بالأمر، ووصفا عملتهما بأنها "تافهة".

وبدا من الرسائل أنه لم يكن من هدف لدى إغناتوفا وعند شركائها سوى جمع المال، حتى أنها اقترحت استراتيجية الهروب في حال فشل الشركة، في رسالة إلكترونية لغرينوود، وإلقاء اللوم على شنخص آخر.

وسلط تقرير لشبكة "سي أن أن"، الأحد، الضوء على حياة إغناتوفا التي كانت، منذ صغرها، تريد أن تتحول من حياتها المتواضعة إلى الثراء السريع الفاحش.

ولدت إغناتوفا في بلغاريا، حيث كان والدها مهندسا ووالدتها معلمة، ثم انتقلت الأسرة إلى ألمانيا لتبرز كطالبة متفوقة كانت تقضي وقت فراغها في الدراسة ولعب الشطرنج، قبل أن تحصل على منحة دراسية في إحدى جامعات كونستانس بألمانيا، حيث التقت وتزوجت من زميلها في القانون، بحسب جيمي بارتليت، الذي نشر العام الماضي، كتابا عنها بعنوان "ملكة التشفير المفقودة".

ويقول بارتليت إن "إغناتوفا أكدت أنها لا تريد أطفالا، لأنهم سيعترضون طريقها في اكتساب الثروة، كما أخبرت أخرين بأنها تريد أن تصبح مليونيرة في سن الثلاثين".

وكتب بارتليت: "لقد أرادت بشدة أن تكون غنية، حتى أنها كانت تلتهم كتبا عن كيفية جني الأموال".

بعد دراستها القانون الأوروبي في جامعة أكسفورد، حصلت على وظيفة مستشارة في شركة الاستشارات الدولية "ماكينزي".

وطدت إغناتوفا علاقتها بالعديد من العملاء، وساعدها على ذلك إتقان لغات عدة، بما في ذلك الروسية والألمانية والإنكليزية والبلغارية.

كانت المظاهر مهمة بالنسبة لإغناتوفا، التي غالبا ما كانت تحضر المناسبات بفساتين السهرة وأحمر الشفاه الساطع، مع ألماس متدلي من أذنيها.

في عام 2014، بدأت إغناتوفا وغرينوود، في الترويج لـ"وان كوين" للمستثمرين في أوروبا ونيويورك وحول العالم، واستضافا ندوات ومؤتمرات عبر الإنترنت، مشجعين المستثمرين المحتملين على إيداع الأموال في حساب من شأنه أن يتيح شراء العملة الافتراضية.

ووعدت الشركة، المستثمرين بعائد من خمسة إلى عشرة أضعاف العملات المشفرة الأخرى مثل البيتكوين.

ومن أجل حث ضخ المزيد من الأموال وشراء العملة، عملت الشركة على شبكة تسويق هرمية متعددة المستويات، يتلقى فيها المستثمرون عمولات لتجنيد آخرين لشراء حزم العملات المشفرة، بداية من "المبتدئين" إلى "التاجر النشط".

بين نهاية 2014 إلى نهاية 2016، أنفق العملاء أكثر من 4 مليارات دولار لشراء هذه "العملة"، حسبما قال المدعون الفيدراليون، مشيرين إلى أن 50 مليون دولار كانت من مستثمرين في الولايات المتحدة، وفقا لوثائق المحكمة.

وبينما كانت "بيتكوين" تقوم بالتعدين من خلال أجهزة حواسيب، كانت عملة إغناتوفا "لا تقوم بالتعدين"، حسبما ذكرت في رسالة بريد إلكتروني إلى غرينوود في أغسطس 2014، حيث لم تستند "وان كوين" إلى العرض والطلب مثل العملات المشفرة الأخرى، "ولكن تم التلاعب بها من قبل الشركة نفسها" بحسب المدعين الفيدراليين.

 
بدأت الشركة في الانهيار في 2016، عندما واجه المستثمرون صعوبة في بيع ما معهم من عملات "وان كوين" الخاصة بهم لاسترداد استثماراتهم الأصلية، مما أثار الشكوك بأن العملية كلها عبارة عن "احتيال"، ثم بدأت وسائل الإعلام في طرح الأسئلة، وبدأت التحقيقات في الولايات المتحدة ودول أخرى.

ليس من الواضح ما حدث لزواج إغناتوفا، لكن مكتب التحقيقات الفيدرالي ذكر أن إغناتوفا علمت بأن صديقها الأميركي يتعاون مع مكتب التحقيقات الفيدرالي بشأن "وان كوين"، فهربت من الولايات المتحدة.

في أكتوبر 2017، وجهت وزارة العدل الأميركية تهما إلى إغناتوفا، بالتآمر لغسل الأموال والاحتيال في الأوراق المالية، وهي تهم يعاقب عليها القانون بالسجن لمدة أقصاها 20 عاما.

في نهاية أكتوبر من نفس العام، كانت آخر رحلة معروفة تستقلها إغناتوفا من بلغاريا، إلى اليونان، ثم اختفت تاركة شركائها في العمل.

يعتقد مكتب التحقيقات الفيدرالي أن إغناتوفا ربما سافرت بجواز سفر ألماني من أثينا أو الإمارات العربية المتحدة أو ألمانيا أو روسيا أو أوروبا الشرقية أو حتى عادت إلى بلغاريا، عارضا مكافأة قدرها مئة ألف دولار لمن يدلي بمعلومات تؤدي إلى القبض عليها.

وفي الجزء السفلي من إعلان المكافأة، يذكر مكتب التحقيقات الفيدرالي، أنه "يُعتقد أن إغناتوفا تسافر مع حراس مسلحين أو شركاء. ربما خضعت لعملية جراحية تجميلية أو غيرت مظهرها بطريقة أخرى".

لم يحالف الحظ شركاءها، حيث تم القبض على غرينوود في يوليو 2018 في منزله في تايلاند، وتم تسليمه إلى الولايات المتحدة. وأقر بأنه مذنب في ديسمبر بتهم الاحتيال، والتآمر لارتكاب الاحتيال، والتآمر لغسل الأموال.

يوجد غرينوود حاليا في السجن، ويواجه عقوبة السجن 20 عاما لكل من التهم الثلاث.

أما شقيقها كونستانتين، فقد اعتقلته السلطات الأميركية في مارس 2019 في مطار لوس أنجلس الدولي.

وقال بارتليت إن "كونستانتين، سافر إلى الولايات المتحدة في رحلة عمل وكان يستعد لصعود رحلة العودة إلى بلغاريا عندما قام خمسة رجال بتقييد يديه واقتادوه إلى غرفة التحقيقات، حيث أمطروه بأسئلة عن شقيقته المفقودة".

واعترف شقيقها بأنه مذنب في التآمر على الاحتيال وغسل الأموال. ومن المقرر أن يصدر الحكم عليه الشهر المقبل، بحسب "سي أن أن".

الحرة