نشاطات السفير السعودي.. بين المهنية والدبلوماسية
تبدو السيرة الذاتية لسفير المملكة العربية السعودية الشقيقة رغم أقتضابها وقلتها تحملُ في طياتها خبرة ممتدة في العمل الدبلوماسي المهني والاكاديمي الصرف حيث انه حاصل على الماجستير في العلوم السياسية وحياة مهنية حافلة بين العمل في الأمم المتحدة والسفارات عدا عن قدراته الكتابية الادبية والتي تتيح له مجالاً واسعاً لأدراك الحساسيات السياسية والدبلوماسية والامنية لأي تحركات يقوم به اشخاص او هيئات في الدول المختلفة ...عدا عن البعد الأجتماعي والقبلي الذي ينتمي له سعادة السفير الذي يجعله متبحراُ ومدركاً للتفاصيل والحدود التي تجعل من المضيف صبوراً صامتاُ تقديراً لعقود من الأخوة والتلاقي والتنسيق ...بهذه الخلفية والعقلية لن يفوت بديهة سعادة السفير السعودي أن الأردن ليس لبنان وأن توصيف الشعب الأردني لا يمكن ان يكون كتوصيف الشعب اللبناني الذي نحترم ونجل ..ولكن المقصود هنا أن الأردن لا تتعدد طوائفه ولا مذاهبه حتى يكون للدول الأخرى رعاياها التي تجهد لحمايتهم ولتكون وصية عليهم وتضمن حقوقهم فلا طائفة سنية لدينا حتى تجهد العربية السعودية لحمايتهم ولا طائفة شيعية حتى تجهد ايران لحمايتهم ..هذه أولى الأسباب التي تجعل المهنية الدبلوماسية والأكاديمية لأي سفير ودبلوماسي في الخلف وراء القواعد والمشهد السياسي الذي يحكم الدولة المضيفة فتسوية وتنظيم العلاقات الدولية وبالذات بين الاشقاء والأخوة لا تحكمه فقط قواعد العمل الدبلوماسي بل تستند الى جوانب أخرى من ضمنها القواعد السياسية التي تحكم مؤسسات وهيئات العمل السياسي والاجتماعي والنقابي والاقتصادي في البلد المضيف . وكما ان الأردن ليس لبنان فأنه كذلك ليس دولة كبرى لكي ينشط السفراء والدبلوماسيون لتشكيل لوبيات ضغط داعمة لهذه الدولة او تلك القضية من خلال إقامة الفاعليات والنشاطات والعزائم والحفلات وهذه ثاني الأسباب التي تجعل من المهنية الدبلوماسية في الخلف في دولة مثل الأردن .فعمان معتدلة وواضحة في علاقاتها وهي ليست عاصمة معقدة وتتطلب حرفية ودهاء كعاصمة مثل بيروت تتعدد فيها الولاءات والانتماءات والاعطيات ولا واشنطن حتى يُسعى فيها لكسب او دعم لقضية ما او صفقة تجارية او عسكرية .
ان مناسبة هذا الحديث هو النشاطات والدعوات التي يقوم بها ويلبيها السفير السعودي في كافة ارجاء الأردن، والتي أثارت تساؤلات المراقبين والسياسيين والصحفيين ..والتي لا بد ان تكون وصلت مسامع سعادة السفير هي وأمتعاضات الدولة الأردنية منها ..أن كان عبر أصدقائه او سلكه الدبلوماسي او حتى عبر القنوات الأمنية الخاصة بدولته ... فالدبلوماسي الناجح هو الذي لا تفوته شاردة ولا واردة فهو يمثل بلده وشعبه وتصرفاته التي يعمل بها لا تحسب عليه فقط بل تحسب على بلاده كذلك. فيا ترى ما سر نشاطات السفير السعودي وهل تحمل اسرار أزمة صامتة بين الأردن والسعودية ؟
ولماذا تزداد وتيرتها وهل تتحول لتحركات وحراك ...؟ وما أسبابها والداعي لها ...ولماذا تنشط الدبلوماسية السعودية في الأردن بعدما كانت تتصف بالهدوء والحذر واللطافة واللباقة الدبلوماسية ؟..لن نخوض طويلا في أسباب الازمة السعودية الأردنية لكن سنعرج عليها قليلا ...فالخطأ الاسترتيجي الذي ارتكبته القيادة والدبلوماسية الأردنية في المشاركة والاطاحة بنظام صدام حسين ومن ثم كذلك المشاركة في اضعاف الدولة السورية ...جعلها وحيدة في مواجهة الحلف والمتطلبات الخليجية بعد ان كانت عمان تجيد لعبة التوازنات ما بين المحاور والعواصم العربية ..فاليوم بعد تلاشي قوة بغداد ودمشق القاهرة ام تعد عمان ولا الدبلوماسية الأردنية ان تبلغ السفير السعودي امتعاضها وتبرمها من تحركاته ونشاطاته وهي الدولة التي لم تعتد مثل تلك التحركات وبالذات من قبل دول إقليمية فعمان ليست بالدولة الرخوة ولا المكشوفة والمفتوحة لفرض نوع من الامتدادات والتأثيرات على داخلها ..
ربما احد الأسباب الرئيسية للأزمة الصامتة بين الأردن والسعودية هو سجن المدعو باسم عوض الله وهو خطأ تتحمله النخب السياسية في المملكتين بعدما تبين اقله للدولة الأردنية مدى عمالته للخارج ودوره في تخريب الاقتصاد الأردني، وهو شان لا دخل للشعب الأردني به .أذا ان المدعو عوض الله كان يمارس دوره القيادي بعيدا عن أي صيغة ديمقراطية تعطيه تمثيلا شعبيا ...ويبدو ان السعودية لن تنهي غضبها الصامت تجاه الأردن الا بعد الافراج عن العميل عوض الله .
يبدو ان الازمة الصامتة بين السعودية والأردن ممتدة ومفتوحة على مصراعيها وما تداعيات رسالة النائب السابق محمد الفايز وتصريحات وزير المالية السعودية احدى تجلياتها .